صناعة اللقاحات واحدة من الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الصحي العالمي، خاصة في ظل التحديات الصحية التي تواجه العالم، مثل تفشى الأوبئة والأمراض المعدية، وتوطين هذه الصناعة يُمثل نقلة نوعية، حيث يُسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، ويُعزز القدرات المحلية في البحث والتطوير، ويوفر فرص عمل جديدة، ما يُسهم فى دعم الاقتصاد الوطني. ◄ اللقاحات الأساسية على رأس قائمة التصنيع ◄ يوفر العملة الصعبة ويدعم الاقتصاد الوطني الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، يؤكد أن توطين صناعة اللقاحات أمر ضروري للمساهمة فى بناء بنية تحتية قوية للرعاية الصحية فى مصر لتخدم الأجيال القادمة، مشيرا إلى أن رؤية القيادة السياسية تستهدف تعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية فى مصر من خلال إنشاء صناعة لقاحات محلية ذات جودة قادرة على تحقيق أقصى قدر من الاكتفاء الذاتى فى اللقاحات الأساسية مع تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لتصدير اللقاحات. فيما قال اللواء طبيب بهاء الدين زيدان، رئيس هيئة الشراء الموّحد والإمداد والتموين الطبي، فى تصريحات له، إن الهيئة بدأت فى الإعداد لبرنامج عقود المشاركة الاقتصادية، التي تعد الذراع التشريعى لدعم الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة اللقاحات في مصر، مشيرًا إلى أن البرنامج يستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال تعزيز الاستفادة من المشتريات الحكومية لدعم المحتوى المحلي، مضيفًا أن أزمة كورونا كانت الدافع الأساسي لخروج تلك الاستراتيجية للنور. ◄ اقرأ أيضًا | استشاري: توطين صناعة اللقاحات في مصر يقلل الاعتماد على الاستيراد ◄ الاحتياجات المحلية من جانبه، أكد الدكتور على الغمراوي رئيس هيئة الدواء، أن التحالف المصري لمصنعي اللقاحات (EVMA)، تم تشكيله فى إطار التوجيهات الرئاسية لتعزيز قدرة البلاد على إنتاج لقاحات فاعلة وآمنة تلبي الاحتياجات المحلية والإفريقية، مشيرا إلى أن تعزيز تلك التوجيهات بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 719 لسنة 2024، بصياغة استراتيجية وطنية موحدة لتوطين صناعة اللقاحات. أما الدكتور هشام بدر، نائب رئيس هيئة الشراء الموحد، فقال إن مصر تستهدف تحقيق اكتفاء ذاتى كامل وزيادة الصادرات بنسبة 50% بحلول عام 2040، مشيرا إلى أنه تم توقيع عدد من الاتفاقيات لنقل التكنولوجيا، مؤكدا أن مصر تستهدف بناء قدرات وطنية مستدامة بما يساهم فى تعزيز الأمن الصحى وتحقيق التنمية الاقتصادية من خلال الشراكات الدولية. ◄ تصنيع آمن وفى هذا الصدد، أكد الدكتور على عوف، رئيس شعبة الدواء بالغرفة التجارية، أن توطين صناعة الأدوية واللقاحات في مصر كان هدفًا استراتيجيًا منذ عام 2014، بهدف تصنيع المتطلبات الأساسية التى كانت تُستورد من الخارج، وقد اكتسب هذا الهدف أهمية متزايدة مع ظهور جائحة كورونا، حيث سارعت الدول لتطوير لقاحات لمواجهة الفيروس، حينها تحركت مصر لإقامة شراكات مع شركات هندية لتصنيع لقاح كورونا، بعدها بدأت خطوات عملية لنقل التكنولوجيا إلى الداخل. وأشار عوف إلى أن منظمة الصحة العالمية قيّمت المصانع ومراكز تصنيع اللقاحات في مصر وصنّفتها فى المستوى الثالث، وهو تصنيف يدل على وجود نظام تصنيع آمن وفعال يسمح بالتصدير إلى أى دولة دون الحاجة إلى الحصول على موافقات إضافية. وفي الوقت الحالى يجري العمل على تطوير فرعى «فاكسيرا» لتعزيز صناعة اللقاحات محليًا، هذا التطوير يهدف إلى تغطية احتياجات السوق المحلية وفتح آفاق لتصدير الفائض، مع خطط للتركيز مستقبلاً على تصنيع التطعيمات الأساسية للصغار والكبار، بما فى ذلك لقاحات السفر. وأوضح أن الاستراتيجية الوطنية لتوطين تصنيع اللقاحات تستند إلى ركائز أساسية، منها تعزيز التعاون مع الاتحاد الإفريقى لتسهيل تصدير اللقاحات إلى الأسواق الإفريقية، وإشراك الشركات في تحقيق الأهداف الاقتصادية الوطنية، مثل نقل التكنولوجيا وبناء القدرات ودعم البحث العلمي. إتقان التكنولوجيا فيما أشارت الدكتورة مروة إمام، دكتوراه فى الميكروبيولوجيا بالمصل واللقاح، إلى أن توطين صناعة اللقاحات فى مصر يمثل خطوة محورية لتعزيز الأمن الصحى والاقتصادي، هذه الخطوة تسهم بشكل كبير فى زيادة الخبرات لدى الكوادر المصرية، حيث يتيح لهم التعلم وإتقان تكنولوجيا تصنيع اللقاحات، كما أن استخدام سلالات محلية فى تصنيع اللقاحات يُعزز من فعالية اللقاحات بشكل كبير، حيث تزداد الاستجابة المناعية نتيجة توافقها مع السلالات المنتشرة محليًا. ومن جهة أخرى، يؤدى توطين الصناعة إلى زيادة توافر اللقاحات محليًا مع خفض تكلفتها، مما يساهم فى تقليل العبء المادى على الأفراد والنظام الصحي، وتشير إلى أن مصر بحاجة إلى إعطاء الأولوية فى التصنيع المحلى للقاحات الهامة، مثل لقاح الروتا والمكورات الرئوية والإنفلونزا الموسمية للأطفال، بالإضافة إلى لقاح الكبد الوبائى «أ» والإنفلونزا الموسمية ، فضلًا عن مصل السعار الضرورى فى حالات الطوارئ. وأكدت إمام أن تشجيع الإنتاج المحلى يقلل بشكل كبير من الحاجة إلى الاستيراد، ما يسهم فى توفير العملة الصعبة ودعم الاقتصاد المصري، كما أن الاكتفاء الذاتى من اللقاحات سيتيح لمصر فرصة التوسع فى تصدير هذه المنتجات إلى الدول العربية والإفريقية، مما يعزز مكانتها الدولية فى هذا المجال. علاوة على ذلك، فإن هذا التوجه يسهم فى رفع اسم مصر عالميًا، فضلًا عن تعزيز البحث العلمى وتطوير التكنولوجيا الطبية، مما يدعم الاقتصاد ويحقق تقدمًا مستدامًا فى قطاع الصحة.