لم تكن كوكب الشرق أم كلثوم صوتًا للرومانسية والغناء الطربى فقط.. الست التى سحرت أسماع العشاق من المحيط إلى الخليج ونثرت بحنجرتها ليالى السهد والشوق فوق وجدان الأمة امتلكت أيضًا وجهًا وطنيًا ساهم فى معارك المصريين الخالدة. غنت أم كلثوم للثورة وغنت للقوات المسلحة، رفعت بآهاتها الشجية الروح المعنوية للمقاتلين، وداوت بموهبتها جراح الأمة عقب النكسة، بل أسهمت فى جمع الدعم المادى قبل المعنوى لمساندة الجيش المصرى فى معركة فنية خاصة حملت اسم حفلات للمجهود الحربى. اقرأ أيضًا| أحمد موسى: أم كلثوم أغانيها خالدة رغم 50 عامًا لقد كانت كوكب الشرق سفيرة للأمة المصرية فى كافة ربوع العالم، تنقل رسائل دبلوماسية ورسائل إنسانية للعالم وكأنها صوت المصريين عبر مسارح الدنيا وأثير إذاعاتها. خمسون عامًا مرت على رحيل أعظم من غنت على وجه البسيطة وبقى أثرها وتأثيرها متغلغلًا عبر الزمن، يكشف وجوهًا متعددة لسيدة الغناء القادمة من ريف المصريين وملح أرضهم، وفى السطور التالية نرفع الستار عن واحد من وجوه أم كلثوم الوطنية التى أسهمت فى دعم الوطن خلال معاركه الوجودية. مواقف وطنية كثيرة لا تنسى لكوكب الشرق أم كلثوم وليس لبلدها مصر فقط بل أيضًا مواقفها الوطنية امتدت لدول عربية أخرى ساندتهم فى أزماتهم وكانت لهم العون والسند والداعم بفنها وأيضًا بمجهوداتها الشخصية واستغلال مكانتها لدى جموع الشعوب العربية فى جمع تبرعات لمساندة شعوب شقيقة، فالجميع يعلم بالدور الوطنى لأم كلثوم من أجل دعم المجهود الحربى وقيامها بحفلات مكثفة داخل مصر وخارجها وجمع التبرعات للجيش المصرى. ولكن ما لا يعلمه البعض أن «الست» لم تقف مكتوفة الأيدى أمام أى شىء يحدث داخل مصر فبعد العدوان الثلاثى على مصر وتدمير العدو وضرب مدن القناة وهدم المنازل والمدارس، فقررت أم كلثوم أن تجمع تبرعات لصالح بناء المدارس فى محافظة بورسعيد وإعادة بناء وتأهيل مدرسة «بحر البقر» الشهيرة وقدمت 6 حفلات غنائية من أجل ذلك وذهبت إيراداتها جميعًا لهذا الغرض بجانب جمع التبرعات والتى استطاعت جمع مبلغ 1000 جنيه، وهو مبلغ ضخم جدًا وقتها. كما أن سيدة الغناء العربى أم كلثوم بجانب تبرعها وجمعها لأموال من أجل المجهود الحربى بعد نكسة 1967 قامت أيضًا بالعديد من الأعمال الخيرية للمواطنين فقامت بما بالمساهمة فى جمع «معونة الشتاء» للفقراء والمحتاجين وتوفير لهم كافة احتياجاتهم من الطعام والملابس الشتوية الثقيلة والأغطية والبطاطين، حيث تبرعت بعدد من البطاطين و120 قطعة قماش شتوى ووقتها كانت تبدأ هذه الحملة خلال أشهر الصيف لجمع تبرعات بما يسمى «معونة الشتاء»، كما أنشأت أم كلثوم «دار أم كلثوم للخير»، لدعم الفقراء والجمعيات الخيرية. اقرأ أيضًا| كنت تلميذة بليدة «بتاعة مقالب».. وتمنيت موت «سيدنا» وهناك العديد من المواقف التى لا تنسى لها لصالح شعوب أخرى، حيث وقع زلزال مدمر بالمغرب عام 1960 وترك خلفه آلاف من الضحايا والمصابين، فقررت أم كلثوم إحياء حفل لها بالقاهرة لصالح ضحايا هذا الزلزال بجانب جمع تبرعات وشاركها فى هذا الحفل عدد من الفنانين منهم هند رستم والتى قامت ببيع الورود «ورد المحبة»، كما أطلقوا عليه من أجل جمع التبرعات لصالح الضحايا، واستطاعت أم كلثوم بجمع مبلغ 260 ألف جنيه من إيراد الحفل الخيرى وجمع التبرعات خلاله وقامت باليوم الثانى للحفل بتسلم المبلغ بالإضافة إلى تبرعها الشخصى إلى السفارة المغربية وسفيرها فى مصر كل هذا ولم تكن زارت أم كلثوم دولة المغرب. اقرأ أيضًا| كريستال الماضي الجميل| أم كلثوم.. 50 عامًا مضيئة بالأمل والوطنية وكان لأم كلثوم دور لا يقل وطنية وإيمانها بالقضية الفلسطينية ودعم القومية العربية، فقد قامت بحفل لها بدولة ليبيا وكان إيراده لصالح حركة المقاومة الفلسطينة «فتح» الجديدة العهد، وقتها كما قامت بإحياء حفل آخر بالكويت وخصصت نصف إيراداته لصالح المقاومة الفلسطينية بشكل عام، وتستطيع القول إنه بسبب أم كلثوم انتشرت فكرة التبرع بأجر الحفلات للأعمال الخيرية.