رئيس جامعة المنصورة: دعمَ وتمكينَ ذوي الهمم واجبٌ وطنيٌّ وإنسانيٌّ    رئيس جامعة بنها: تبادل التهاني في المناسبات الدينية يؤكد التماسك    1.96 مليار دولار صادرات مصر لدول غرب أوربا خلال يناير وفبراير 2025    قبل عيد الأضحى.. تضامن البحر الأحمر تصرف مساعدات التوطين والتصحر    وزارة النقل تطالب مستخدمي الدائري عدم استخدم طريق الأتوبيس الترددى    تحذير ألماني من معركة وشيكة بين روسيا والناتو| هل تستعد أوروبا لحرب باردة جديدة؟    البحوث الفلكية ل"الساعة 6": نشاط الزلازل داخل مصر ضعيف جدا    رئيس بيلاروسيا يزور الصين لثلاثة أيام    بريطانيا: الوضع في غزة يزداد سوءًا.. ونعمل على ضمان وصول المساعدات    اجتماع اتحاد الكرة| موقف الأندية المشاركة في البطولات الإفريقية مع المباريات المحلية    «أجد نفسي مضطرًا لاتخاذ قرار نهائى لا رجعة فيه».. نص استقالة محمد مصيلحى من رئاسة الاتحاد السكندري    الجونة يقترب من التعاقد مع بيبو مديرًا فنيًا للفريق لمدة موسم واحد    بعثة أسر شهداء الشرطة تغادر مطار القاهرة متوجهة إلى الأراضى المقدسة    مفيدة شيحة تكشف كواليس قرارها المفاجئ لأداء مناسك الحج: أمي السبب    أشرف سنجر ل"الساعة 6": مصر تتحمل الكثير من أجل الأمن القومى العربى وفلسطين    هل يجوز إخراج أموال أو لحوم بدلا عن الأضحية؟.. أمين الفتوى يجيب    بين المناسك والمشاعر.. ماذا يحدث في مزدلفة | فيديو    مصر أول دولة ب «شرق المتوسط» تسيطر على مرض الالتهاب الكبدي B    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى الجراحات بشبين الكوم ويحيل رئيسة التمريض للتحقيق    موسم الحج.. متحدث وزارة الصحة: أهم النصائح للحجاج حفاظًا على سلامتهم    تقارير: باريس يفتح باب الرحيل أمام كانج لي وجونزالو راموس    تقارير: بي بي سي ألغت مقابلة بين صلاح ولينكر خوفًا من الحديث عن غزة    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع درجة الاستعداد بالمحافظات لاستقبال عيد الأضحى    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    مواعيد عمل البنوك بعد عيد الأضحى المبارك    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    دعاء السادس من ذي الحجة.. اغتنم هذه الأيام المباركة    تخفي الحقيقة خلف قناع.. 3 أبراج تكذب بشأن مشاعرها    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    محلل سياسي: انتخاب نافروتسكي رئيسا لبولندا قد ينتهي بانتخابات برلمانية مبكرة    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    أسعار النفط ترتفع 3.7%.. وبرنت يسجل 65.16 دولاراً للبرميل    دنيا سامي: مصطفى غريب بيقول عليا إني أوحش بنت شافها في حياته    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    وزير الخارجية: هناك تفهم مشترك بين مصر وواشنطن حول الأولوية الكبرى للحلول السياسية السلمية    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يُهدد ترامب دعائم هيمنة بلاده؟.. بريق الديمقراطية يلمع بين الفوضى والانقسام

وسط نيران حرائق كاليفورنيا تستقبل الولايات المتحدة الأمريكية رئيسها السابع والأربعين الذى سيتم تنصيبه الإثنين القادم، وسط متابعة حثيثة من الأوساط السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية وغيرها فى العالم أجمع، ودائما ما تبدو البلاد يوم تنصيب رئيسها في أوج قوتها الناعمة وبريق نظامها الديمقراطي، فيما يلتزم غالبا الرؤساء يوم تنصيبهم بتجديد الوعود والعهود مع الشعب الأمريكي مع دعوات لإسهام الجميع في حل المشكلات التي تواجه وطنهم. لكن هذه المرة، فإن الوضع مختلف إلى حد ما.
