في عصرنا الحديث، لم يعد الإدمان مقصورًا على المواد المخدرة والكحول، بل امتد ليشمل العديد من العادات اليومية التي تحولت إلى أنماط إدمانية تؤثر بشكل كبير على الأفراد والمجتمع، في إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، والألعاب الإلكترونية، والطعام، والعمل، والعلاقات العاطفية، وحتى الهوس بالشهرة، أصبحت تمثل تحديات نفسية وسلوكية تحتاج إلى وعي مجتمعي لمواجهتها. وفي هذا السياق، أجرت بوابة أخبار اليوم حوارا خاص مع الدكتور محمود محمد علام، الكاتب واستشاري الإرشاد النفسي والأسري، للحديث عن كتابه الجديد "غرف الإدمان العشرة"، والذي يتناول فيه أخطر العادات الإدمانية المنتشرة في المجتمع، وتأثيرها السلبي على الأفراد والعلاقات الاجتماعية، وطرق التعامل معها والتخلص منها. اقرا أيضأ|الهروب من الواقع.. أسباب غريبة لإدمان السوشيال ميديا| فيديو الإدمان السلوكي| أنماط متعددة وتأثيرات خطيرة وأكد الدكتور محمود محمد علام أن مفهوم الإدمان لم يعد يقتصر فقط على المخدرات، بل يشمل العديد من العادات السلوكية التي تصبح قهرية وتؤثر على جودة حياة الإنسان، وقام بتقسيم هذه العادات إلى عشر غرف إدمانية، لكل منها طابعها الخاص وتأثيرها المختلف على الأفراد. 1- إدمان وسائل التواصل الاجتماعي تعد وسائل التواصل الاجتماعي من أكثر الظواهر انتشارًا في العصر الحديث، حيث أصبحت تشغل جزءًا كبيرًا من حياة الأفراد، وعلى الرغم من فوائدها في تسهيل التواصل ونقل المعرفة، فإن الإفراط في استخدامها يؤدي إلى العزلة الاجتماعية، واضطرابات النوم، وانخفاض الإنتاجية، بالإضافة إلى التأثير السلبي على الصحة النفسية بسبب المقارنات المستمرة مع الآخرين. 2- إدمان الأشخاص والعلاقات العاطفية إدمان العلاقات العاطفية يحدث عندما يصبح الشخص معتمدًا عاطفيًا على شريكه بشكل مبالغ فيه، مما يجعله غير قادر على العيش بدونه، يؤدي هذا النوع من الإدمان إلى علاقات غير صحية قد تصل إلى التملك والغيرة المفرطة، مما يؤثر سلبًا على الجوانب النفسية والعاطفية للطرفين. 3- إدمان الطعام "الشره المرضي" لم يعد الطعام وسيلة لسد الجوع فقط، بل أصبح طريقة للهروب من المشكلات العاطفية والضغوط النفسية، مما يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل السمنة، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، بالإضافة إلى التأثير السلبي على تقدير الذات والثقة بالنفس. 4- إدمان الإباحية مع انتشار الإنترنت، أصبح الوصول إلى المحتوى الإباحي سهلاً وسريعًا، مما أدى إلى ارتفاع معدلات إدمان الإباحية، خاصة بين الشباب، يتسبب هذا النوع من الإدمان في مشكلات نفسية واجتماعية مثل ضعف العلاقات العاطفية، وتأثيرها السلبي على نظرة الشخص للحب والزواج، واضطرابات الدماغ بسبب التأثير المستمر على إفراز الدوبامين. 5- إدمان العمل رغم أن العمل وسيلة لتحقيق النجاح، فإن الإفراط فيه قد يتحول إلى إدمان يؤثر على الصحة النفسية والجسدية، فالأشخاص المدمنون على العمل يعانون من التوتر المستمر، وانعدام التوازن بين حياتهم المهنية والشخصية، وانهيار العلاقات الأسرية والإجتماعية. 6- إدمان عمليات التجميل في ظل معايير الجمال غير الواقعية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الهوس بعمليات التجميل ظاهرة متزايدة، يؤدي هذا الإدمان إلى اضطرابات نفسية مثل اضطراب التشوه الجسدي، مما يدفع البعض إلى الخضوع لعمليات تجميل متكررة وخطيرة تؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية. 7- إدمان النيكوتين "التدخين" يعد التدخين من أكثر أنواع الإدمان شيوعًا، ويرتبط بمخاطر صحية خطيرة مثل أمراض القلب، والسرطان، ومشاكل الجهاز التنفسي، ورغم إدراك المدخنين لمخاطره، فإن الإقلاع عنه يصبح صعبًا نظرًا لتأثير مادة النيكوتين على الدماغ وأحداثها للإدمان الكيميائي. 8- إدمان الألعاب الإلكترونية تحولت الألعاب الإلكترونية من مجرد وسيلة للترفيه إلى إدمان يؤثر على الصحة الجسدية والعقلية،فالإفراط في ممارستها يؤدي إلى تراجع الأداء الدراسي، والعزلة الاجتماعية، واضطرابات النوم، ومشاكل في التركيز والانتباه، خاصة بين الأطفال والمراهقين. 9- إدمان الشهرة "هوس الترند" مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح العديد من الأشخاص يسعون وراء الشهرة بأي وسيلة، حتى لو كانت بطرق غير أخلاقية، يؤدي هذا الهوس إلى فقدان الهوية الحقيقية، والضغط النفسي المستمر، والتأثير السلبي على الصحة العقلية نتيجة التعرض المستمر للنقد والتقييم من قبل الآخرين. 10- إدمان الكذب يعد الكذب عادةً إدمانية لدى بعض الأشخاص الذين يستخدمونه لتزييف الواقع، أو تجنب المسؤولية، أو تحسين صورتهم أمام الآخرين، ومع مرور الوقت، يصبح الكذب سلوكًا قهريًا يؤثر على المصداقية والعلاقات الاجتماعية، وقد يؤدي إلى عواقب نفسية خطيرة مثل اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع. كيف نواجه الإدمان السلوكي؟ يشير الدكتور محمود محمد علام إلى أن الخطوة الأولى في علاج أي إدمان هي الاعتراف بالمشكلة، ثم البحث عن حلول عملية للخروج منها. ويوضح أن هناك عدة استراتيجيات يمكن اتباعها، منها: تقليل التعرض للمؤثرات: مثل تقليل وقت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو وضع حدود زمنية للألعاب الإلكترونية. استبدال العادة السيئة بعادة إيجابية: مثل ممارسة الرياضة بدلًا من التدخين، أو تطوير مهارات جديدة بدلاً من قضاء وقت طويل على الإنترنت. البحث عن الدعم النفسي: سواء من خلال الأهل والأصدقاء أو اللجوء إلى متخصص نفسي عند الحاجة. اتباع نظام حياة متوازن: يراعي الجوانب النفسية والاجتماعية والمهنية دون إفراط أو تفريط. الإدمان السلوكي أصبح ظاهرة متنامية تهدد الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد والمجتمع. ومع ازدياد تأثير التكنولوجيا، وتغير نمط الحياة، أصبح من الضروري رفع الوعي حول خطورة هذه الأنواع من الإدمان، والعمل على مواجهتها بطرق علمية وعملية، يؤكد الدكتور محمود محمد علام أن الحل يكمن في التوازن، والوعي الذاتي، والقدرة على ضبط السلوكيات قبل أن تتحول إلى عادات قهرية يصعب التخلص منها. يبقى السؤال: هل نحن مستعدون لمواجهة هذا الخطر الخفي قبل أن يتحكم في حياتنا؟