هن أمهات مقاتلات من الدرجة الاولى.. سطرن أسماءهن بحروف من ذهب فى دفتر أحوال التربية السليمة للأبناء المصابين بإعاقات مختلفة..سهرن الليالى وتحملن معاناة أبنائهن مع أمراضهم ، حتى تغلبوا على الواقع ، وأصبح هؤلاء الأبناء من ذوى الهمم مصدر فخر لهؤلاء الأمهات ولعائلاتهم.. «الاخبار» قررت فى هذا التحقيق الصحفى تسليط الضوء على عدد من أمهات ذوى الهمم والجهود الجبارة التى يبذلنها ، لمساعدة ابنائهن فى تخطى المحن والتغلب على الابتلاءات. شيماء أحمد التهامى..أم مقاتلة بامتياز..هى والدة الطفل صهيب أحمد عيسى..طالب من طلاب الدمج فى الصف الخامس الابتدائى..هو الابن الثانى من وسط خمسة أطفال..شيماء كانت تعمل وكيلة مدرسة وتركت عملها حتى تتفرغ لتربية أولادها الخمسة خاصة أن من بينهم صهيب من طلاب الدمج. تقول شيماء: البداية كانت مع أزمة كورونا ، حيث اكتشفت مرض ابنها فى تلك الفترة ، خاصة وانه كانت هناك اجازة من المدارس ، بسبب تفشى الوباء. وكان ابنها فى عمر دخول المدارس ولم تتمكن من إلحاقه بسبب كورونا ، فاضطرت الى اعطائه دروسا للتأسيس فى المنزل. وهنا اكتشفت مع المدرسين وجود صعوبات لديه فى التعلم وفى استيعاب المواد الدراسية. وبدأ الامر يزداد سوءا عند دخوله الصف الاول والثانى والثالث الابتدائى ، حيث كان لديه صعوبة كبيرة فى حفظ حروف اللغة العربية والانجليزية ، ومكثت فترة طويلة للغاية فى حفظهم الى أن تدخل أحد اقاربى ونصحنى باجراء iq وهو اختبار الذكاء لمعرفة نوع المشكلة عند ابنى ، وبدأ والده منذ ذلك التوقيت التوجه الى مراكز التخاطب ، وكان ذلك مكلفا للغاية وفوق مقدرتنا ولكن ربنا مد يد العون لنا ، واستطعنا قطع أشواط كبيرة فى مراكز التخاطب وحصلنا على دورات مكثفة فى تنمية المهارات واختبارات الذكاء والتشتت والتعلم الى أن دخلنا الصف الرابع الابتدائى وهنا كانت المناهج شديدة الصعوبة كما وكيفا على صهيب وكان لديه صعوبة فى استيعابها. وهنا تعرضت لاستغلال المدرسين حيث كان يحصل صهيب على كل دروسه فى البيت « خصوصى «، كما أن والده بذل الكثير من الجهد ووفر له كل احتياجاته. لكن للاسف المشكلة الاكبر كانت فى المنهج لانه كان كبيرا للغاية مع ضيق الوقت ولم يكن هناك محذوفات. تستكمل شيماء حكايتها قائلة : بدأت اعرف من خلال المدرسين أن هناك ما يسمى بمدارس او فصول الدمج وهى تخفف المناهج عن الطلاب غير القادرين على الاستيعاب ، والمناهج تكون سهلة ، وسرنا فى اجراءات الدمج ودفعنا مبالغ طائلة الى أن التحق بفصول الدمج وهنا كانت الصدمة الكبرى حيث اكتشفنا أن المناهج لم تتغير وهى نفسها المتواجدة فى المدارس العادية ، ولا يوجد محذوفات من المناهج مع اختلاف الاسئلة فقط ، من حيث صح وغلط واختيارى واكمل ، ولكن تبقى المشكلة نفسها وهى عدم استيعابه للمناهج ولديه بطء فى استيعابها مقارنة بأصحابه. وتضيف: واجهتنى صعوبات كثيرة مثل عدم توافر وقت للمذاكرة او التمرين رغم تأكيد الاطباء أن الرياضة مهمة للغاية ، فكنت احتاج الى يوم آخر فوق اليوم الاصلى حتى استطيع انهاء الالتزامات الرياضية والدراسية الخاصة بصهيب. وتشير: وقفت التمارين الرياضية ، وبدأت التركيز مع