كم نحن كمصريين محظوظون بجيل من الفنانين العِظام الذين شكلوا أكبر قوة ناعمة لمصر بدأت منذ مطلع القرن الماضى ومستمر حتى الآن.. وأيقونة هذا الجيل هى السيدة أم كلثوم التى تمر خمسون عامًا على رحيلها فى الثالث من فبراير. خمسون عامًا ومازال فن أم كلثوم وإنتاجها الفنى الغنائى له مكانته لدى المستمع العربى وليس المصرى فقط. السيدة أم كلثوم فنانة وإنسانة اخترقت شعبيتها حاجز حدود مصر والمنطقة العربية وتعدت ذلك إلى الثقافات الأخرى وظلت شعبيتها قائمة حتى بعد ما غادرت دنيانا ولعلنا نتذكر أن تم تسمية نادى الوداد المغربى العرييق عام 1936جاء تيمنًا بفيلم وداد لأم كلثوم. منح المولى عز وجل أم كلثوم صوتًا إعجازيًا ولكنها لم تكن صوتًا عظيمًا فقط بل مزيج من الفن الجميل والشخصية المتزنة الواعية على الرغم من إنها لم تتخرج من كبرى الجامعات والمدارس ولكنها تعلمت وتثقفت بنفسها ومن البيئة المحيطة بها حيث جمعت أسباب النجاح حولها فيما نطلق عليه بلغة عصرنا حسن إدارة الموهبة. اتخذت أم كلثوم الجهد والعمل الشاق سبيلًا للوصول إلى القمة التى حافظت عليها طويلاً فى عصر شهد منافسة شديدة بين أباطرة الغناء وظلت أم كلثوم على القمة بمفردها كأحد رموز العبقرية المصرية المتفردة بين شعوب العالم. وإذا كان الحديث عن عبقرية كوكب الشرق الغنائية يحتاج مئات الكتب فإن أعظم ما قامت به السيدة أم كلثوم هو دورها الوطنى فى سنوات ما بعد نكسة 1967ومثلما ضمد الجيش والشعب المصرى جراحهم وتحولوا لقوة هادرة لا ترضى إلا بتحرير الأرض واستعادة الكرامة كانت أم كلثوم جنديًا من جنود مصر بصوتها وبالحفلات التى اقامتها للمساعدة فى المجهود الحربى ومقاومة اليأس أن يتسلل لنفوس المصريين وشاء الله ان ترى أم كلثوم فرحة نصر أكتوبر وتغادر الدنيا بعد عامين من هذا الانتصار.