جامعة أسيوط تعلن شروط التقديم لحجز 15 وحدة سكنية داخل وخارج الحرم الجامعي    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    «التموين» تطرح عبوة زيت في المجمعات الاستهلاكية بسعر 46.60 جنيهًا    سعر اليوان الصيني مقابل الجنيه في مصر اليوم السبت    خالد عبدالغفار يشهد جلسة حوارية بعنوان دور الثقافة والرياضة في الهوية الوطنية    سلامًا للسودان.. ولو جاء متأخرًا!!    نتائج كأس العالم للناشئين.. بوركينا فاسو تطيح بألمانيا.. وتونس تودع    الزمالك يعلن إطلاق اسم محمد صبري على بطولة كأس الأكاديميات    ما حقيقة مفاوضات الأهلي مع أسامة فيصل وموقف اللاعب؟    سلة - قبل مباراة الفريق الأول.. مرتبط الأهلي يفوز على سبورتنج ويتأهل لنهائي الدوري    رامي عيسي يحصد برونزية التايكوندو في دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025    ولية أمر تحرر محضرا ضد مدرسة خاصة شهيرة بالهرم بعد إصابة ابنها بكسر بالجمجمة    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    أسباب الانزلاق إلى الإدمان ودوافع التعافي.. دراسة تكشف تأثير البيئة والصحة والضغوط المعيشية على مسار المدمنين في مصر    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    أبطال فيلم شكوى رقم 713317 يتألقون على السجادة الحمراء بالقاهرة السينمائي (فيديو وصور)    الأوقاف: مسابقة كبار القراء والمبتهلين شراكة استراتيجية لترسيخ ريادة مصر    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية 2025    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    يوسف إبراهيم يتأهل لنهائي بطولة الصين المفتوحة 2025    من مقلب قمامة إلى أجمل حديقة.. مشاهد رائعة لحديقة الفسطاط بوسط القاهرة    عاجل خبير أمريكي: واشنطن مطالَبة بوقف تمويل الأطراف المتورطة في إبادة الفاشر    طوكيو تحتج على تحذير الصين رعاياها من السفر إلى اليابان    ذكرى اعتزال حسام حسن.. العميد الذي ترك بصمة لا تُنسى في الكرة المصرية    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    الليلة الكبيرة تنطلق في المنيا ضمن المرحلة السادسة لمسرح المواجهة والتجوال    خبير أسري: الشك في الحياة الزوجية "حرام" ونابع من شخصية غير سوية    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    أبو الغيط يبدأ زيارة رسمية إلى الصين لتعزيز الحوار العربي الصيني    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب لقناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 09 - 06 - 2016

لم أعرف لها اسماً، كل ما سمعته عنها كان مخيفاً.. أصابها نور غامض فى عتمة الليل، كتمت أنفاس رضيعها فى أوج نومها، قطعت عليها الطريق جنيَّة تسألها عن طريقة تمشيط الشعر.. هكذا قالوا، وهكذا عشنا لنسمع مع مرور الزمن.
اكتشفت أن أعمارنا تنمو وتنمو معها القصة، من بئر أى أسطورة تشرب هذه المرأة حتى تظل خالدة، الزمن رغم قسوته لم ينجح فى تدمير تضاريسها الذاتية، كانت ذات جسد مخروط دون أنظمة غذائية أو ألاعيب «جيم» أو تدخلات السيليكون والبوتكس والفيللر، كان توهجها طبيعياً، ولكن ينقصه حملة نظافة تتخطفها من التيه وفضاء المجذوبين إلى عالم المرأة المرغوبة.
لم أسمعها تتكلم أبداً، وكلما كبرت زاد إصرارى على معرفة مَن دفعها إلى أرض المجاذيب، وكلما هممت بالسؤال تصدنى عيونها الحادة والمخيفة إذا اتسعت.
فى قريتنا كان الشتاء مثيراً للفضول، ظلام مخلوط بأرض موحلة، وبرك مائية مفاجئة، تقفز لتعبرها مسرعاً لتهرب من ظلام محمل بحكايات عن الجن والعفاريت، محملاً بتلك المخاوف، سمعت ذات مرة همهمة بكائية فى شق من شقوق منزل مهجور، كان العبور بجوار هذا المنزل تحديداً مغامرة نتفاخر بها فى طابور المدرسة، صباح اليوم التالى همهمة قادمة من بيت الرعب، تستدعى ركضاً بمعدل أسرع من خطوات كريستيانو رونالدو، وهو يبصر مرمى خالياً فى مباراة نهائية طرفها الآخر الخصم اللدود برشلونة، ولكنى لم أفعل، ماتت بداخلى كل الحواديت المرعبة، وتجبرت خلايا الفضول والتلصص، وكانت نظرة واحدة كافية لأن أنتفض وأجلس بمؤخرتى فى بركة الماء الموحلة.. كانت هى وكانت عيناها فى قمة الاتساع.. واتساع عيونها كان مخيفاً، وعيونها فى ظلام يخترقه شعاع نور ضال أكثر رعباً، وهذا الرعب يتسرب لقلبى كلما تذكر العقل قصصها الأسطورية، والعقل لم يكل من تكرار طلبه، أسألها عن سرها.. وهى لم تكن فى حاجة إلى سؤال.. أصبح صوت بكائها همهمة كلحن حزين فى الخلفية، ثم أتى صوت لم أسمع انكساره من قبل قائلاً: «عارف يا ولد انت أنا كنت بحبه قوى، كانت روحى فيه، قالوا لى ده مش نصيبك، بس أنا كنت بحبه، لحد ما شُفته معاها فى الغيطان، من وقتها وأنا شُفتهم جوزين عفاريت وشعرى طقطق».. ثم عادت لصمتها ومارست هواياتها فى استهداف راسى بالحجارة.
***
يسمونها وردة.. كبرت على ريحها العابرة فى شوارع قريتنا، الجلباب الفلاحى قديم الطراز، يحمل كل ألوان الزهور الممكنة، يتلاءم تماماً مع شعرها الذهبى وعينها ذات الألوان الغريبة.. تقفز وردة من شارع إلى آخر ومن حارة إلى أخرى بنفس الابتسامة ونفس نشاط سعاد حسنى، وهى تغنى «الدنيا ربيع والجو بديع».
وردة هى ناشرة الابتسامات، مجذوبة، عقلها ذهب فى زيارة إلى حيث الإله، لا أحد يعرف أين ومتى وكيف؟! المهم أن وردة تبتسم.. ذات مرة طافت بجمالها حول منزلنا، تعثرت فى واحد من هؤلاء الأطفال الذين ابتلاهم الله بنصف محصول الدنيا من السماجة، تعرض لطريقها قذفها بقطع من الحجارة، لم تهتم ثم فجأة صرخت كما الأطفال، وبكت كمن خسر عزيزه، حينما سمعت الوحش المتجسد فى هيئة طفل يقول: «وردة الهبلة أهى.. وردة الهبلة أهى»، بكت كما لم تبكِ من قبل، ولم أرَها سوى غارقة فى أحضان سيدة عجوز وتهمهم: «أنا مش هبلة يا خالة.. أنا مش هبلة يا خالة»، ثم اختفت وأنا أفكر فى نصف الجملة التى لم تقُلها وردة، بعد «أنا مش هبلة يا خالة».. ترى ستحكى عن حبيب هجرها، عن أب شديد القسوة، أم جريمة لم يحتملها عقلها؟! مرت كل هذه السنوات، ولا أعرف إن كان رب السماء قد اقتطف وردته من بستان الدنيا، أم ما زالت على حالها، فقط كل ما أعرفه أنى حائر فى سر وردة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.