الفريق رياض وصل لأرفع الرتب العسكرية، وشاء الله أن يحصل على منزلة الشهيد فى الجنة.. تعودت وأستاذنا الراحل الأديب الكبير جمال الغيطانى الاحتفال-بصفة شخصية-بذكرى الفريق عبد المنعم رياض، «الفريق «ذو الرتبة العسكرية الرفيعة، والذى نال «رتبة الشهادة»، فى 9مارس من كل عام، اليوم الذى قدم روحه فداءً لمصر عام 1969، على الخطوط الأمامية عند نقطة المعدية 6 بالإسماعيلية، لقى الشهيد البطل-وكان رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة، ثالث أكبر رتبة عسكرية، حيث أصابتة دانة مباشرة، وهو يتابع دقة ضرب المدفعية لحصون العدو. كنا نذهب لنضع وردة على القبر- والذى مع الأسف لا يعرف مكانه الكثيرون مع أنه على الأوتوستراد-ومازلت أذهب لأضع الوردة عرفاناً بفضل البطل الكبير، الذى صار رمزاً للشهداء، ولن أنسى موكب جنازته، حين ذهبت إلى ميدان التحرير لوداعه، وكان يتقدمه الرئيس جمال عبد الناصر. وأسعدنى ذلك الفيلم التسجيلى الذى أعدته الشئون المعنوية للقوات المسلحة فى الندوة التثقيفية (41)-والتى كرمت الشهيد وشهداء الوطن-عن الفريق رياض من ميلاده، لاستشهاده، بطولاته وشخصيته، البطل كان رمزاً للشجاعة، ومنذ استدعاه الرئيس عبد الناصر، فى أصعب الأوقات، بعد 6 أيام فقط من هزيمة يونيو، ليتولى رئاسة أركان حرب الجيش المصرى، وكان التكليف إعادة بناء القوات المسلحة، وإعداد الجنود والضباط لمعركة استرداد الكرامة والأرض، رياض كان فى حرب يونيو قائداً للجبهة الأردنية، وكانت قذائف مدفعيته التى وصلت للعمق الإسرائيلى، من الأردن شديدة التأثير، وقال: لو الأردن كان يملك شبكة قوية للدفاع الجوى لتغير سير الحرب. رياض كان موسوعة كبيرة، كان يتقن الإنجليزية والفرنسية والروسية، أعطاه ذلك فرصة الاطلاع على الثقافات والتقارير العسكرية الدقيقة من مختلف المدارس العالمية، حول وسائل الدفاع والهجوم والخطط والمناورات، وكون فلسفة حرب لمقاتل كبير يعشق العسكرية التى خصص لها حياته بالكامل، فلم يتزوج، وكان يعمل من مكتبه وفى الميدان على مدى اليوم الكامل، وله الفضل وأقرانه فى وضع الخطة 200 للصمود لمواجهة العدو، ثم الخطة جرانيت لاستعادة الأرض والكرامة. الفريق كان من المتحمسين لفكرة الاستعانة بالمؤهلات، وكان ووزير الدفاع الفريق فوزى «الصارم»، لهما الفضل فى إعادة الترتيب والتأهيل للجنود والضباط، ولم تمض أيام إلا وأظهر الأبطال الشجاعة فى مواجهة العدو فى رأس العش، وتدمير آلياته، ومنعه من التقدم لبور فؤاد، وتم ضرب الطائرات لتشوينات السلاح المصرى التى استولت عليها إسرائيل فى قلب سيناء، ودمرتها بالكامل فى أوائل يوليو67، ثم كانت الضربة الكبرى بإغراق الزوارق المصرية لدرة سلاح البحر الإسرائيلى المدمرة إيلات، أمام سواحل بور سعيد، لما حاولت اختراق المياه الإقليمية، ومن المفارقات أن الفريق رياض فى مرحلة عمرية برتبة العميد التحق بمدرسة الصواريخ، بعد أن صار سلاحاً جديداً فى الجيش المصرى ليستوعب أسراره، سطر رياض بضباط وجنود الجيش المصرى ملاحم فى معارك الاستنزاف، بطولات كانت خارقة، كانت رأيه أن الاستعداد للحرب يجب أن يشمل كل قطاعات الدولة، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وكان حتى وهو لواء يدرس الاقتصاد فى كلية التجارة، ولما جاء يوم الاستشهاد كان رياض قد اطمأن على قدرة القوات على الصمود، وجاء الدور لمرحلة «الردع»، والتى بدأت بما سمى الاستنزاف، وفى ثانى يوم كانت المعارك على أشدها، ورأى القائد «الرتبة» أن يذهب للمواقع الأمامية ليرى دقة توجيه النيران لمواقع العدو، وشاهد تدميرها، وبينما هو يوجه المدافع، أصابت طلقة مباشرة موقعه فلقى ربه شهيداً فى الحال، وهو متأكد أنه ترك رجالاً يأخذون بالثأر، ولم تمض إلا أيام، وكان رجال الوحدة 39صاعقة قتال، قد أخذوا بالثأر من أقوى نقط العدو حصانة فى لسان التمساح، وقتلوا41 جندياً وضابطاً إسرائيلياً، وأسروا أحدهم، ورفعوا علم مصر. صورة السترة العسكرية التى تحمل رتبة الفريق مخضبة بدمائه الطاهرة، تذكرنا ببطولته، شيء يميز العسكرية المصرية، فأين تجد القائد يتقدم جنوده ليستشهد إلا فى مصر. طول ما سلاحنا فى إيدنا يفتخر المصريون بجيشهم، ويغنون له حباً، لثقتهم الكاملة فيه وقدرته على حماية