◄ أنس الفقي : دراما «قاع المجتمع» تشويه متعمد للعادات والتقاليد.. وتنشر ثقافة «التوك توك» ◄ أستاذ علم اجتماع: أعمال العنف تدفع الجيل الحالي للتقليد الأعمى ل«نجوم البلطجة» ◄«قطايف سامح حسين» محتوى هادف انتزع إعجاب رواد السوشيال ميديا واستحق التكريم من الدولة وسط زخم الدراما الرمضانية التي تُبهر المشاهدين بشاشات ملونة وقصص مشوقة، تظهر تحديات لا تُغفل تتعلق بالقيم والمبادئ التي تشكل مجتمعاتنا. فالدراما لم تعد مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبحت نافذة تطل منها الأجيال على أفكار وسلوكيات تساهم في تشكيل الوعي المجتمعي. ومع ذلك، ماذا يحدث عندما تحمل هذه النافذة مشاهد العنف والخيانة؟ وما هو الأثر الذي تتركه على القيم المجتمعية الراسخة؟ «بوابة أخبار اليوم » تلقي الضوء على تأثير هذا النوع من الدراما الرمضانية لعام 2025 بأمثلة حية تعكس واقع الدراما الرمضانية لعام 2025 والتي أثارت جدلاً واسعاً حول تأثيرها على قيم المجتمع، خاصة تلك التي تحتوي على مشاهد العنف والخيانة. يمكن تلخيص تأثيراتها في النقاط التالية: - القيم السلبية: - العديد من المسلسلات الرمضانية ركزت على تصوير شخصيات فاسدة أو خائنة، مما قد يؤدي إلى تطبيع هذه السلوكيات في أذهان المشاهدين، خاصة الشباب. مثال على ذلك، مسلسل «العتاولة 2» الذي تناول قضايا اجتماعية واقتصادية في حي شعبي، لكنه أظهر صراعات عائلية قد تعزز من الفجوة بين الأجيال. - تأثير على الهوية والقيم الأسرية: - بعض الأعمال الدرامية قدمت نماذج أسرية مفككة، مما قد يضعف من القيم الأسرية التقليدية ويعزز الشعور بالغربة الاجتماعية. - مسلسل «سيد الناس» تناول تحديات الحياة اليومية ولكنه أظهر العلاقات الإنسانية بشكل قد يثير الجدل حول القيم المجتمعية. - تطبيع العنف والخيانة: - مشاهد العنف والخيانة أصبحت جزءاً أساسياً في بعض المسلسلات، مما قد يؤدي إلى تقبل هذه السلوكيات كجزء من الواقع الطبيعي. - تأثير اقتصادي واجتماعي: - الإعلانات التي تُعرض بين فقرات المسلسلات تروج للاستهلاك المفرط، مما يعزز من قيم الاستهلاك غير المبرر، خاصة بين الشباب. - دور الدراما في التوعية: - على الرغم من الانتقادات، هناك بعض الأعمال التي حاولت تسليط الضوء على قضايا اجتماعية هامة مثل الفقر والبطالة، مما يساهم في زيادة الوعي المجتمعي. بالتالي، يمكن القول إن الدراما الرمضانية لعام 2025 كانت سلاحاً ذا حدين؛ فقد ساهمت في تسليط الضوء على قضايا اجتماعية هامة، لكنها في الوقت نفسه أثارت مخاوف بشأن تأثيرها السلبي على القيم المجتمعية. وإذا نظرنا إلى المسلسلات المبتزلة، التي تقدم محتوى يؤثر بشكل سلبي على قيم المجتمع، سنجد أن غالبية تلك المسلسلات يخرجها «محمد سامي»، الذي يعتمد في أعمال على الألفاظ الخارجة والمشاهد المثيرة، ضاربا بتقاليد المجتمع عرض الحائط، هدفه الوحيد في تحقيق نجاح زائف، دون النظر لحجم التأثير المجتمع، وعدم مراعاة الفئات العمرية التي تشاهد الأعمال الدرامية. وعلى الجانب الآخر، نجد البرنامج الرمضانى «قطايف» الذي يقدمه الفنان سامح حسين. يتميز بمحتواه الهادف ويركز على القيم الإنسانية والنصائح الأخلاقية، ويُعرض بأسلوب بسيط ومؤثر عبر منصات التواصل الاجتماعي وقناة سامح حسين على يوتيوب. إقرأ أيضاً| ناقد فني: «سيد الناس» حرص على إثارة الجدل فقط بعكس «قلبي ومفتاحه»|خاص حقق البرنامج نجاحاً كبيراً بفضل تقديمه موضوعات تتعلق بالوعي الذاتي والتنمية البشرية وأصبح متصدراً عمليات البحث على جوجل ،رغم أنه بعيداً عن الإطار الكوميدي الذي اعتاد سامح