تزخر الحضارة المصرية القديمة بإبداعات فنية خالدة تعكس براعة الحرفيين المصريين وقدرتهم الفائقة على المزج بين الرمزية والجمال. ومن بين هذه القطع الفريدة، يبرز وجه تابوت مصنوع من الخشب والكارتوناچ المُلون، يعود تاريخه إلى العصر المتأخر (688-332 ق.م)، هذه القطعة النادرة، التي اكتُشفت في الحيبة، تُعد نموذجًا رائعًا لفن النحت والتزيين في مصر القديمة، وهي محفوظة حاليًا في بدروم المتحف المصري بالقاهرة تحت رقم التسجيل CG 66779. ** اكتشاف القطعة الأثرية تم العثور على هذا الوجه الجنائزي في منطقة الحيبة، وهي إحدى المواقع الأثرية المهمة الواقعة جنوب بني سويف، والتي كانت تُعرف قديمًا باسم "حتبنبت". كانت هذه المنطقة تشكل مركزًا دينيًا وإداريًا مهمًا خلال العصر المتأخر، حيث ازدهرت فيها الطقوس الدينية وورش صناعة التوابيت. ** المواد المستخدمة والتقنيات الفنية يتميز الوجه بكونه مصنوعًا من الخشب والكارتوناچ، وهو مزيج من الجص والقماش، تم استخدامه على نطاق واسع في صناعة التوابيت خلال العصور المتأخرة لضمان خفة الوزن وسهولة التشكيل. كما تم تزيين القطعة بألوان زاهية، مما يعكس اهتمام المصريين القدماء بإضافة تفاصيل دقيقة لوجوه المتوفين، اعتقادًا بأن الروح ستتعرف على الجسد في العالم الآخر من خلال هذه الملامح. ** الخصائص الفنية للقطعة يُظهر الوجه دقة متناهية في النحت، حيث تتجلى فيه ملامح الوجه الناعمة والعيون الواسعة المحددة بخطوط سوداء، والتي كانت من السمات المميزة للفن الجنائزي في تلك الفترة. كما تعكس الألوان المستخدمة براعة الحرفيين في إبراز الجمال والتفاصيل الدقيقة، مع مراعاة التناسق والتناغم بين الملامح والرموز الزخرفية. ** الأهمية الأثرية والتاريخية تمثل هذه القطعة نموذجًا فريدًا من تطور فن التوابيت في العصر المتأخر، حيث كان المصريون يعتمدون على تقنيات مبتكرة في تشكيل الكارتوناچ وتزيينه بالألوان الزاهية. كما تعكس هذه القطعة المفاهيم الدينية التي ارتبطت بفكرة الخلود وإعادة البعث، حيث كان يُعتقد أن الوجه المصور على التابوت سيساعد الروح على التعرف على الجسد في الحياة الآخرة. ** حفظ القطعة وعرضها رغم مرور آلاف السنين، لا تزال القطعة محتفظة بجمالها وتفاصيلها الأصلية، ويجري الحفاظ عليها في بدروم المتحف المصري بالقاهرة تحت رقم التسجيل CG 66779. يخضع الوجه لعمليات صيانة دورية لضمان بقائه بحالة جيدة، حيث يُعتبر شاهدًا مهمًا على تطور فنون النحت والتزيين في مصر القديمة. تعكس هذه القطعة الأثرية الرائعة عبقرية المصريين القدماء في فن النحت وصناعة التوابيت، كما تسلط الضوء على المعتقدات الدينية التي شكلت وجدانهم لآلاف السنين. ويظل وجه التابوت هذا واحدًا من الشواهد المهمة على عظمة الفن المصري القديم، مقدِّمًا لنا لمحة حية عن ماضي حضارة لا تزال تبهر العالم حتى يومنا هذا. اقرأ أيضا | «المتحف الكبير» ..ملحمة مصرية فى محيط الأهرامات