بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة يهرع الجميع للبحث عن كلية يجد فيها نفسه وحياته المستقبلية، ويحتار الشاب الصغير الذى لم يتجاوز الثامنة عشرة هل يسعى إلى كلية مدنية تؤهله إلى وظيفة مرموقة أم يحقق حلمه الذى من المحتمل أن يكون حلم والديه بالالتحاق بمصنعى الرجال، فمنهم من يوفق لدخول الكلية الحربية ومنهم من يلتحق بكلية الشرطة ولا يدرى هو أنه ترك الدنيا بكل ما فيها وأيضا ولا يعلم والداه أنهما بذلك ومن أول لحظة تنازلا عن ابنهما طواعية لخدمة بلدهما، ويبدأ الصغير التهيؤ لحياة الكبار، الاستيقاظ بميعاد والطعام بميعاد، ممنوع استخدام الموبايل أو حتى الاحتفاظ به و45 يومًا لا يرى أحدًا من أهله وخلالها يبدأ تدريبه وتأهيله ليكون رجلًا يتحمل كل الصعاب، البرد، الجوع، التمارين الشاقة، البعد عن الأهل والأحباب، لا يرى أهله إلا سويعات قليلة كل أسبوع، باختصار انتقاله من مرحلة الدلع والحياة الاجتماعية إلى قمة الخشونة والرجولة مع تأهيله للتعود على الحرمان طواعية من كل أدوات الترفيه، هذا الحرمان الذى سيلازمه طوال حياته. بعد أيام قليلة تحتفل مصر بعيد الشرطة، كلنا إجازة، ننعم بالدفء فى مضاجعنا، أما أصحاب الفرح، العرسان، فالحالة (ج) ممنوع الإجازات، عائلاتهم محرومة من قضاء أى مناسبة معهم. وبعد ده كله أسمع وأقرأ من يقول «كل المهن بها مخاطر»، عن أى مخاطر تتحدثون يا سادة؟ ، الضابط لا يملك هذه الرفاهية بل من المحتمل فى أوقات كثيرة ان يعمل وبه ألم لا يحتمل وأحيانا يكون أغلى الناس عنده فى شدة الاحتياج إليه ولا يستطيع أن يفعل له شيئا بل قل أيضا أن أهلهم تعودوا على تلك المعاناة النفسية المشتركة، ولكنهم يؤدون أعمالهم برضا وفخر وشجاعة وحب لكل ذرة من تراب مصر. كل لحظة وجميع رجال الشرطة أفرادًا وجنودًا وضباطًا كلٌ فى مجاله بخير وربنا يقويهم ويحفظهم وينصرهم على من يعاديهم وتحية إجلال وتقدير لهم ولكل أفراد عائلاتهم، رحم الله شهداءكم أحياء عند ربهم يرزقون.