حسين تقديمه في أعماله السابقة. كما نال إشادات واسعة من الجمهور والنقاد، وتم تكريمه من قبل الهيئة الوطنية للإعلام ووزير الأوقاف في احتفالية خاصة. تميز «قطايف» بقدرته على جذب المتابعين من مختلف الأعمار، حيث يقدم محتوى يعكس القيم الإنسانية بأسلوب يناسب أجواء الشهر الكريم. ◄دراما قاع المجتمع من جانبه، عبر أنس الفقى، وزير الاعلام الأسبق، عن رأيه تجاه الدراما الرمضانية، من خلال منشور على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «دراما قاع المجتمع يبدو أن هناك إما تسابق أو تنافس لمن يستطيع الغوص أعمق في قاع المجتمع المصري ليأتي لنا بما هو أسوا وأقبح ما فيه بل والمبالغة في تجسيده» . وتابع وزير الإعلام الأسبق: «فشلت في عد الشتائم والألفاظ التي قيلت في حلقة واحدة من أحد المسلسلات ما هذه الملابس والأزياء والديكورات القبيحة كلنا يمر بأحياء شعبية، ويرى الأغنياء والفقراء فيها، لا أظن بأنهم بذات القدر من القبح.. لقد عشنا أجمل الأوقات في زمن فات ونحن نشاهد دراما راقية للحالة الشعبية وللحارة المصرية وتبقي أعمال مثل ليالي الحلمية وحسن أرابيسك وغيرها نموذج» . وواصل الفقي: «دراما ولاد البلد التي قدمت صور متعددة للشهادة والأصالة وجدعنة أولاد مصر ونساءها قبل رجالها، فأين ذلك من هذا القدر من التشوه الاجتماعي المتعمد في أدق التفاصيل، وكان من كتبوها يتسابقون في تصدير كل ما هو شبيع لذا للأسف انتقلت أغاني المهرجانات لتتحول إلى دراما المهرجانات وثقافة حوارات التوك توك تتربع بثقة على بعض الشاشات في إصرار وتعمد على انتهاك حرمات المجتمع المصري والغوص فيها وتشويهها مبالغة وعمداً إلى أبعد مدى». ◄أسوأ ما هو موجود فى المجتمع من جانبها، أكدت هالة منصور أستاذ علم الاجتماع، أن أغلب الأعمال الدرامية تدور حول مشاهد العنف والخيانة والجريمة والبلطجة والسلوك العشوائي، وهو لا يعكس المجتمع المصرى بكافة شرائحة. وأضافت أنه من المفترض أن تكون الدراما الرمضانية مرآه عاكسة لحياة المجتمع المصري، إلا أن الغالبية العظمى تدور حول حلقة واحدة فقط وهى «أسوأ ما هو موجود فى المجتمع المصري». وتابعت: «لا يمكن القول أن المجتمع خالى من الإنحرافات والبلطجية ولكن ليس بهذا الكم الذى تصدره الدراما الرمضانية هذا العام.. وكأننا نجمع من كل حاجة أسوأ ما فيها، ونعمل توليفة درامية». واستكملت أستاذ علم الاجتماع: «حتى بعض المسلسلات التى تناقش قضايا إَاجتماعية كمسلسل «كامل العدد» فهو درامة اجتماعية لكنها بعيدة كل البُعد عن طبيعة مجتمعنا المصرى، سواء فى علاقة الأبناء بالأباء وطريقة ردودهم وكذلك العلاقات بين الأزواج، فأغلبها غير متداول فى المجتمع بالقدر الكبير الذى يستحق أن أسلط عليها الضوء وأجعلها سياق درامى فى مسلسل». وتابعت: «قديماً عندما نرى الافلام والمسلسلات فى الحقبة الثلاثينية، نجد أنفسنا نقول «ياريتنا نرجع للزمن الجميل دا» وكانت الأعمال الدرامية تناقش قضايا مجتمعية حقيقة وتتناول أحداث طبيعية تحدث فى المجتمع المصري». وأشارت الدكتورة هالة منصور، إلى أنه بعد 50 عاما قد نجد هناك أجيالاً بعدنا تشاهد تلك الأعمال الدرامية وتتخيل أن هذا كان واقعنا.. كذلك سوف تؤثر بالسلب على الجيل الحالى لتدفعه للتقليد الأعمى لبعض النجوم، وأصبحت الأعمال الدرامية تتخيل واقع غير حقيقى، وتتقمصه الأجيال الناشئة ليصبح بعد ذلك واقعاً مثلما وجدنا أنفسنا أمام أعمال فنية مثل هى فوضى، وحين ميسرة ،التى سبقت عام 2011 لنجدها تحققت بعد ذلك، وأصبحت الدراما تسبق بخطوة لتشكل الواقع وليست مرآه عاكسة لطبيعة المجتمع المصري».