ابنى فقط فى المناهج الدراسية ، وناشدنا الوزير تخفيف أعباء الدراسة والمناهج واستغلال المدرسين والارقام الفلكية التى ندفعها فى الدروس الخصوصية ولكن للاسف لم يحدث أى تغيير ، ودخلنا حاليا الصف الخامس الابتدائى لنواجه نفس المشاكل وزاد عليها التقييمات الدراسية خاصة أنه يوجد مدرسون جدد التحقوا بالمدرسة ولا يتعاملون مع التلاميذ بشكل طبيعى ، فقد اخطأ صهيب فى اول العام الدراسى فى احدى الحصص ولم يتمكن من قراءة كلمتى «مهارات دراسية» فعنفته المدرسة الجديدة وقامت بضربه» بالألم « على وجهه !، وهنا تواصلت مع الاخصائية الاجتماعية بعد إهانة ابنى امام زملائه ، خاصة وأن لديه ضعف فى النظر ولا يستطيع القراءة بشكل سليم وهنا تحججت الاخصائية الاجتماعية بان المدرسة جديدة بالمدرسة ولم تكن تعرف بحالة صهيب. اقرأ أيضًا | المرأة المصرية تعيش عمرها الذهبي وتوضح : إن التقييمات يتم كتابتها على السبورة ولا يستطيع صهيب كتابتها فى كراساته نظرا لبطئه فى التعلم والاستيعاب ، وحاليا التقييمات كثيرة وكل يوم امتحان ، وطالبت من المدرسين أن يكون لديهم رحمة وان يعطوا ابنها كراسة ينقل منها الاسئلة ثم يحلها ، ولكن للاسف رفضوا ولم يكن لديهم تفاهم ، وتواصلت مع الاخصائية الاجتماعية مرة أخرى واشتكيت من كمية المناهج الكبيرة والتقييمات والامتحانات وهو ما نتج عنه صعوبات جديدة فى تركيز ابنها وعدم استيعابه لهذه المناهج والتقييمات وللاسف الوزارة لا تريد أن تخفض المناهج والامتحانات لطلاب الدمج ! وتشيرالى أن صهيب يعانى ايضا من مشاكل فى التركيز والذاكرة والتشتت والانتباه وفرط الحركة ، مؤكدة انهى تحاول تهيئة الظروف فى البيت لصالح صهيب واقناعه بانه عمل المطلوب منه وإن شاء الله ربنا لن يضيع تعبه ، لذا تناشد وزير التربية والتعليم بتخفيف مناهج الدمج والرحمة بهم وبقدراتهم العقلية. لا لفرط الحركة الدكتورة إيمان جابر استشارى طب أسرة فى وزارة الصحة والسكان..نموذج آخر من الامهات المقاتلات..هى أم للطفل آسر هشام مصاب بالتوحد..تقول ايمان إن ابنها آسر كان مولودا طبيعيا للغاية وكانت الحياة تسير على ما يرام الى ان حدثت له انتكاسة او انسحاب اجتماعى بشكل عام ، وكان لديه عام ونصف العام فى ذلك التوقيت وكان ينطق بعض الكلمات قبل ذلك التاريخ ولكنه فقدها تماما ، اخذت وقتا وكنت طبيبة حديثة فى التكليف ولاحظت على ابنى أن لديه مشكلة ، وكنت ارتكب اخطاء كبيرة مثل تعرضه للتليفزيون أوقاتا كثيرة وهذا خطأ ، ولا يوجد احد كان يوجهنى وكنت مشغولة فى عملى ولم أقرأ بالشكل الكافى عما يجب فعله مع ابنى ، بعد ذلك عندما بدأ الانسحاب الاجتماعي، والده رفض فى البداية الذهاب الى اى طبيب حيث يعمل والده مهندس قوى كهربائية ، وكان يرى انه طبيعى للغاية وان ما حدث بسبب سفره حيث كان آسر متعلقا به للغاية ، لذلك والده كان يرى انه تعرض لصدمة نفسية وكان يرى انه سيعود طفلا طبيعيا مرة أخرى بمرور الوقت. تستكمل ايمان حديثها قائلة: مع مرور عامين لم تحل المشكلة وبدأت فى تزايد ووالده كان يرفض الذهاب به الى أى طبيب ولكن فى عمر سنتين وأربعة شهور صممت على الذهاب بطفلى الى مركز دراسات أمومة وطفولة