وقال تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز إنه من خلال كل المؤشرات، يبدو أن الولايات المتحدة فى حالة فوضى. إذ يعتقد ثلثا الأمريكيين أن البلاد على المسار الخطأ، ويقيِّم نحو 70 بالمائة من الأمريكيين الاقتصاد على أنه «غير جيد» أو «سيئ»، وفى التحليل الذى كتبه مايكل بيكلي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة تفتس، ومدير برنامج آسيا فى معهد بحوث السياسة الخارجية، فإن الثقة العامة في الحكومة قد تراجعت بشكل كبير، من 40 بالمئة فى عام 2000 إلى 20 بالمئة فقط اليوم. كما بدأ حب الوطن يتراجع، حيث قال 38 بالمئة فقط من الأمريكيين اليوم إن الوطنية «مهمة جدًا» بالنسبة لهم، وهو انخفاض كبير عن 70 بالمئة فى عام 2000، وأضاف فى تحليله بعنوان «الانتصار الغريب لأمريكا المنقسمة.. لماذا ترتبط القوة بالخارج بالاختلال الداخلي؟».
إن الاستقطاب في الكونجرس قد وصل إلى أعلى مستوياته منذ عقود طويلة وارتفعت التهديدات بالعنف ضد السياسيين، وقد تعرض الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمحاولتى اغتيال أثناء سعيه لاستعادة البيت الأبيض، ورغم أن العديد من الأمريكيين يعتقدون أنه فاشي، إلا أنه فاز فى التصويت الشعبي. وبعض العلماء يرون تشابهًا بين الولايات المتحدة وألمانيا فى فترة جمهورية فايمار، وآخرون يشبهون الولايات المتحدة بالاتحاد السوفيتى فى سنواته الأخيرة - حكومة هرمة متداعية من الداخل. بينما يرى آخرون أن البلاد على شفا حرب أهلية.
◄ ضعف من رحم القوة
ومع ذلك، فإن هذه الفوضى الأمريكية الواضحة لم تؤثر بشكل كبير على قوة الولايات المتحدة، التى لا تزال صامدة، وفى بعض النواحي، نمت أيضًا، فحصة البلاد من الثروة العالمية لا تزال كبيرة كما كانت فى التسعينيات، وعلاقتها بشرايين الاقتصاد العالمية - الطاقة والمالية والأسواق والتكنولوجيا - قد أصبحت أقوى، ودوليًا، تكتسب الولايات المتحدة حلفاء جدداً، فى حين أن خصميها الرئيسيين، الصين وروسيا، يواجهان تحديات متزايدة. أما التضخم، والديون الضخمة، والبطء فى الإنتاجية تظل قضايا هامة، لكنها تظل أقل حدة مقارنة بالعقبات الاقتصادية والديموغرافية التى تواجه القوى الكبرى الأخرى.
واعتبر الكاتب أن هذه هى المفارقة فى القوة الأمريكية: الولايات المتحدة بلد منقسم، يُنظر إليها بشكل دائم على أنها فى حالة تراجع، ومع ذلك تظل بشكل ثابت الأغنى والأقوى فى العالم، تاركةً منافسيها وراءها.
