تخوض مصر معركة على مختلف الأصعدة لمواجهة كافة المخططات الساعية إلى فكرة تهجير الفلسطينيين من وطنهم.. هذه المعركة «سياسيا ودبلوماسيا وشعبيا» تأتي في إطار تحركات واضحة وواعية لأخطار تلك المحاولات، ومن أجل صياغة موقف دولى وعربي مدعوم بدعم شعبى موحد رافض تمامًا للفكرة. إن التحركات المصرية لم تتوقف عند التصريحات أو البيانات، بل تضمنت أيضا التواصل المكثف على كافة الأصعدة منذ البداية وبشكل سريع وحاسم، لتضع ثقلا دبلوماسياً حقيقيا فى ميزان المعركة، ليس فقط لوقف إطلاق النار، ولكن لإجهاض أى محاولات لإعادة هندسة الجغرافيا والديموغرافيا فى القطاع، والتحرك المصري على مستوياته المختلفة يعكس إدراكاً استراتيجيا بأن تهجير الفلسطينيين، سواء إلى سيناء أو خارج الأراضي المحتلة، سيؤدى إلى زعزعة استقرار المنطقة بالكامل، وإلى تداعيات أمنية وسياسية لا يمكن احتواؤها بسهولة، لذلك عملت مصر منذ البداية على تكوين تحالف عربى ودولى يكون بمثابة «جدار صد» ضد هذه المخططات. على «الصعيد الدبلوماسي»، تتبنى مصر القضية الفلسطينية، وترفض بشكل قاطع تصفيتها تحت أى مسمى، ولم يقتصر الأمر على الرفض فقط بل تحرص الدولة المصرية على قيادة تحرك دولى واسع النطاق من أجل سرعة بدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وبدء عملية سياسية قائمة على حل الدولتين بهدف التوصل إلى السلام الدائم، حيث تعتزم التعاون مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين لإعادة إعمار قطاع غزة، وتحقيق المصلحة الفلسطينية تمهيدا لتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة بما يدعم جهود إنشاء الدولة الفلسطينية، وبما يمنع تهجير سكانها. يقول الدكتور هيثم عمران، مُدرس العلوم السياسية والقانون الدولى بجامعة السويس، إن تحركات الخارجية المصرية تأتى فى إطار ثوابتها وثوابت القيادة السياسية تجاه القضية الفلسطينية الموجودة منذ عقود طويلة ومنذ بداية الصراع، والتحركات الأخيرة مبنية على مجموعة من النقاط أهمها رفض عملية التهجير بشكل أساسي، وضرورة الحديث عن إعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وبما يؤكد سياستها الثابتة منذ سنوات عديدة.. ومن منطلق أن تلك المقترحات تعد خرقا صارخا وسافرا للقانون الدولى والقانون الإنسانى ولأبسط حقوق المواطن الفلسطيني، ويستدعى المحاسبة. ◄ اقرأ أيضًا | برلمانيون: التصريحات المفبركة المنسوبة لعاهل الأردن محاولة لزعزعة الاستقرار العربي ◄ مبدأ لا حياد عنه على «الصعيد السياسي» فى أكثر من مناسبة، بل ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب، حيث حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي من تداعيات أى محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء المصرية، ولاسيما احتمال تصفية القضية الفلسطينية، وكل التحركات المصرية الرسمية مبنية على مبدأ واحد لا حياد عنه أبدا، وهو أن مقترح تهجير الفلسطينيين وبالتالى تصفية القضية الفلسطينية هو خط أحمر لمصر ومصيره الفشل.. ومصر قادرة على رفض أى مواقف تتعارض مع أمنها القومى، وهذا ما يوضحه اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، والذى يقول إن الموقف المصرى الرافض لمقترح التهجير والذى عبرت عنه القيادة السياسية ومختلف المؤسسات الرسمية والشعبية بشكل فعلى جاء متمشيا تماما مع الدور المصرى المميز والمشرف الذى التزمت به مصر منذ بداية القضية الفلسطينية منذ عقود طويلة، وحتى الآن، وتبنيها قى كافة المحافل مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدسالشرقية، وكذا وقوف مصر طوال مراحل القضية ضد كافة محاولات إسرائيل لتصفيتها لاسيما خلال الحرب الأخيرة على غزة، حيث اعتبرت مصر أن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعد خطا أحمر بالنسبة للأمن القومي المصري لن نسمح لأحد بتجاوزه. ◄ كلام مرفوض أضاف، أن أى حديث عن إمكانية قبول مصر مثل هذا المقترح، فهو حديث تنقصه الدقة وينقص كل من يتحدث به معرفة طبيعة مواقف الدولة المصرية العظيمة التى لم ولن تتخلى يوما عن القضية الفلسطينية، كما أن أى حديث عن إمكانية تعرض مصر لأية ضغوط تجبرها على التجاوب مع هذا المقترح