فى عين شمس الذين أكدوا أن هناك مشكلة بالفعل وان ذلك بداية للتوحد ، وتعرضنا لصدمة كبيرة فى ذلك التوقيت ولم نكن « مصدقين « ، وذهبنا الى مركز طبى خاص الذى أكد نفس المشكلة ، وسلمت للامر الواقع وكنت أرى أن علاج المشكلة فى بدايتها أهم شئ ، وانه لابد من التدخل لعلاجه ، وكان هناك توجيه خاطئ من الاخصائيين لدرجة أن احدهم نصحنى بأن يقضى يوما كاملا مع اطفال مصابين آخرين يلعب ويلهو معهم ولكن للاسف اكتشفنا ان هذا التشخيص او العلاج تسبب فى سوء حالته ، وكان يحتاج الى بيئة طبيعية لكى يعيش فيها ولكنه لم تتوفر له ، ومع دخوله المدارس كانت تلك الفترة صعبة للغاية ، حيث رفضتنا 20 مدرسة فى التحاق نجلى بإحداها الى أن وفقنا الله بمدرسة كانت اختباراتها سهلة ، ولم يكن هناك تواصل بالشكل الكافى مع آسر أثناء التقديم ولم يكتشفوا أن لديه مشكلة ، ومع بدء الدراسة اكتشفت ادارة المدرسة والمدرسون ان آسر لديه مشكلة فى التواصل ، ولديه فرط حركة وليس توحد فقط الى ان احضرت ادارة المدرسة اخصائيا اجتماعيا أكد أن حالة آسر لا يجوز معها المدارس العادية، وكلمتنى ادارة المدرسة لارجاع ملفه الشخصى لنا. وتشير: توصلنا فى النهاية الى أن مديرة المدرسة وافقت على احضار خبير تربوى له وبالفعل حضر الخبير التربوى وكانت هناك جلسات له مع آسر وفى نفس الوقت كان يشارك أقرانه فى المدرسة فى بيئة طبيعية اعمال اليوم الدراسى بشكل عادى جدا.بدأ ابنى فى التحسن مع الوقت،والحمد لله نقلناه الى مدرسة اخرى بسبب كثرة عدد التلاميذ فى المدرسة الاولى ، وكثافتهم وحتى الان مر علينا 3 سنوات فى المدرسة الجديدة ، وهى مدرسة ترعى «آسر» والمدرسون يتعاملون معه بشكل طيب وآسر فى الصف الخامس حاليا واستطعنا ان نستخرج له قرار دمج رسمى ، والدنيا بقت افضل ، وبدأنا فى تعليمه السباحة فى سن الثالثة ، واستمر آسر سنة كاملة فى تمرين السباحة يبكى فقط دون تعلم أى شئ فى السباحة وكانت امهات وآباء اقرانه يرفضون أن يتعلم ابناؤهم السباحة مع آسر وكان المدربون يسأمون من التعامل مع ابنى ويغادرون المران بعد فترة من الوقت ، ولم نكن مشتركين فى اى من النوادى وانتقلنا بين خمسة اندية حتى وافق احد الكباتن بإحداها على أن يدرب آسر ويعلمه السباحة ، وكان عمره انذاك 6 سنوات ومن هنا الحمد لله تعلم السباحة فى احد الاندية لذوى الهمم ، والتحق بفريق وادى دجلة للاحتياجات الخاصة وبدأ يشترك فى البطولات. وتقول إيمان أن نجلها طيب للغاية ومتسامح ولا يحمل أى حقد تجاه الاخرين وينسى بسرعة من أساء اليه ، وواثقة فى كرم ربنا فى نجلى ، وتشكو من قرارات وزير التربية والتعليم الحالى باضافة مناهج واطالة التقييمات والامتحانات لطلاب الدمج فيوجد ضغط على اطفال الدمج فلماذا لا يتم مراعاتهم وتقليل المناهج وحذف الصعب منها ؟! وداعا متلازمة داون سونيا بيومى..أم من الامهات المقاتلات..كانت تعمل مديرة للطب البيطرى بشرق القاهرة سابقا..أم لأربعة من البنات أصغرهن تبلغ من العمر 27 عاما مصابة بمتلازمة داون..