ما نبهت إليه مصر يتحقق، إسرائيل تستغل المناخ الذى خلقته الاقتراحات الخائبة حول تهجير الفلسطينيين لكى تقطع الطريق على أى محاولات لإنهاء الحرب، ولكى توسع حملة الإبادة على الشعب الفلسطينى وتفجر المنطقة بأكملها. من «واشنطن» أطلق مجرم الحرب نتنياهو تصريحاته الوقحة ضد مصر وضد المملكة السعودية الشقيقة، ولا شك أنه سيواصل إثارة المزيد من المعارك لكى يصرف الأنظار عن مخططاته لإسقاط اتفاق وقف اطلاق النار فى غزة، وعن المجازر التى يرتكبها جيشه الآن فى الضفة الغربية فى تكرار لحرب الإبادة التى شهدتها غزة والتى لم نسمع عنها كلمة واحدة فى مباحثات نتنياهو للعاصمة الأمريكية المشغولة بالاقتراحات الخائبة حول ريڤييرا الشرق الأوسط ومؤامرة التهجير القسرى للفلسطينيين التى لن يكون مصيرها إلا الفشل الكبير.. ففلسطين ليست للبيع، وشعبها صامد على أرضه حتى يرى نهاية الاحتلال ورحيل من اغتصبوا الأرض وقيام الدولة الفلسطينية فى غزة والضفة والقدس العربية.. شاء من شاء وأبى من أبى!! المهم الآن.. أن محاولة تحويل الضفة الى «غزة أخرى مدمرة» تجرى على قدم وساق، وأن مخيمات اللاجئين تمحى من الوجود.. بينما يواصل نتنياهو محاولات نسف الهدنة فى غزة وتعطيل الانتقال الى المرحلة الثانية من اتفاق وقف اطلاق النار، وكما هو متوقع يحاول تغيير نصوص الاتفاق وطرح شروط جديدة غير مقبولة من المقاومة لكى يجد مبرراً للعودة للقتال وإنقاذ حكومته من السقوط (!!).. والغريب هنا أن نسمع حديثا غريباً عن «فقدان الصبر» بسبب «المشهد الصعب» الذى ظهر به الرهائن الثلاثة فى آخر عملية تبادل للأسرى.. وكأنهم لا يرون «المشاهد المروعة» للأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم وبعضهم على شفا الموت بعد عشرات السنين فى سجون النازية الصهيونية!! عامل آخر يطارد نتنياهو يجعل خيار الحرب هو قراره الدائم. بالأمس اضطر بأمر القضاء أن يجمع حكومته لتبحث تشكيل لجنة تحقيق «مستقلة» فى أحداث 7 أكتوبر.. ولأنه يقاتل ضد ذلك خوفاً من اثبات مسئوليته عن الفشل، فقد ناور كعادته وأجل اتخاذ القرار بعد جلسة عاصفة واتهامات متبادلة بين الوزراء والمراقبة القانونية للحكومة وبعد أن اشترط نتنياهو أن يكون قرار تشكيل اللجنة بالاجماع(!!).. هروب مؤقت، لكن الضغوط تزداد بعد استقالات قيادات الجيش وتحملها للمسئولية عن الجانب العسكرى.. وليست إلا الحرب وسيلة لتأجيل المحاسبة، ولمحاولة إحراز نصر يخفف من وطأة الفشل فى 7 أكتوبر.. وهو ما لم يتحقق حتى الآن، ولا يبدو أنه سيتحقق باستمرار حرب لم تعد إسرائيل تتحمل أعباءها!! كان من الممكن أن تكون الأوضاع أفضل بكثير، لو أن الكل تعامل مع اتفاق هدنة غزة على أنه بداية الطريق لإنهاء الحرب وحل الدولتين، وليس لتحويل قضية فلسطين الى صفقات مشبوهة واستثمار عقارى.