مشهد الزحف العظيم لمئات الألوف من الأشقاء الفلسطينيين فى رحلة العودة إلى مدن شمال غزة بعد بدء انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلى.. لم يكن فقط إعلاناً بفشل حرب الإبادة فى قهر إرادة شعب يناضل من أجل حقه فى الحياة والحرية والاستقلال، لكنه أيضاً كان الرد العملى من الشعب الصامد فى وطنه على كل من راهن على إمكانية اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وكل من يتوهم سلاماً وأمنا فى المنطقة بدون الإقرار بحق شعب فلسطين فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة التى تتوحد فيها غزة والضفة وتكون عاصمتها القدس العربية. مئات الألوف من الذين أجبرتهم آلة القتل الاسرائيلية على النزوح، والذين قاسوا الجوع وقنابل العدو والحرمان من كل أسباب الحياة، يسيرون على الأقدام لساعات طويلة فى رحلة العودة إلى بيوت يعرفون ان معظمها قد تهدم وإلى احياء وقرى ربما لن يجدوا فيها إلا الاطلال.. لكنها أرضهم التى لن يتخلوا عنها والتى قدموا أغلى التضحيات وأعز الأرواح لكى تظل للأبد وطناً لا يحمل إلا اسم فلسطين وأرضاً لا تتحول الى «مستوطنات» كما يتوهم الهوس الصهيونى أو إلى منتجعات فاخرة وملاعب جولف كما يتوهم أصحاب الصفقات المضروبة!! نرجو أن تصل الرسالة واضحة الى واشنطن وأن يدرك الرئيس ترامب أنه يسير فى طريق مسدود حين يتحدث عن تهجير الفلسطينيين من غزة، فشعب فلسطين تعلم الدرس ولن يقبل بنكبة أخرى مهما حدث ولن يترك أرضه ولن يخون دماء عشرات الآلاف من الشهداء. وموقف مصر الحاسم أعادت الخارجية المصرية التأكيد عليه برفض أى حديث عن تهجير الفلسطينيين والأردن الشقيق أكد على موقفه المماثل لموقف مصر وموقف الشعوب العربية والإسلامية كلها ثابت فى دعم حق الفلسطينيين فى أرضهم ووطنهم ودولتهم المستقلة وقدسهم العربية. ولن يكون موقف الحكومات من هذه القضية الأساسية إلا ترجمة لموقف الشعوب العربية والاسلامية مهما كانت الضغوط أو التهديدات! كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية لم ولن تنجح إلا فى تأكيد حق الشعب الفلسطينى فى أرضه ووطنه ودولته. وفشلت حرب الإبادة وفشلت قبلها صفقة القرن وسلام إبراهام الزائف وفشلت محاولات التهجير القسرى على يد صهاينة الداخل الاسرائيلى وستسقط على يد صهاينة الخارج. مشهد مئات آلاف النازحين العائدين منتصرين إلى المدن المدمرة يقول إن الطريق الوحيد أمام الفلسطينيين هو طريق العودة وليس طريق التهجير!!