الأرض والشعب، وفى قيادتهم التى لا تألو جهداً لتأكيد قدرته وقوته بعد التطوير الهائل الذى توفر له، وعندما يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الاحتفالية، وفى أحاديثه «لا تقلقوا على مصر»، التى صار جيشها ضمن أقوى جيوش العالم، وهو ما دعا الرئيس للقول بكل قوة «اللى عايز يجرب.. يقرب»، وتأكيده أن مصر قوية، وأن ما حدث فى يونيو67 يستحيل أن يتكرر، وأن انتصار أكتوبر الذى حققه المصريون يمكنهم أن يكرروه كل مرة. تأخذنى تلك الكلمات لما كان يردده المصريون فى عام 1955، وكانت مصر تبنى جيشها القوى، وفى قصيدة كتبها الشاعر الكبير مأمون الشناوى، ولحنها وغناها الموسيقار محمد عبد الوهاب، باسم زود جيش أوطانك، تقول الكلمات: «طول ما سلاحنا فى إيدنا.. نحمى أرض بلادنا.. لازم يرهبوا جيشنا.. أعادينا وحسادنا.. مين يقدر يعادينا.. ولاَّ يطمع فينا.. طول ما الجيش حوالينا.. بسلاحه يحمينا.. كرامتنا وعزتنا.. أمجادنا وعروبتنا.. تحميهم قوتنا.. وتصونهم نهضتنا».. بجد.. تحيا مصر وجيش مصر «المهاب».. كنافة وقطايف وزبادى نجوم رمضان على مائدة المصريين قطعاً الزبادى والكنافة والقطايف، ماهى أسرار صناعتها؟، وهل جاءت من الخارج، أم هى مصرية خالصة؟.. الأقوال تتضارب، ففيما يخص الكنافة، هناك من يقول إنها مصرية الأصل، وأن ذلك يرجع إلى أيام الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان، أول خلفاء الدولة الأموية، اشتكى من الجوع فى الصيام، ووصف له المحيطون «وصفة» خلط الدقيق بالماء على النار، وكانت على شكل الكنافة.. أما القطائف، فيقال-والعهدة على الرواة-أنها ظهرت فى العهد العباسى، وتصنع على هيئة كور يتم حشوها بالمكسرات، وكان من يبيعونها مع بائعى الكنافة يتنافسون، وكل منهم يغرى الناس للشراء، وأن الناس كانت تتخاطف القطائف، فجاء الاسم من «القطف»، وهناك آخرون يقولون إنها جاءت مع الدولة الفاطمية، وسميت بالقطائف لنعومة ملمسها الذى يشبه القطيفة. وفى التاريخ، ومن العجائب، أن المؤرخ الفقيه جلال الدين السيوطي، ألف كتاباً سنة 1300 تحت عنوان: «منهل اللطائف فى الكنافة والقطائف»، وهناك من يؤكد أن الكنافة مصرية ابتدعها المصريون بأشكال مختلفة، وأعدوها لاستقبال المعز لدين الله الفاطمى لما جاء مصر، وهناك من يدعى بالحجج أن الكنافة والقطائف أتت من بلاد الشام لمصر. أما الزبادى التى لا يخلو سحور رمضانى منها، فحكايتها حكاية، ويقال إنها ترجع لأيام جنكيزخان فى القرن 13، حيث يتم إعدادها للجنود من لبن الخيل، ويقول الرواة أن الزبادى وصل أوربا فى القرن 16، فى عهد الملك فرانسيس الأول، والذى كان يعانى من نزلة معوية، وأرسل له صديقه سليمان القانونى السلطان العثمانى طبيباً للعلاج، والذى اعتمد على الزبادى، وشفى بالفعل، ومن المفارقات أن الزبادى عرف فى أسبانيا فى مطلع القرن19، على يد أحد تجار الألبان، وكان يباع فى الصيدليات.. لا يهم من أين ولكن ما أطعم الثلاثة. بمب رمضان على أيامنا ونحن صغار، كنا نلعب أيضاً بالبمب، وما كان يطلق عليه «حرب ايطاليا»، شريط به بارود يحدث فرقعة، ولكنه لا يصيب.. ولأن بقاء الأحوال من المحال، فما تناقلته الأخبار من أول رمضان شيء مرعب، أسرة تموت، وسيارة تحترق، واختناق بسبب دخان البارود، والسبب بمب وصواريخ رمضان، هذا ما لا يمكن تصوره، البمب على أيامنا كان «مسالم»، ولكنه فى عصرنا هذا صار كابوساً، فقد تحولت البمبة الصغيرة الورق وحبات الزلط الصغيرة ولحسة البارود التى كان يجمعها سلك بسيط، ويتم فرقعتها بضربها فى الأرض، لتحدث فرقعة بسيطة، ولم نسمع مطلقاً أنها أضرت أحداً لكارثة، ما حدث أن البمبة بفعل أشرار تحولت إلى صواريخ موجهة تنطلق بلا وعى لتصيب الأشخاص والممتلكات، صارت مصدر إزعاج شديد، مرعب، لأنها صارت تهدد الأرواح فى مقتل، بل وتحمل كميات بارود كفيلة بقتل أو إحراق أى شيء، كانت تستورد من الصين، والجديد أنها صارت تصنع بكثافة فى مصانع تحت السلم. ما يستورد، ومازال ذلك يتم، كيف يتم؟ ولحساب من؟ وكيف يفرج عنها جمركياً؟رغم أن القانون يجرم حملها، والغريب أننا نترك الأمر للشرطة، ونحملها المسئولية، وهى لاتتأخر عن أداء دورها، وضبطت مليون صاروخ فى حملة واحدة. الأمرخطير بعد أن وصل لحد وقوع ضحايا.