في مشهد تطغى عليه المعاناة، وصل العديد من الناجين والمصابين الفلسطينيين إلى مستشفى العريش، بعد أن تم استهداف منازلهم جراء الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، العشرات منهم من تعرضوا لإصابات بالغة نتيجة القصف العنيف، حيث يتواجدون بالمستشفى في حالة من الإعياء الشديد، لكنهم يعبرون عن أملهم فى الشفاء والعودة إلى حياتهم ووطنهم. أجرت «آخرساعة»، زيارة ميدانية لمستشفى العريش العام بمحافظة شمال سيناء، للاطمئنان على المصابين الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج بالمستشفى، ومتابعة الخدمات الطبية والصحية المقدمة لهم، والاستماع إلى شهادات حية منهم. ورغم الألم والمعاناة، عبر هؤلاء المصابون عن رفضهم للتهجير وأملهم فى العودة إلى وطنهم والعيش بسلام، مؤكدين على روح التكاتف بين الشعبين المصري والفلسطيني في مواجهة المحن. ◄ مصعب: فقدت أصدقائي ونجوت من الموت بأعجوبة ◄ طفل مصاب: كنت ألعب مع أصدقائي والغارات أفقدتني الوعي ◄ ناجية بطفلتين إحداهما مصابة ب«اللوكيميا»: نشعر بامتنان كبير لمصر ■ مصابو غزة يشكرون الدولة المصرية على جهودها ورعايتها لهم وينددون بالجرائم الإسرائيلية أحد المصابين شاب فلسطيني يُدعى مصعب، قال لنا: أنا مريض بالسرطان، وكنت أعيش فى منزلى، وفى لحظة انهار كل شيء حولنا بسبب القصف الإسرائيلي، فقدت أسرتي وأصدقائي، وتعرضت لإصابة بالغة في قدمي بسبب الانفجارات. لم أكن أعتقد أننى سأتمكن من الوصول إلى هنا، لكن الحمد لله، وصلنا إلى مستشفى العريش حيث تلقينا العلاج بشكل سريع.. أشكر الشعب والقيادة المصرية على الدعم الكبير الذي يقدمونه لنا فى هذه الأزمة والمحنة الصعبة. ◄ نجونا بأعجوبة وأضاف: نجونا من الموت بأعجوبة وبفضل العناية الإلهية، فالقصف كان يستهدف كل شيء، حتى المستشفيات والمنازل، وصلت إلى هنا وأنا فى حالة صدمة، وأتمنى أن أتماثل للشفاء وأتمكن من العودة إلى أهلى فى غزة فى أقرب وقت بعد العلاج. ■ اللواء خالد مجاور اقتربنا من أحد الأطفال المصابين وسألناه عما حدث فقال: كنت ألعب مع أصدقائى وفجأة بدأت الغارات الإسرائيلية، كنت خائفًا جدًا وبعد إصابتى فقدت الوعى، لكننى الآن أشعر بالأمان لوجودى وسط أهلنا المصريين، ويكفينى طمأنة الطبيب الذى أخبرنى أننى بخير، لكننى أريد العودة إلى بيتى فى غزة وأصدقائى الذين لا أعلم ما حدث لهم . فيما تقول إيمان إحدى الناجيات: فقدت زوجى فى القصف، وكان حلمى أن أعيش بأمان مع أطفالى، البنتين، اللتين منهما رشا وعمرها عام ونصف ومصابة ب»اللوكيميا»، وجئنا لتلقى العلاج فى العناية المركزة فى مستشفى العريش، لكننا اضطررنا إلى الفرار، بعد ساعات من الرحيل عن غزة، وصلنا إلى العريش، وأشعر بامتنان كبير لمصر وشعبها الذى استقبلنا بحرارة واهتمام، الله وحده يعلم كم مررنا بصعوبات، لكننا على الأقل الآن فى أيدٍ أمينة. ■ اللواء خالد مجاور يتحدث إلى «آخرساعة» وتابعت: فقدت واحدة من أعز صديقاتى أعتبرها شقيقة لى، فى عمليات القصف التى لا تميز بين طفل أو كبير، بين مدنى أو عسكرى، فالجميع يتعرض للقتل والإبادة نحن نطالب