نعم.. هى كلمة شعب مصر بأكمله.. وهو الموقف الثابت والتاريخى لمصر الذى لا يمكن أن يقبل محاولة تصفية القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن يسمح بالمساس بأمن مصر القومى بأى حال من الأحوال. ومع ذلك فإذا كان مَن يتجاهل الحقائق ويحاول اللعب فى الممنوع بالنسبة لمصر، فإنه سيجد الرد الحاسم الذى يرفض أى حديث عن تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. قولاً واحداً وباسم شعبها كله. الأهم.. أن الرئيس السيسى فى رده الحاسم لم يتوقف فقط عن رفض كل ما قيل عن تهجير الفلسطينيين، بل أكد أن مصر مستمرة فى بذل كل جهد من أجل الحل الذى لا بديل له وهو حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة واستعادة الحقوق المشروعة لشعب فلسطين، هذا الهدف الذى لا ينبغى أن يغيب عن أنظارنا، والذى لا ينبغى أن تلهينا عنه أى مناورات مكشوفة أو معارك فرعية يجيد العدو خلقها فى معظم الأحيان، ويتبرع بعضنا بمساعدته فى تحقيق أهدافه.. بالانقسام حتى داخل الصف الفلسطينى، والصراعات التى استنزفت الوطن العربى!! اقتراح ترامب الخائب سيلحق بمحاولات أخرى بائسة لتصفية قضية فلسطين، لكن هذه المحاولات لن تنتهى، بل وربما تتصاعد فى ظل مناخ سياسى مضطرب يسود العالم، ومع استمرار العجز الدولى عن فرض القانون والشرعية الدولية، ومع تصور بعض القوى الكبرى أن هذا هو الموقف المناسب لفرض منطق القوة الغاشمة لتغيير الخرائط فى العالم كله وإن كانت منطقتنا فى مقدمة الأهداف!! بعد موقف مصر الثابت «ومعها الأردن الشقيقة» فى رفض خطط التهجير والإصرار على الحق الفلسطينى يفرض «قبل أى شىء» على القوى الفلسطينية كافة أن تدرك خطورة الموقف، وأن تقدر الجهد الطويل الذى بذلته مصر لتحقيق الوحدة الفلسطينية وإنهاء كارثة الانقسام الوطنى وما أدت إليه من نتائج، تمسك مصر بأنه لا حل إلا بالدولة الفلسطينية المستقلة يعنى ضرورة استجابة الفصائل الفلسطينية كلها للجهد المصرى المتواصل من أجل ضمان السيطرة الفلسطينية على غزة، وضمان الوحدة بينها وبين الضفة الغربية تحت قيادة واحدة تجسد الحق الفلسطينى فى دولته المستقلة.. هل هذه مطالب مازال من الممكن تعثرها بعد أن قدم شعب فلسطين كل هذه التضحيات؟! موقف مصر الحاسم من مؤامرة التهجير «ومعها الأردن الشقيقة» هو- وبدون مبالغة - لحظة للمراجعة العربية قبل أن تفاجأ المنطقة بالأسوأ! هذه لحظة تذكرنا بموقف مصر حين تصدت لمؤامرة تسليم الوطن العربى لحكم الإرهاب، وحين ثار الشعب العظيم فى 30 يونيو ليسقط المؤامرة وينقذ الوطن العربى كله من الفوضى الخلاقة وإرهاب الإخوان. المؤامرة تتكرر الآن، وتهجير الفلسطينيين جزء منها «وصحوة منظمات الإرهاب جزء آخر»!! والانحناء أمام الهجمة الجديدة لن يكون الحل بل المواجهة، استغرب ألا نرى - حتى الآن - اجتماعاً عربيا ولو على مستوى وزراء الخارجية يعلن موقفاً حاسماً برفض «مقاولة التهجير» الأمريكية، ويغلق الطريق أمام محاولات إحياء المشروع الفقيد: سلام إبراهام، ويسد الأبواب على كل الصفقات المشبوهة، ويؤكد أن سلام المنطقة لا بد أن يمر أولاً على دولة فلسطين المستقلة، وعلى كامل حدودها، وبقدسها المحررة. قد تتصور بعض الأطراف العربية أنها بعيدة عن الخطر، لو نفتح ملف التهجير وتغيير الخرائط سيدركون أنهم فى قلب التآمر.. فهل ينتظرون؟!.. الوقفة العربية الواحدة أكثر من ضرورية، فى يدنا أوراق أكثر مما كنا نمتلكها حين خضنا المعركة ضد الفوضى الخلاقة وأسقطناها، فلتكن «لا» العربية واضحة وحاسمة كما هى «لا» التى قالتها مصر والأردن فى وجه الخطر الجديد. ولتكن دولة فلسطين المستقلة والاعتراف بها هو جواز المرور إلى السلام العادل.. وليس سلام إبراهام الذى قاد المنطقة إلى حرب الإبادة ونسخة ترامب من «مقاولة التهجير» وأوهام النازيين الجدد فى انتصار مستحيل!