يعد حديثا مرفوضا ووهميا حيث إن مصر لم ولن تقبل أن تتنازل عن مبادئها وثوابتها والتزاماتها تجاه هذه القضية العادلة مهما كان الثمن سواء بالضغوط أو الإغراءات، وعلى الأرض تأتى التحركات الرسمية والدبلوماسية بل والشعبية الواعية لرفض مسألة التهجير بشكل سريع وواضح وطبيعى لكى يكون هناك مواقف تصل بكل قوة وحزم إلى الإدارة الأمريكية التى عليها أن تعيد حساباتها ليس فقط تجاه هذا المقترح المرفوض ولكن تجاه تسوية القضية الفلسطينية ككل بعيداً عن الإنحياز الأعمى غير المبرر بهذا الشكل لإسرائيل، وذلك إذا كانت لديها الرغبة فى أن تستقر منطقة الشرق الأوسط، مُضيفًا أننا نملك قرارنا بأيدينا ولدينا الحق الكامل والقدرة على رفض أية مواقف أمريكية أو غيرها تتعارض مع متطلبات أمننا القومى. ◄ مُقدر وتاريخي على «الصعيد الشعبي»، هناك رفض الشعبى الجارف والمعلن من مختلف طوائف الشعب، وهو ما يمثل ورقة مصرية قوية تتصدى لأى مقترحات أو مسميات تحاول تمرير فكرة التهجير بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة إذا تم تقديم هذه الخطط تحت عناوين اقتصادية أو استثمارية أو إنسانية مزيفة، إن الدور المصرى مقدر وتاريخى فى القضية الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى الآن سواء فى أوقات السلم أو الحرب، وهذا ما يؤكد عليه الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، والذى يضيف قائلًا إن ما فعلته مصر طوال 15 شهرا من الحرب على غزة وبذلها جهود متعددة دبلوماسيا وسياسيا وإنسانيا لدعم الأشقاء، وهذا الدور برز بوضوح كبير جدا منذ إعلان خطة التهجير وفق المقترح بأن يتم تهجير الاشقاء الفلسطينيين إلى مصر والأردن، حيث مصر أعلنت رفضها التام لعملية التهجير وأنها لن تشارك فى أى إجراءات وأن المنطق المصرى لحفظ القضية والتنفيذ فى هذا الإطار يصفى القضية الفلسطينية وينهى مبدأ حل الدولتين، وعندما يتم تهجير الشعب الفلسطينى فأين الدولة الفلسطينية والشعب الفلسطينى متمسك بأرضه ولا يريد أن يخرج منها، وهذا يتواقف مع الموقف المصرى ومصر ترفض التهجير.. إن موقف مصر ثابت من رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم. ◄ حشد متكامل أما الدكتور السعيد غنيم، النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر، فيقول إن مصر قيادة وشعبا تتبنى القضية الفلسطينية، وترفض بشكل قاطع تصفيتها تحت أى مسمى، ولم يقتصر الأمر على الرفض فقط ولكن تعمل جاهدة لحشد دولى وعربى لرفض التهجير وتصفية القضية، وذلك من خلال التنسيق مع الدول العربية، والتواصل مع المنظمات الدولية، إضافة للدعم القانوني، حيث تقدم مصر الدعم القانونى للشعب الفلسطيني، وتساعد فى دعم حقوقهم القانونية فى المحافل الدولية، والتنسيق مع الدول الكبرى لرفض تهجير الفلسطينيين، وقال إن الفترة الأخيرة شهدت تحركات مصرية على أعلى مستوى للتأكيد على ثوابت الموقف العربى إزاء القضية الفلسطينية، الرافض لأية إجراءات تستهدف تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، أو تشجيع نقلهم إلى دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينية، على ضوء ما تمثله هذه التصورات والأفكار من انتهاك صارخ للقانون الدولي، والجميع يقف خلف القيادة السياسية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى وحماية الأمن القومى المصري العربي. الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية والمتخصص فى الشؤون الأمريكية، يقول إن مصر تعمل بلا كلل للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، وإجهاض أى مقترحات أو مخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، باعتبارها حقا أصيلا للشعب الفلسطيني، والتحركات المصرية تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية؛ أولها تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس لمنع استمرار نزيف الدم الفلسطيني، والثانى العمل على تخفيف معاناة الشعب الفلسطينى من خلال إدخال المساعدات الإنسانية، بينما يتمثل الهدف الثالث فى تقديم مصر لمقاربة شاملة تحظى بدعم إقليمى ودولي، ترفض من خلالها أى مخططات للتهجير، وهو موقف تتفق عليه معظم دول العالم.