تقول سونيا انها كانت تحمل هبه بين احشائها وفى هذا التوقيت علمت من الطبيب المتابع لها ان الجنين ، حالة متلازمة داون وهنا رشح لها الطبيب طبيبا آخر متخصصا فى هذا المرض، وذهبت اليه بالفعل وأعطاها أدوية معينة اثناء الحمل وطلب منها بعض التحاليل. كما انه بعد الولادة نصحها بالحرص على التدريبات الرياضية الجسمانية لتقوية العضلات وكذلك التدريبات الذهنية لتنمية الادراك والوعى والتخاطب. اكدت سونيا أن تواجد طبيب متخصص من البداية يساعد على العلاج السريع لحالات متلازمة داون وهو ما تم بالفعل مع ابنتها هبه ، حيث ان العلاج جعلها بدون دمج فضلا أنها كانت ذكية ومتفوقة دراسيا. موضحة انها كانت تذاكر لهبة مواد السنة الجديدة قبلها بعام حتى تتساوى فى القدرات العقلية مع أقرانها فى نفس العام الدراسي، كما انها ظلت تتابع حالة ابنتها مع المتخصصين لمدة 10أعوام وكانت تذهب بها من مدينة الشروق الى مدينة نصر 4 مرات أسبوعيا حتى تحضر ابنتها كافة دروسها الى أن تفوقت ابنتها والتحقت بكلية الاعلام وتخرجت منها بتقدير جيد جدا. واشارت والدة هبة الى أن الله كان معها فى كل ثانية، فمرض ابنتها لم يكن ابتلاء بل منحة من الله ، فكل الحب المتواجد فى حياتى قمت بتحويله الى رسالة لهبة مؤكدة انها كانت مرشحة لمنصب كبير ولكنها رفضته من اجل رعاية ابنتها التى تعمل حاليا فى متحف القوات الجوية حيث تعمل مرشدة سياحية وتستقبل الزوار ال vip وتقودهم فى جولات سياحية مثلها مثل أى مرشدة سياحية أخرى. واختتمت سونيا كلامها بنصيحة لكل الاباء والأمهات قائلة لهم لا تلتفتوا الى اى كلام سلبى خاص بأبنائكم وان حبك لابنك او ابنتك ليس منحة ولكنه واجب وايضا يكون مصدرا لسعادتك. حصار التوحد رضا صلاح..أم تنتمى الى عالم الامهات المقاتلات..هى بالمعاش حاليا حيث كانت تعمل موظفة بالتليفزيون..اكتشفت أن نجلها عمرو لديه اعاقة وهو فى الصف الاول الابتدائي. كما بدأت تظهر عليه بعض المشكلات والاعراض الاستيعابية. فالادراك ضعيف والتذكر قليل والنسيان كثير ، وبدأت المدرسة تشكو من مستوى تحصيله الدراسى.هنا قررت أن تذهب الى دكتور تخاطب لتكتشف الصدمة وهى اصابة ابنها بالتوحد بالاضافة الى احد انواع الاعاقات الجسدية الحركية. تحكى رضا وتقول: ان الامر كان قاسيا للغاية ، ولكنى تماسكت وقررت أن ادخل فى تحد مع الظروف الطارئة من أجل مصلحة ابني، ابنها الان لديه موهبة فى التمثيل والدراسة وتفوق دراسيا بسبب المثابرة والصبر على علاجه والوقوف فى ظهره وتشجيعه على تخطى الصعب التى كانت تتمثل فى الدمج مع اقرانه وحركته الضعيفة بسبب الاعاقة. تضيف رضا قائلة : ان ابنها التحق بمعهد سياحة وفنادق واشتغل فى مجاله فترة كبيرة بجدارة.وبدأت تظهر بعض الميول الفنية لديه. واكتشفه احد المخرجين وضمه لفرقة الشمس المتخصصة فى عروض المسرحيات والاغانى لذوى الهمم على المسارح ، وبدأ عمرو يكون عضوا مؤثرا فى أعضاء الفرقة وحتى الآن هو عضو بها مشيرة الى أنها عاشت فترات صعبة مع ابنها خاصة تلك التى كانى يعانى فيها من التنمر من زملائه وحاولت كثيرا أن تحافظ على السلام النفسى لابنها وتعطيه الثقة فى نفسه. وتوجه رضا رسالة الى كل أم قائلة «لا تخافى من ابنك ، لا تتركيه فهو ليس مصدر عار ، ساعديه على الدمج وسط الناس وتباهى به لأنه سيكون مصدر فخر لك بعد ذلك».