في الثالث من شهر فبراير المُقبل، سيمر نصف قرن عر رحيل «كوكب الشرق» أم كلثوم، التي غابت عن عالمنا بجسدها، ولكن أغانيها ومواقفها الوطنية، لا تزال راسخة في عقول وأذهان الملايين في مصر والعالم العربي. ونشرت صحيفة الأخبار، تقريرًا عن سيدة الغناء العربي أم كلثوم، كشفت من خلال أسرار في حياة كوكب الشرق. «الأستاذ محمد التابعى مسح الأرض بى، صورنى للقراء بصورة الحيوان الذى لا يفهم شيئاً فى أصول الغناء، لأننى ذات مرة كنت أتكلم مع رياض الصلح رئيس وزراء لبنان عندما كانت أم كلثوم تغنى، وقال: أنا أكره السهرات الغنائية للسيدة أم كلثوم التى يحضرها مصطفى أمين !» ◄ الأحكام العرفية وطلبت من أم كلثوم أن تدافع عنى فرفضت بأباء وشمم، وقالت: إنها متفقة مع الأستاذ التابعى فى كل ما قال، واستحلفتها بالعيش والملح لكنها أكدت أنها لم تأكل عيشاً وملحاً، لا معى ولا مع سواى، لأنها تعيش طوال حياتها على «الريجيم» ومن أصول المحافظة على القوام ألا تأكل العيش ولا الملح، ولهذا كان لابد من أن أدافع عن نفسى كما يفعل المتهمون المُقدمون لمحكمة الشعب ! إذا أقام الأستاذ التابعى مأدبة أو حفلة أعلن فيها الأحكام العرفية والرقابة الصحفية، يجب أن يحضر المدعوون فى وقت محدد، ويخرجوا فى وقت محدد ويأكلوا فى ساعة معينة، ويشربوا فى ساعة معينة، ويضحكوا فى وقت معين ويتكلموا فى وقت معين، وعندما نذهب إلى حفلة الأستاذ التابعى نشعر بنفس الشعور الذى كنا نحس به ونحن فى طابورالمدرسة الابتدائية ! إننى أحيانا أنسى وأنا واقف على باب شقة التابعى أننى كبرت وانتهيت من الدراسة، فقبل أن أدق الجرس، أمسح حذائى فى رجل البنطلون! ◄ مواعيد حفلات التابعي اقرأ أيضا| نصف قرن على غياب «سيدة الغناء» الخالدة في قلوب الملايين «الأستاذ التابعى يطلب منا إذا جلست فى حفلته أن نسمع أم كلثوم، أن نضع أيدينا على صدرونا، وألا نتنفس إلا فى مقاطع معينة، والويل لو واحد منا أن يعطس وأم كلثوم تغنى رباعيات الخيام ! يجب أن تحبس «العطسة» إلى أن ينتهى الغناء وتبدأ موسيقى السنباطى، والويل لك إذا لم تقل «الله» فى الوقت الذى حدده الأستاذ، فهناك مقاطع معينة يجب أن تقول فيها «الله»، وإذا لم تقل «الله» فى هذا المقطع فأنت لا تفهم أصول الفن، ولا تفهم الفرق بين القصيدة والطقطوقة، والفرق بين بيتهوفن وشكوكو، فإذا حدث مثلاً وقال أحد الحاضرين نكتة، فليس لك إلا أن تنتظر وتضحك عليها بعد انتهاء السهرة، لأن الضحك فى أثناء الاستماع لأم كلثوم لا يتفق مع أصول الفن الرفيع، ومن المدهش أن السيدة أم كلثوم عندما تغنى فى منزل الأستاذ التابعى، تنقلب إلى تلميذة هى الأخرى، إنها تقف وتجلس طبقاً للأوقات التى يحددها التابعى، فالتابعى عنده آلة تسجيل ويجب ألا تغنى أم كلثوم أكثر من طول الشريط ! ولم أرِ فى حياتى أم كلثوم تحافظ على مواعيد حفلة كما تحافظ على مواعيد حفلات التابعى». ◄ دعوة للعشاء «كنت ذات مرة جالساً معها، وإذا بها تنظر إلى الساعة فى فزع وتقول : «ليلتنا سودة .. لقد ضرب الجرس من خمس دقائق»، ولم أفهم ماذا تريد أن تقول أم كلثوم .. ثم فهمت بعد ذلك ! لقد دعاها الأستاذ التابعى للعشاء الساعة الثامنة والنصف، وكانت ساعة أم كلثوم الثامنة والنصف ! فخرجت مسرعة من بيتها فى طريقها للتابعى، ونسيت أن تأخذ معها حقيبة يدها، ومعطفها ! ونسيتنى أنا أيضاً فى البيت !