الدراما لها دور كبير فى تشكيل الوعى ونقل القيم الثقافية والاجتماعية، فالدراما ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هى قوة قادرة على إحداث تغيير حقيقى فى الأفراد والمجتمعات، أرسطو الملقب بأبو الدراما يقول: «الفن مرآة تعكس الواقع، لكنه ليس مجرد انعكاس، بل إعادة تشكيل وإبداع». فالعمل الفنى أداة قوية لتشكيل الوعى وتعزيز القيم المجتمعية. والبداية دائما تكون باختيار موضوع يعكس قضايا المجتمع، سواء كانت اجتماعية، سياسية، إنسانية أو ثقافية. ويكون الموضوع قريبًا من الجمهور ويحمل رسالة واضحة. يقول العظيم تشيكوف: «الدراما تجعلنا نشعر بما لم نشعر به من قبل، وترينا العالم بعيون مختلفة». فالشخصيات المقدمة فى العمل الدرامى هى القلب النابض لأى عمل وتعبر عن تناقضات النفس البشرية، وتجعل المشاهد يتعاطف معها أو يفهم دوافعها. من دون أن ننسى فالدور الرئيسى للدراما أن تحقق التوازن بين الترفيه والرسالة فالفن ليس مجرد متعة، بل هو أداة تغيير، قادر على تحريك العقول والقلوب. وليس وسيلة للوعظ أو التلقين، بل يمزج بين الترفيه والفكرة العميقة، من أجل أن يستمتع المشاهد بالعمل ويتفاعل مع رسالته بشكل طبيعي. فكل عمل درامى يحتاج إلى صراع محكم، سواء كان داخل الشخصيات أو خارجيًا بين الأفراد والصراع هو ما يجعل القصة مشوقة وقادرة على إثارة التساؤلات والتأمل. بالتوازى لابد من مراعاة المسئولية الاجتماعية للفن فإذا أردت أن تفهم مجتمعًا، فشاهد أعماله الدرامية، فهى تعكس آماله وآلامه. وهو الأمر الذى يجب أن يكون لدى صناع الدراما وعى بأن أعمالهم تؤثر فى المجتمع، وعليهم تقديم قصص تحترم ثقافة الجمهور وقيمه، دون الترويج للعنف أو التشويه غير المبرر. الدراما قوة ناعمة قادرة على تشكيل الوعى المجتمعى والتأثير فى القيم والثقافات. وقد شهدت الأعمال الدرامية فى موسمها الحالى تنوعًا فى الموضوعات والأساليب، فظهرت بعض التحديات التى أثارت الجدل حول تأثيرها السلبى على الجمهور، خاصة فيما يتعلق بنشر العنف، وتشويه صورة المجتمع، وتقديم محتوى لا يعكس القيم الحقيقية. هنا يأتى دور الدولة فى تصحيح المسار، ليس من خلال فرض القيود التعسفية، بل عبر التوجيه والدعم والتشجيع على إنتاج أعمال هادفة. تصحيح مسار الدراما ليس مسئولية الدولة وحدها، بل هو عمل مشترك بين المبدعين، والمنتجين، والجمهور. لكن الدولة تلعب الدور الأهم فى رسم السياسات، وتقديم الدعم، ووضع الضوابط التى تضمن أن تكون الدراما أداة للتنوير والتغيير الإيجابي، وليست مجرد وسيلة للترفيه العابر أو الربح السريع. عندما تتكامل الجهود، يمكن للدراما أن تصبح مرآة حقيقية للمجتمع، تعكس أجمل ما فيه، وتساعده على تصحيح مساره نحو مستقبل أفضل.