لكن هذه القوى نفسها تخلق أيضًا نقطتى ضعف رئيسيتين، أولاً، تعمق هذه القوى الفجوة بين المدن الكبرى التى تزدهر وبين المجتمعات الريفية التى تكافح، مما يزيد من الفوارق الاقتصادية ويؤجج الاستقطاب السياسي، وعلى الرغم من أن المدن استفادت إلى حد كبير من الاقتصاد المعرفى العالمى المتزايد الذى تدعمه الهجرة، فإن العديد من المناطق الريفية تراجعت مع تقلص وظائف التصنيع والقطاع العام، مما أدى إلى انتشار مشاعر الاستياء وتمزق الوحدة الوطنية، وثانيًا، يعزز العزل الجغرافى والثروة شعورًا بالانفصال عن الشؤون العالمية من خلال حماية البلاد من التهديدات الخارجية، مما يؤدى إلى نقص مزمن فى الاستثمار فى القدرات العسكرية والدبلوماسية.
هذه التوترات بين الانفصال والانخراط العالمى تؤدى إلى نوع من العولمة الفارغة، حيث تسعى الولايات المتحدة للقيادة على الساحة العالمية ولكنها فى كثير من الأحيان تفتقر إلى الموارد اللازمة لتحقيق أهدافها بالكامل، مما يساهم عن غير قصد فى إشعال صراعات مكلفة.
معًا، تشكل هذه النقاط الضعف - الانقسام الداخلى والعجز الاستراتيجى - تهديدًا لاستقرار الولايات المتحدة وأمنها، مما يخلق ازدواجيات تحدد قوتها، ازدهار اقتصادى يتعايش مع تدهور مدني، وقوة مادية لا مثيل لها تُبددها سياسة خارجية غير فعّالة، كما أن التجارة والهجرة تثرى البلاد لكنها تُجهد نسيجها الاجتماعى وتدمر المجتمعات العاملة، وبذلك فإن التحدى أمام القادة الأمريكيين هو التنقل بين هذه التناقضات.
◄ دعائم الهيمنة
واعتبر الكاتب إن فوضى الولايات المتحدة كان لها تأثير ضئيل بشكل ملحوظ على قوتها، فقد وسعت الولايات المتحدة تحالفاتها العسكرية وازداد نفوذها على النظم المالية، وأسواق الطاقة، وقواعد المستهلكين، وتطور التكنولوجيا، مما عزز قدرتها على تشكيل النظام الذى تعمل ضمنه الدول الأخرى، على سبيل المثال، يشكل الدولار الآن حوالى 60% من احتياطيات البنوك المركزية العالمية، وهو انخفاض عن 68% فى عام 2004، لكنه يعادل حصته فى 1995، ويُستخدم الدولار فى حوالى 70% من الالتزامات المصرفية عبر الحدود وإصدارات الديون بالعملات الأجنبية - وهى زيادة عن عام 2004 - وحوالى 90% من المعاملات العالمية فى سوق الصرف الأجنبي، ويسمح الدور المهيمن للدولار لواشنطن بفرض العقوبات، وتأمين تكلفة اقتراض منخفضة، وربط مصير الدول الأخرى بمصيرها.
فعندما تحتفظ الحكومات الأجنبية باحتياطيات ضخمة من الدولار، فإنها تصبح فعليًا مستثمرة فى نظام يعتمد فيه ازدهارها الاقتصادى على صحة الاقتصاد الأمريكي، مما يجعلها مترددة فى اتخاذ إجراءات، مثل خفض قيمة العملة أو فرض العقوبات، التى قد تضر فى نهاية المطاف بمصالحها الخاصة.
وعزز التحول فى قطاع الطاقة الأمريكي من تأثير واشنطن العالمي بشكل أكبر. فبعد أن كانت الولايات المتحدة أكبر مستورد للطاقة فى العالم، أصبحت الآن أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي، متفوقة على روسيا والسعودية.
فى الوقت نفسه، تبنت تقنيات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، مما خفض انبعاثات الكربون للفرد إلى مستويات لم تُسجل منذ عشرينيات القرن الماضي، وقد حافظ هذا الازدهار فى الطاقة على انخفاض أسعار النفط والغاز فى الولايات المتحدة، حتى فى أوقات الصراعات الدولية.
