لم ينفد صبر المفاوض المصرى فى المفاوضات الماراثونية لوقف إطلاق النار فى غزة، وتحلى بأقصى درجات التحمل وطول البال، وكنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفًا من فشل مفاوضات الفرصة الأخيرة، مع أطراف يماطلون وكأنهم لا يريدون التوصل لاتفاق. والقادم أصعب لفتح الملفات المعقدة وتحديد مسارات التفاوض، أملًا فى التوصل إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعودة الهدوء والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط ، ونزع أسباب التوتر والصراع. مصر لن تتخلى عن دورها وستظل تدافع عن القضية الفلسطينية التى كانت ولا تزال فى صدارة ملفات الأمن القومى المصرى وما تتعرض له حرب الشائعات الإخوانية يتطابق مع ما يقوم به اليمين الصهيونى المتطرف، بهدف توسيع دوائر الصراع، ومصر تؤمن حدودها من جميع الجهات لأنه البند الأول فى الأمن القومى المصرى. القضية الفلسطينية كانت ضحية الحسابات الخاطئة، والفلسطينيون لن يتحملوا أكثر من ذلك، وهو ما يجب أن تدركه حماس والفصائل الفلسطينية، فإسرائيل تستغل أى عمل فدائى وترتكب مذابح مروعة، وغزة أصبحت ركامًا يخفى أهوالًا يندى لها الجبين، والمفاوض المصرى يبذل جهودًا جبارة لإنقاذ الشعب الفلسطينى، والمعارك الدبلوماسية لا تقل أهمية عن المقاومة بالسلاح. المفاوض المصرى يستمد قوته من الموقف الثابت للرئيس عبد الفتاح السيسى، منذ اليوم الأول للأحداث، حددت السيناريوهات القادمة للصراع، ويبذل المفاوض المصرى جهودًا جبارة، والدولة تستمد قوتها من الشارع المصرى، ولديها مخزون من الخبرات والتجارب تستوعب ما يحدث وتضع له السيناريوهات المناسبة. وأثبتت الأحداث الدامية بعد اجتياح غزة أن إسرائيل لن تستطيع القضاء على حماس، وحماس لن تستطيع الانتصار على إسرائيل، المعادلة صعبة وأمام الفلسطينيين فرصة تاريخية لاستثمار الجهود المصرية، وعلى إسرائيل أن تدرك أن القوة الباطشة لن تحقق لها الأمن والاستقرار، وسوف تظهر أنواع أخرى من المقاومة يعجز الجيش الإسرائيلى عن التعامل معها. المقاومة هى «السلاح» و»العقيدة»، وإسرائيل لن تستطيع كسر العقيدة القتالية للفلسطينيين، ومن صالحها والفلسطينيين والمنطقة كلها الاستجابة للجهود المصرية، خصوصًا حماس التى قدمت لها مصر فرصة ذهبية للظهور كطرف أساسى فى المفاوضات الحالية، ومن هنا تأتى أهمية الإسراع بالمصالحة بين فتح وحماس وأن يتقدم كل طرف خطوات نحو الآخر، واضعين خلف ظهورهم الخلافات والصراع على السلطة، فلم يعد هناك شيء إلا الخراب والدمار وآلاف القتلى والجرحى. أمريكا بعد ترامب وقبله متحمسة لوجهة النظر الإسرائيلية بضرورة التخلص من حماس، وأن أمن الشرق الأوسط رهن بالقضاء عليها، والدور المصرى يعمل على التعامل مع الحقائق، وعلى حماس أن تستغل الفرصة الراهنة والتوافق مع السلطة الفلسطينية «فتح» من أجل وحدة الصف الفلسطينى.