على مدار سنوات، ترسخت في أذهاننا مقولة أن "الملح هو السم الأبيض"، مما دفع الكثيرين إلى التوقف عن استخدامه تمامًا، اعتقادًا بأنه ضار بالصحة، ولكن هل هذا صحيح فعلًا؟ أم أن العلم الحديث يحمل لنا مفاجآت جديدة؟ يقول د. عماد سلامة، أخصائي التغذية العلاجية، أن الملح ليس مجرد مكون يمنح الطعام مذاقًا أفضل أو يمنع نمو البكتيريا، بل هو عنصر حيوي يحتوي على الصوديوم والكلورايد، وهما عنصران ضروريان للجسم، حيث يلعبان دورًا مهمًا في وظائف العضلات والأعصاب، بما في ذلك عضلة القلب نفسها، تنظيم السوائل في الجسم، مما يساعد على التحكم في ضغط الدم، إفراز حمض المعدة، لذا فإن تقليل الملح بشكل كبير قد يؤدي إلى حموضة وارتجاع مريئي، تحسين التركيز والذاكرة، إذ يعاني الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا منخفض الملح من ضعف التركيز، صحة الجلد وتأخير ظهور علامات الشيخوخة، التخلص من ثاني أكسيد الكربون الزائد في الجسم. اقرأ أيضًا| «اليود.. الهيمالايا.. البحري» تعرف على نوع الملح الأنسب لصحتك ويشير إلى أن هناك مخاطر لنقص الصوديوم في الجسم، فعندما يقل استهلاك الصوديوم بشكل كبير، قد يؤدي ذلك إلى تقلبات في ضغط الدم، صداع، ارتباك، أرق، ضعف عضلي، وإرهاق عام، ارتفاع الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، زيادة مقاومة الأنسولين، مما قد يرفع خطر الإصابة بمرض السكري، هبوط الدورة الدموية والجفاف. وفي السنوات الأخيرة، انتشرت فكرة أن تقليل الملح يقلل من خطر الوفاة بأمراض القلب، ولكن دراسة شاملة عام 2011، شملت تحليل 7 دراسات مختلفة، وجدت أن تقليل الملح لم يكن له أي تأثير على أمراض القلب أو الوفاة، بل على العكس، فإن اتباع نظام غذائي منخفض جدًا في الملح قد يزيد من خطر الوفاة بسبب فشل القلب! أما الادعاء بأن الملح يسبب ارتفاع ضغط الدم، فقد تبين أن السبب الحقيقي هو انخفاض استهلاك البوتاسيوم، الذي يوجد بكثرة في الخضراوات، فمع تغير أنماط الغذاء والاعتماد على الأطعمة المصنعة والدقيق الأبيض والحلويات، أصبح النظام الغذائي الحديث غنيًا بالصوديوم وفقيرًا جدًا في البوتاسيوم، مما أدى إلى ارتفاع ضغط الدم، وليس بسبب الملح بحد ذاته. واختتم بأن هذا لا يعني أن نستهلك الملح بلا قيود، والحل يكمن في التوازن، فكما يقول الله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا". فيجب تناول الطعام الصحي، والتقليل من الأطعمة المصنعة، استخدام الملح باعتدال، ولا تمتنع عنه تمامًا، إذا كنت تستهلك الملح بكثرة، فاحرص على زيادة تناول الخضراوات لتعويض نقص البوتاسيوم.