فى عصر التطور التقنى وثورة المعلومات الرهيبة، أصبح الاختراق الإلكترونى «عادى فى المعادى وكذلك فى الزمالك» وحاجة ببلاش كده زى شربة الميه. وعلى طريقة الست ليلى مراد فى قطار الرحمة: على أد ما يدفع بيحبك.. ودويتو محمد عبد الوهاب وراقية ابراهيم: متعرفيش إنى أقدر أقرأ أفكارك.. هكذا أصبحت منصات التواصل الاجتماعى «على أد ما تفكر تديك». إذا دفعك الفضول وطالعت إعلاناً للساعات، تفاجأ بكم هائل عن إعلانات لأفخر الساعات وأرخصها أيضاً، وكأنك فى طريقك لافتتاح محل ساعات.. وإذا فتحت إعلاناً عن شقة تجد نفسك محاصراً بإعلانات فيلات وشقق فارهة بالملايين، ما يدفعك لأن تندب اليوم الذى شاهدت فيه الإعلانات. دفعنى الفضول لمعرفة المعنى اللغوى لكلمة «برجولة»، وهى فى أبسط تعريفاتها «التندة أو الدروة» كما يسميها أهالينا فى الريف، وكانت زمان من الحطب، وترتبط بالغيطان.. فجأة وجدت نفسى محاصراً بأنواع كثيرة ومتنوعة عن البرجولات خشبية ومعدنية فخمة للحدائق الخاصة، والروفيهات الوارفة، ما جعلنى أشك أننى هبطت لى فجأة من السماء حفنة ملايين، أو أننى دون أن أدرى من نسل العائلة الملكية، أو من سلالة السلطان سليمان القانونى، وبرجولاتك برجولاتك، يا سلام سلم على شرباتك. قس على ذلك فى أى سلعة أو خدمة، وستجد كل ما يسرك ويحزنك فى الوقت نفسه، من خلال إعلانات ممولة تظهر لك على مواقع التواصل الاجتماعى رغماً عنك وبالغصب، ودون «إحم ولا دستور». لابد من تشريع يحمى من مثل تلك الاختراقات للخصوصية، أم أن ما كنا نعتبره «خصوصى»، على لسان الفنان الكوميدى الراحل عبد المنعم إبراهيم فى فيلم الزوجة الثانية نوعاً من أحاديث الماضى، وأصبح كل شىء على المشاع، وعلى عينك يا تاجر، والمتضرر يضرب رأسه فى الحيط، أو يشرب من البحر.