بوقف هذه الحرب فوراً، ونريد من الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولى أن يتحدوا من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة، يجب أن ننال حقوقنا، ويجب أن تتوقف إسرائيل عن قتل المدنيين والنساء والأطفال. ويقول أحد المصابين الفلسطينيين من كبار السن - فضل عدم ذكر اسمه - لأنه لا يفيد فى شيء اسمه من وجهة نظره: ما تعرضنا له فى غزة مذبحة وجريمة حرب مكتملة الأركان، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية بيوت المدنيين، والمستشفيات، وكل شيء يتحرك على الأرض، فقدت أفراد عائلتى فى القصف، كنت أبحث عنهم وسط الركام ولكن الأشلاء كانت تملأ المكان، واختلطت الأشلاء ببعضها واختفت معالم الوجوه، فالمذبحة الإسرائيلية لا يمكن أن توصف بالكلمات، إنها جريمة كاملة ضد الإنسانية، لذلك نطالب بسرعة وقف الحرب نهائيًا، وأن تعترف الدول بحقنا فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس. وتابع: رسالتى إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أننا لن نترك أرضنا أو نتخلى عنها مهما كلفنا ذلك من تضحيات، ومخطط التهجير الذى تتحدث عنه مرفوض تمامًا ولن نسمح به، ورسالتى إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو: نحن يوميًا نشكوك إلى الله الذى نثق أنه سينتقم منك، وشعبنا سينتصر وستذوق طعم الهزيمة حتى وإن طال أمد الحرب. ◄ اقرأ أيضًا | وصول 36 مريضا ومصابا فلسطينيًا للعلاج في المستشفيات المصرية ◄ هجوم بالطائرات وقاطعه أحد المصابين المتواجد فى سرير آخر بجانبه قائلاً: كنت فى بيتى عندما تعرضنا للهجوم بالطائرات الإسرائيلية ولم أتمكن من إنقاذ أطفالى، وعندما وصلت إلى مستشفى العريش، استقبلنا المصريون بكل حب، وأشكرهم على ذلك، لكننى لا أستطيع أن أنسى ما حدث لنا فى غزة، فإسرائيل تشن حربًا ضد كل شيء فى غزة، ونحن بحاجة إلى العالم أن يقف بجانبنا ويضغط على إسرائيل لإنهاء هذه الحرب بلا عودة مرة أخرى، ونريد دولة فلسطينية تكون لنا فيها حرية وكرامة، لقد فقدت الكثير من أسرتى وأصدقائى ولا أعرف من منهم ما زال على قيد الحياة، فالحركة صعبة للغاية ولا توجد خدمات هناك. وتابع: مشاهد قتل كبار السن والأطفال صعبة للغاية، حيث روى لنا أحد الأصدقاء أن ابنه الصغير كان يلعب فى الشارع مع أصدقائه، ثم سمع الصوت المدوى للقصف، وبعدها فقد وعيه وعندما فتح عينيه وجد نفسه فى مستشفى العريش، ومطالب الشعب الفلسطينى بسيطة وهى أن يكون لهم وطن يعيشون فيه بسلام، وأن يكون لديهم دولة فلسطينية، وأن يوقف العالم القتل الذى نعيش فيه كل يوم، وهذه أبسط حقوق الإنسان. ◄ التهجير ظلم من جانبه، أكد محافظ شمال سيناء اللواء خالد مجاور، فى تصريحات خاصة ل»آخرساعة» تقديم كافة أوجه الرعاية الصحية والعلاجية للجرحى الفلسطينيين، مشددًا على تذليل أى عقبات قد تواجههم أو مرافقيهم أثناء فترة تلقى العلاج، كما وجه بتقديم الدعم الكامل لهم تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية التى تؤكد على الوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين فى