على سبيل المثال، تدفع الشركات الأوروبية الآن ضعف أو ثلاثة أضعاف تكاليف الكهرباء، وأربعة إلى خمسة أضعاف تكلفة الغاز الطبيعي، مما دفع بعض الشركات الأجنبية إلى نقل مصانعها إلى الولايات المتحدة. كما ساعد إنتاج الطاقة الولايات المتحدة على عزل نفسها وحلفائها عن الضغوط الخارجية.
فعلى سبيل المثال، بعد حرب أوكرانيا، تمكنت الولايات المتحدة من مساعدة أوروبا، التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية، فى سد العجز من خلال إرسال النفط والغاز إليها. فى الوقت نفسه، يضغط السوق الأمريكى الضخم للمستهلكين، الذى يعادل مجتمعا السوق الصينية ومنطقة اليورو، الشركات والحكومات الأجنبية على التماشى مع سياسات التجارة الأمريكية للحفاظ على الوصول إلى أكثر أسواق الإيرادات ربحًا فى العالم.
◄ عودة ترامب
ويزيد تفوق الولايات المتحدة في مجال الابتكار العالمي من قوتها الهيكلية. حيث تُحقق الشركات الأمريكية أكثر من 50% من أرباح التكنولوجيا العالية فى العالم، بينما لا تحصل الصين سوى على 6%. وهذا التفوق فى الابتكار يضع الشركات الأمريكية فى نقاط حاسمة فى سلاسل الإمداد، مما يمكّن واشنطن من التأثير على شبكات الإنتاج، كما يظهر من خلال تنسيقها لقيود أشباه الموصلات متعددة الجنسيات على الصين. بالإضافة إلى ذلك، وسعت الولايات المتحدة تحالفاتها العسكرية، مما يعزز قدرتها على إحاطة منافسيها وعرض قوتها عبر أوراسيا.
ورحب حلف شمال الأطلنطي (الناتو) بفنلندا والسويد، بينما فى منطقة الهند والمحيط الهادئ، ساهمت المبادرات مثل «أوكوس» و»الرباعية» (أو الحوار الرباعي) فى تعزيز الروابط بين أستراليا والهند واليابان.
كما تحسنت العلاقات التى كانت متوترة سابقًا - مثل تلك بين اليابان وكوريا الجنوبية أو بين الولايات المتحدة والفلبين- مما يمهد الطريق لمزيد من التعاون الدفاعى والوصول إلى قواعد عسكرية أمريكية.
ويعود دونالد ترامب للسلطة بفكر استثنائى فى البلاد عبر تاريخ من سبقه من القادة. فخلال حملته الانتخابية للرئاسة، وعد الرجل بتقديم سياسة خارجية قومية «أمريكا أولاً»، وتفاخر حول كيف أنه فى ولايته الأولى، هدد بالتخلى عن حلفاء الناتو وادعى أنه فى ولايته الثانية، إذا فشلت الدول الأوروبية الأعضاء فى الناتو فى زيادة إنفاقها الدفاعي، فسيترك الروس «يفعلون ما يريدون»، وقد رفعت ترشيحاته وتعييناته البارزة من مكانة أنصار «Make America Great Again MAGA» الذين كانوا يعارضون طويلًا «العولمة» و«النظام الدولى الليبرالي»، حيث كان من المتوقع أن تتشكل إدارته من عدد كبير من المساهمين فى قائمة الأمنيات السياسية لمؤسسة «هيريتاج» تحت مشروع 2025، الذى يدعو إلى خروج الولايات المتحدة من صندوق النقد الدولى والبنك الدولي.
