السؤال مشروع خاصة بعد غضبة الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو يتحدث عن التدنى والألفاظ القبيحة التى تؤذى أسماعنا جميعاً فى شهر رمضان بحجة أنها دراما تعبر عن الحارة المصرية وأولاد البلد، وإذا كانت هذه الأعمال وفق صناعها تقدم حكاية الأوساط الشعبية فماذا كانت تقدم أرابيسك العظيم أسامة أنور عكاشة وليالى الحلمية التى سارت مع تاريخ مصر قبل ثورة يوليو 52 وكأنها تأريخ اجتماعى موازٍ للمسلسل.. الفرق بين «دراما البيئة» ودراما الناس شاسع من صنع الأولى يبحث عن ترند وأرباح وسمعة بطرح الشاذ والقمىء .. والثانى يبحث عن صياغة القيم والمثل بحرفية دون أن تكون «زاعقة» أى بهدوء لتتسلل للنفس وتخاطب مشاعر ووجدان وتحترم عقل المشاهد. اقرأ أيضًا| إسلام عفيفى يكتب: العدو الخفى للاقتصاد المصرى فى مشاهد أبو العلا البشرى ، العملاق محمود مرسي وهو يتحدث عن تغيرات المجتمع بانفعال شديد وهو يستشعر انحرافاتٍ سلوكية وتراجع القيم ، كنا ننفعل معه ونتبنى موقفه بضرورة الدفاع عن قيم وتقاليد المجتمع، وهنا تكمن خطورة الدراما لأنها تشكل الشخصية والوعى وما أشد الاحتياج لهذا الوعى الآن وسط ما نعانيه من مخاطر وتطرف فى كلا الاتجاهين تشدداً وإرهاباً وانحرافاً وانحلالاً. بالتأكيد لا أتحدث عن دراما الوعظ والنصح والإرشاد ، فقد تجاوزنا هذا الأمر بأعمال اجتماعية خالدة وتاريخية رائدة ووطنية ما زالت تعيش فينا ونعيش بها من الهجان ودموع فى عيون وقحة وصولاً إلى الاختيار والممر.. نحن كبار هذه الصناعة وأسطوات هذه المهنة ولدينا المبدعون كتاباً ومخرجين وممثلين. لدينا كل العناصر القادرة على تقديم إبداع حقيقى ليس منزوع الدسم .. إبداع عابر للحدود كما فعلنا ونفعل، مبدعونا هم ضمير هذه الأمة القادرون على صياغة وجدان شبابها بكل ما هو ثمين ببضاعة نحن بالفعل نملكها ونجيد تسويقها، والكرة الآن فى ملعبكم ولكم القرار .. مع الأخذ فى الاعتبار أنكم لستم وحدكم فالدولة من وراءكم والجمهور أمامكم يشاهد ويتابع ويقيم. نريد أن يستعيد المنتج المصرى وشركات الإنتاج دورها فى صناعة هى رابحة بكل المقاييس ، بهذه الدراما وتلك الخطوة تسترد القنوات قدرتها على جذب المزيد من الجمهور .. ومنصتنا تستحوذ هى الأخرى على نسب أعلى من المشاهدات، هذه منافذ العرض رُدت إلينا وبها ومن خلالها نستطيع أن نحقق كل ما نريد انتشار ، تأثير ، أرباح ، حماية مجتمعنا من أى ثقافة وافدة ودخيلة تسرق هويتنا بليل وتوجه أبناءنا إلى حيث لا نريد. اقرأ أيضًا| إسلام عفيفى يكتب: الصناعة من البيروقراطية إلى «ثورة الفريق كامل» الرقمية مرة أخرى نحن نملك مفاتيح الصنعة وخيوط هذه اللعبة لا ينازعنا فيها أحد فى الإقليم وحتى إن حققت بعض الأعمال بريقاً فهو لا يعدو ومضات سريعاً ما يزول تأثيرها، بعد الحديث الغاضب للرئيس أعتقد أنه لا مجال للهروب من المسئولية أو التقاعس تحت أى مبرر ، فكل الأطراف ذات الصلة تدرك دورها تماماً ، نحن ننتظر منهم والدولة خطة عمل طويلة المدى، لسنا فى عجلة من أمرنا ليسير كل طرف مع مبادرته أو مقترحاته .. نريد أن نضع الرؤية وننظم أفكارنا ، خطواتنا ، برنامج العمل ، نتقاسم ونتشارك الأدوار. أظن أن الحل لن يكون بعقد ندوة هنا ومؤتمر هناك ، نريد أن يجلس شركاء الصناعة وأطرافها ونطرح على مائدة واحدة ونسأل أنفسنا ماذا نريد من الدراما ، وما هى مسئولية كل طرف وبرنامج زمنى لتنفيذ ما يتم طرحه. اقرأ أيضًا| إسلام عفيفى يكتب: كوبرى السيدة عائشة.. متى يسقط جسر الموت؟ نحن أمة قامت بثورة حفاظاً على هويتها والآن نحن نواجه تحدياً يهدد هذه الهوية وسلوكيات العنف الشاذة، والجرائم المرعبة، والألفاظ التى نسمعها ربما أقرب مثال وأدق تعبير عن المخاطر التى تهدد سلام هذا المجتمع وأمانه.