ظل الظروف الراهنة، مؤكداً أن تهجير الفلسطينيين ظلم غير مقبول ولن تشارك فيه مصر، وهذا ما أكدته القيادة المصرية أكثر من مرة. وأوضح اللواء مجاور، أن مصر مستمرة فى استقبال دفعات جديدة من الجرحى الفلسطينيين لتلقى العلاج فى المستشفيات المصرية، بهدف تقديم الرعاية الطبية للمصابين جراء الأحداث الجارية، لافتًا إلى أن مستشفيات شمال سيناء، خاصة مستشفى العريش العام، تلعب دورًا محوريًا فى استقبال المصابين الفلسطينيين، حيث تم تعزيزها بكوادر طبية وتجهيزات حديثة لضمان تقديم أفضل مستوى من الرعاية الصحية لهم. وأشار إلى أنه تم تخصيص إقامة للمرافقين للمصابين بأحد أحياء مدينة العريش، وتخصيص حافلات تنقلهم أوقات الصباح إلى المستشفيات، وتعيدهم إلى سكنهم أوقات المساء، مع تجهيز وجبات غذائية كاملة لهم ومتابعة أحوالهم المعيشية بالتنسيق مع مكتب خدمة المواطنين، ومديرية تضامن شمال سيناء، ومجالس المدن فى المحافظة. ◄ حجم المساعدات من ناحيته، كشف مدير عام المركز الصحفى للمراسلين الأجانب بالهيئة العامة للاستعلامات، المستشار أيمن ولاش، عن عدد الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية التى دخلت إلى قطاع غزة عبر المعابر المصرية منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، بأنها بلغت نحو 35 ألف شاحنة مساعدات متنوعة تزن 750 ألف طن. وتابع المستشار ولاش: مطار العريش استقبل حوالى 700 طائرة بحمولات تبلغ نحو 18 ألف طن من أنواع المساعدات المختلفة من 50 دولة عربية وأجنبية ومنظمات دولية ، وميناء العريش البحرى استقبل حوالى 25 سفينة مساعدات من دول عربية وأجنبية مختلفة بحمولات تزيد عن 36 ألف طن، والجهود المصرية مستمرة ومتواصلة لتقديم كافة أوجه الدعم والمساندة للشعب الفلسطينى الشقيق. ◄ تجهيزات طبية فيما أكد الدكتور أحمد منصور مدير مستشفى العريش العام، ل»آخرساعة»، أنه تم تجهيز عدد من غرف العمليات والمستلزمات الطبية والأدوية والكوادر الطبية المتخصصة لرعاية المصابين، كما جرى تشغيل وحدة الأشعة الخارجية منذ اليوم الأول لدخول المصابين، وأن جميع الأطفال يتلقون رعاية طبية عالية المستوى ولا يزالون يخضعون للعلاج والمتابعة، موضحاً أن الإصابات متنوعة ما بين حروق وشظايا والبعض تعرض إلى حالة نفسية بسبب الصدمة الشديدة، ويوجد فريق متخصص يتعامل مع هذه الحالات لتقديم الدعم والرعاية المطلوبة. وأشار مدير المستشفى، إلى وجود فريق طبى بمعبر رفح، يقيِّم الحالات التى تصل بشكل مباشر، ويحدد لها العلاج والمستشفى، وتُرسل بسيارات إسعاف متطورة إلى المستشفيات من معبر رفح، بحسب التقارير الطبية فى المعبر، التى يكتبها كبار الأطباء بالتنسيق مع وزارة الصحة والمستشفيات. وأوضح أنه جرى تخصيص طاقم طبى عالى المستوى من الأطباء والتمريض وفنيى الأشعة، للكشف اليومى على جميع الحالات، باستثناء أطباء الجراحة الذين يحددون العمليات الجراحية للمصابين، بالتنسيق بين غرف العمليات والجراحة والعظام، حيث يجرى تحويل بعض الحالات من معبر رفح إلى بعض المستشفيات فى القاهرة، وفقاً لخطورتها وحاجتها إلى تدخل جراحى متطور.