الجنرال الذهبي استشهد أمام جنوده فأصبح أسطورة يتناقلونها رياض أعلى رتبة فقدها الجيش المصري في كل حروبه لم يتزوج ولم يترك إلا وصايا للجنود قال إن إسرائيل برواز لامع ليس بداخله سوي فراغ ذكر أيضًا لو عرفنا واجباتنا دون خشية العقاب لن تقهر مصر أبدًا لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ.. لو يعرفونَ أن يموتوا.. مثلما فعلتْ لو مدمنو الكلامِ في بلادنا قد بذلوا نصفَ الذي بذلتْ لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ قد خرجوا.. كما خرجتَ أنتْ.. واحترقوا في لهبِ المجدِ، كما احترقتْ ..... يا أيّها الغارقُ في دمائهِ جميعهم قد كذبوا.. وأنتَ قد صدقتْ جميعهم قد هُزموا.. ووحدكَ انتصرتْ أجزاء من مرثيه كتبها الشاعر الراحل الكبير نزار قباني ليسجل لماذا كان استشهاد هذا الرجل تحديدا علامة في درب تضحيات ابناء الحيش المصري من اجل بلاده؟. الفريق عبد المنعم رياض هو رئيس أركان حرب القوات المسلحه اثناء حرب الاستنزاف وبذلك يكون اعلي رتبه فقدها الجيش المصري في كل حروبه الحديثه مع اسرائيل منذ ١٩٤٨ وما بعدها من حروب، لكن ليس هذا هو سبب اختيار هذا الشهيد لاحياء ذكري استشهاده ليس لانه اعلي رتبه استشهدت في الجيش ولكن التخليد للفعل وللمعني الذي مثله الشهيد اثناء استشهاده وليس لرتبته التي هي ايضا مثلت معني اخر وقيمه مضافة في عيون كل رجال الجيش ضباطا وجنودا. ، ففى مثل هذا اليوم منذ ٤٧ عامًا سقط الفريق عبد المنعم رياض شهيدًا، علي جبهة القتال امام شط القنال والبر الشرقي المحتل انذاك وهو ينفذ عملية واسعه لخلخلة التحصينات التي اقامها العدو علي الضفه المقابلة للقناة. وضع الخطه واحكم الاعداد ولم يترك التنفيذ للقادة تحته بل شاركهم وسط الجنود لا ليرفع معنويات راله فقط وانما ليتابع عن قرب ويسجل ويدقق ايجابيات الخطه وسلبياتها ، انصهر مع الحاله في الجبهه واستحق شرف الشهاده امام جنوده في حفره سقطت عليها قذيفه وهو ينتقل من نقطه لنقطه للامام وليس للخلف رافضا نداءات ضباطه بالعوده للاحتماء اثناء الاشتباكات العنيفه ليطبق عمليا مقولته «أنا لست أقل من أي جندي يدافع عن الجبهة، ولابد أن أكون بينهم في كل لحظة من لحظات البطولة». بدأ الفريق عبد المنعم رياض حياته العسكرية بالمشاركة في الحرب العالمية الثانية، ثم حرب فلسطين ٤٨، وشارك في حرب ٥٦، وعاش انكسارات نكسة يوليو ٦٧، وأخيرًا نال شرف المشاركه في حرب الاستنزاف التي استشهد في إحدى جولاتها. ولد الفريق محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله في قرية سبرباي إحدى ضواحي مدينة طنطا محافظة الغربية في ٢٢ أكتوبر ١٩١٩، ، وكان جده عبد الله طه على الرزيقي من أعيان الفيوم، ووالده القائم مقام “عقيد حاليًا”، والتحق بالكلية الحربية دفعة أكتوبر عام ١٩٣٦ واختار سلاح المدفعيه ليتخصص به ثم انتقل الي الدفاع الجوي، الذي كان تابعًا للقوات الجوية، نال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية، وكان ترتيبه الأول في التخرج ١٩٤٤واتم دراسات للمدفعيه ، في مدرسة المدفعية المضادة للطائرات البريطانية، وبمدرسة المدفعية، في المملكة المتحدة، ونال تقدير الامتياز ودرس اللغات الانجليزيه والفرنسيه والروسيه وانتسب لكلية التجارة وهو برتبة الفريق. منح وسام الجداره الذهبي لدوره في حوب فلسطين وهو برتبة مقدم وتولي قيادة مدرسة المدفعيه في ١٩٥١ ثم تدرج في مناصب القياده، قائداً للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية. ثم قائداً للدفاع المضاد للطائرات، في قيادة سلاح المدفعية، وظل في هذا المنصب إلى أن أُوفِدَ، في ١٩٥٨، إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا في فرونزز، و أتمها في ٣١ يناير ١٩٥٩، وحصل على تقدير الامتياز، وحصل ايضا علي لقبه الاشهر هناك "الجنرال الذهبي". بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية، ثم نائب رئيس شعبة العمليات، برئاسة أركان حرب القوات المسلحة وانتُدِبَ للعمل في القوات الجوية، وأُسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية، لشؤون الدفاع الجوي ثم اشترك وهو في رتبة اللواء، في دورة خاصة بالصواريخ، بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات، وفي مارس ١٩٦٤، عُيِّنَ رئيساً لأركان القيادة العربية الموحدة. رُقي عبدالمنعم رياض إلى رتبة الفريق في أبريل ١٩٦٦. وفي ١٢ يوليه، من السنة نفسها، أتم دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وحصل على زمالة كلية الحرب العليا، وعندما عُقِدَتْ معاهدة الدفاع المشترك، بين مصر والأردن في ٣٠ مايو ١٩٦٧، ووضعت بموجبها قوات الدولتين تحت قيادة مشتركة، عُيِّنَ الفريق عبدالمنعم رياض، قائداً لمركز القيادة المتقدم في عمان، وحين وقع عدوان الخامس من يونيه ١٩٦٧، عُيِّنَ الفريق رياض قائداً عاماً للجبهة الأردنية. وبعد الهزيمه وفي ١١ يونيه ١٩٦٧، عين الفريق رياض، رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، وبدأ إعادة تنظيم القوات المسلحة المصرية وبنائها. وفي نهاية شهر يونيه، وبعد أيام من بدء عملية إعادة بناء القوات المسلحة،، حاول العدو الإسرائيلي، التقدم لاحتلال بور فؤاد، على الضفة الشرقية لقناة السويس ونشبت معركة رأس العش، فصمدت القوات المصرية بالموقع رغم انها لا تتجاوز الفصيلة المشاة، وتكبد العدو خسائر فادحة. وتوالت بعد ذلك الاشتباكات التي اثبتت ان القياده الجديده غيرت في اداء القوات وثقتها بنفسها مجددا وسجلت هذه المرحله عمليات بطوليه مثل اغراق المدنره ايلات التي اصبحت علامه في الحروب البحريه الحديثه ، وعملية تدمير قواعد الصواريخ الاسرائيليه في اكتوبر ١٩٦٨ . افتتحت حرب الاستنزاف، يوم ٨ مارس ١٩٦٩، بقصف مركز من المدفعية المصرية، ضد تحصينات ومواقع العدو، التي أقامها الجنرال حاييم بارليف Haim Bar Lev، رئيس الأركان الإسرائيلي، على الضفة الشرقية للقناة. واستمر الاشتباك بالنيران لمدة خمس ساعات، تمكنت فيها القوات المصرية، من تدمير جزء من مواقع العدو، وإسكات بعض مواقع المدفعية. وصباح اليوم التالي ٩ مارس توجه الفريق رياض الي الجبهه ليكون بين قواته المقاتله في بداية مرحله استنزاف العدو واستقل مروحيه ومعه مدير المدفعيه واحد ضباط مكتبه وعلي الجبهه انضم اليهم قائد الجيش، ثم زار الوحدات التابعة له وفجأه طلب زيارة وحده متقدمه شاركت في قصف اليوم السابق واصر رغم انها في مواجهة القوات الاسرائيليه وبالفعل وصل الموقع ٦ ووهو موقع اكتسب اسمه من معديه صغيره تابعة لهيئة قناة السويس و لايبعد سوى ٢٥٠ مترا عن موقع العدو ورصده الاسرائيليون واطلقوا قذائفهم علي الموقع ٦ ودارت معركه استمرت اكثر من ساعه ونصف اصر خلالها علي عدم مغادرة الموقع وظل ينتقل من نقطه لاخري يراقب بمنظارة تحركات مدفعية العدو ليرصد سير واداء قواته في مواجهة القوات المصريه الي ان شاء القدر ان تسقط احدى الدانات بالقرب من الحفرة التى قاد منها البطل المعركة ليستشهد القائد وسط جنوده كما روي الجندي الذي سقط معه في الحفره قائلا:" اخر كلماته عندما سألته عن اصابته: بسيطه". . وتلقى الرئيس جمال عبدالناصر، نبأ استشهاد رئيس الأركان، أثناء رئاسته لاجتماع مجلس الوزراء، الذي كان يناقش تقريراً، عن سير العمليات العسكرية على الجبهة، وغادر عبد الناصر، متجهاً إلى وزارة الحربية، حيث استمع إلى تقرير تفصيلي عن واقعة الاستشهاد، ثم أصدر بياناً نعى فيه إلى الأمة العربية عبدالمنعم رياض، جاء فيه: "لقد كان من دواعي الشرف أن قدم عبدالمنعم رياض حياته للفداء وللواجب، في يوم مجيد، استطاعت فيه القوات المسلحة، أن تلحق بالعدو خسائر، تعتبر من أشد ما تعرض له. لقد سقط الجندي الباسل في ساحة المعركة، ومن حوله جنود من رجال وطنه، يقومون بالواجب أعظم وأكرم ما يكون، من أجل يوم اجتمعت عليه إرادة أمتهم العربية، والتقى عليه تصميمها قسماً على التحرير كاملاً، وعهداً بالنصر عزيزاً، مهما يكن الثمن ومهما غلت التضحيات". ومنح الفريق عبد المنعم رياض بعد استشهاده أكبر وسام عسكري، وهو نجمة الشرف العسكرية ورقي إلى رتبة فريق أول. كان الفريق رياض يرى ان القوات الاسرائيلية مجرد برواز ساطع ولامع ولكننا بمجرد ان نخترق البرواز لانجد بداخله تفاصيل صورة حقيقية فليس داخل البرواز اللامع شئ غير الفراغ . ومن اقواله المأثورة "كن قدوة صادقة لجنودك "، "كن دائما بين جنودك فى السلم ومعهم فى الصفوف الامامية فى الحرب،" و"اهتم بشئون جنودك ومشاعرهم"، وطبق كل هذه المقولات امام كل جنوده ، وفي زيارة قام بها الى الجبهة لمقابلة الجنود فى احدى الليالي الباردة شاهد جنديا يقف فى حراسته وهو يرتعد من البرد فتوجه اليه وسأله عن معطفه ؟ فاجابه الجندى قائلا : لقد اعرته لزميل خرج فى مأمورية فما كان من الفريق رياض الا ان خلع معطفه واعطاه للجندى ليرتديه ووجه إليه كلامه قائلا : فى الصباح لاتنسى ان تعيده إليه..