يُنبئ الموسم الدرامى الرمضانى هذا العام باقتراب نهاية عصر المسلسلات الطويلة، بعدما ظلت مسيطرة طوال العقود الثلاثة الماضية، ويشير إلى أن زمنها بدأ فى الأفول مع انحسار إنتاجها هذا الموسم مقارنة بتفوق كبير للمسلسلات القصيرة «ذات ال 15 حلقة»، إذ اقتصر الإنتاج على 8 مسلسلات طويلة 4 منها فقط من إنتاج الشركة المتحدة، فيما يتجاوز الإنتاج الرمضانى للأعمال القصيرة 26 مسلسلاً. هذا التغيير الذى فرض نفسه سيطوى صفحة من زمن ال 30 حلقة، ومثلما انتهى زمن انتظار الجمهور لمشاهدة المسلسل عبر شاشة التليفزيون فى توقيت محدد بفضل ظهور المنصات التى منحت المشاهد حريته الكاملة فى متابعة العمل الذى يروق له فى الوقت الذى يناسبه، فقد كانت المنصات أيضاً وراء انحسار المسلسلات الطويلة، بعدما قدمت أعمالاً لا تتجاوز الخمس والعشر حلقات، حققت نجاحاً لافتاً وأثبتت أنه يمكن تقديم قصة متماسكة بإيقاع سريع يلائم العصر فى حلقات محدودة. ولم يكن صناع الأعمال الدرامية أقل حماساً لها، فقد جذبت نجوم التمثيل والمخرجين وجهات الإنتاج وأخرجتهم من عذابات تصوير 30 حلقة التى تعدد ضحاياها جراء الضغوط النفسية التى يتعرضون لها فى تصوير الأعمال الرمضانية التى تعرض على الهواء، بينما يتواصل تصويرها حتى الأيام الأخيرة من شهر رمضان. كما فتحت مسلسلات ال 15 حلقة الباب أمام انطلاق مواهب تصدرت البطولة لأول مرة أمام وخلف الكاميرا من مؤلفين ومخرجين وممثلين، وعملت على إثراء الشاشات بأعمال جديدة خلال النصف الثانى من رمضان. ويبقى أهم إنجاز حققته أنها خلصت الدراما من ظاهرة «المط والتطويل» التى سيطرت طويلاً على أعمالنا. لكن تظل هناك استثناءات لأعمال درامية طويلة بارعة بفضل براعة مؤلفيها وتقديم أفكار تتضمن خطوطاً درامية عريضة ثرية بالأحداث والشخصيات على غرار أعمال المبدعين الكبار أمثال أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد، ومحمد جلال عبد القوى لكن مع هذا التحول الإنتاجى ستكون الحلقات الطويلة «استثناء نادر» إنتاجياً وجماهيرياً لتختص بشكل أكبر بالأعمال التاريخية. تبقى البراعة، كل البراعة، فى القدرة على الإيجاز «ما قل ودل» وهو ما أكده الزعيم سعد زغلول فى رسالة لصديقه الشاعر محمود سامى البارودى ..«أعتذر للإطالة فلا وقت للإيجاز».