وبعد أيام من تعيين ترامب لشخصية فوكس نيوز بيت هيجسيث كوزير للدفاع، أدان هيجسيث الأمم المتحدة باعتبارها «منظمة عولمية بالكامل تدفع بأجندة معادية لأمريكا وإسرائيل والحرية»، لذا رأى تحليل نشرته «فورين أفيرز»، وكتبه اليكسندر كولي، ودانيال نيكسون، إنه لا ينبغى أن يكون مفاجئًا أن فوز ترامب فى 2024 قد أثار عناوين مثل «أمريكا تختار دورًا جديدًا فى العالم» و»ترامب سيحسم الضربة النهائية للنظام الليبرالي»، إذ بلا شك، سيعيد فترة رئاسته الثانية توجيه السياسة الداخلية والدولية نحو اتجاهات غير ليبرالية. لكنه، فى ذات الوقت، لن ينهى ما يُسمى «النظام الدولي الليبرالي»، ببساطة لأنه قد انتهى بالفعل.
◄ اقرأ أيضًا | أكذوبة إسرائيل الكبرى.. حقائق التاريخ تبدد أوهام خرائط الصهيونية الملفقة
◄ شخصية خطيرة
والنظام الدولي الليبرالي هو مصطلح مختصر للمؤسسات الدولية وترتيبات المعاهدات التى قادت واشنطن فى إنشائها خلال العقد الأول بعد الحرب العالمية الثانية، بما فى ذلك الأمم المتحدة والناتو.
هذه المؤسسات، التى سعت إلى تعزيز حقوق الإنسان، والتجارة الحرة، والديمقراطية، والتعاون متعدد الأطراف، كانت تدعم هذه المبادئ بشكل فعلى فى بعض الأحيان، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى عام 1991، توسعت واشنطن وحلفاؤها الأقوياء فى هذا النظام، وشهد ذلك موجة من الديمقراطية، وإنشاء منظمة التجارة العالمية (WTO)، ودفعًا عالميًا من أجل التجارة العالمية غير المقيدة وتدفقات مالية مفتوحة، ولكن على مدى أكثر من عقد من الزمان، كانت الصين وروسيا منخرطتين فى مشاريع تنظيمية دولية خاصة بهما. فى الوقت نفسه، عزز التراجع النسبى فى الاقتصاد لدول مجموعة السبع (G-7) من قوة التفاوض لدى الدول الأضعف.
ولأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، تتمتع هذه الدول الآن ببدائل حقيقية للأسواق الغربية، والمساعدات التنموية، وحتى الحماية العسكرية، كما أن صعود الشعبوية الرجعية، ليس فقط فى أمريكا الشمالية وأوروبا، ولكن أيضًا فى الهند وأجزاء من أمريكا اللاتينية، قد حطم الهيمنة الأيديولوجية التى كانت الليبرالية تتمتع بها خلال عقدين بعد نهاية الحرب الباردة. وقد احتفظ الرئيس الأمريكى جو بايدن ببعض جوانب النهج الاقتصادى القومى لترامب، بما فى ذلك الرسوم الجمركية، ودفع للأمام بأول سياسة صناعية أمريكية كبيرة منذ عقود عبر قانون الرقائق (CHIPS) وقانون خفض التضخم (Inflation Reduction Act).
ومن ناحية أخرى، فإن الإشارة إلى «النظام الدولى الليبرالي» تتجاهل القوة المتزايدة لغير الليبرالية فى السياسة العالمية. كما أن العبارة العامة هذه توحى بشكل خاطئ بأن العديد من جوانب النظام الدولى المعاصر- مثل سيادة الدولة، وحكم القانون، والتعددية - هى بطبيعتها أو بالضرورة ليبرالية، بينما فى الواقع هى متوافقة تمامًا مع بعض الأشكال غير الليبرالية والأنظمة السياسية المعادية لليبرالية، ويخشى التيار السائد فى المؤسسة السياسية الخارجية الأمريكية من الرئيس ترامب كشخصية مؤيدة للعزلة الخطيرة، والتى يعتبروها بعيدة تمامًا عن القيم والمصالح الأمريكية، كما يخشون أن إعادة انتخاب ترامب ستعمل على تفكيك النظام الليبرالى الذى بنته الولايات المتحدة وحلفاؤها ودافعوا عنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، واتخذت منه دعائم هيمنتها طوال عقود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.