»هالة» امرأة مصرية، واجهت كل ما يمكن تخيله من ظلم وتعذيب وقهر، فى حياة زوجية كانت أشبه بسجن عمره 14 سنة، وعندما انتهت مدته، قرر الزوج بكل قسوة وجبروت أن يكمل وصلة تعذيبه وانتقامه على طلبها الانفصال والابتعاد، بحرمانها ليس من كل حقوقها فحسب، بل وحرمانها من رؤية أبنائها، والتفرقة بين الأشقاء لدرجة حرمان شقيقتهم الخامسة التى أنجبتها «هالة» قبل الطلاق من رؤية أشقائها الأربعة، لتعيش بنار تنهش قلبها وعقلها على فراق فلذات أكبدادها وحرمانها من رؤيتهم واحتضانهم منذ أكثر من خمس سنوات، أي أب هذا الذي يملؤه الجحود ليحرم أم من رؤية أولادها كل هذه الأعوام؟!، حكاية «هالة»، نموذج صارخ لجحود زوج بلا قلب، هذا القهر تسبب فى إصابة الزوجة بشلل نصفى، ورغم ان القانون أعطاها ابسط حقوقها بالحكم لصالحها لرؤية أبنائها الأربعة، لكنها لم تتمكن من تنفيذ هذا الحكم، لتقف مقيدة بأغلال المرض وظلم طليقها، وهى ترى عمرها يضيع من بين يديها ومحرومة من أن تأخذ أولادها بين أحضانها. في السطور التالية تروى «هالة» بطلة قضية من أغرب قضايا الرؤية التى شهدتها محكمة اسرة الجيزة حكايتها. «هالة صلاح الدين» تنظر إليها تظن أنها امرأة تخطت الستين بل السبعين، بل لنقل امرأة في النهاية بعدما أثقلت كاهلها الهموم ولكن في واقع الأمر هي امرأة شابة لم تتعد بعد الأربعين من عمرها، قالت بأسى يدمى القلوب: «لم يعد لدى المقدرة على العد، ولو على التعاسة والعذاب فعمرى يتعدى مئات السنين، أعيش مع والدى ووالدتى منذ خمس سنوات، وهو الوقت الذى لم أر فيه أبنائي، وللأسف أوهمونى انهم خارج مصر مع والدهم وبالتالي لا يمكننى اقامة دعوى رؤية وهم خارج مصر، ثم علمت بالصدفة انهم يعيشون مع جدتهم فى مصر ولم يغادروها، فأسرعت الى محكمة الاسرة وأقمت دعوى رؤية ورغم حصولى على الحكم لكنى لم أتمكن من تنفيذه». البداية عقاب القصة أكيد لم تنته ولكن النهايات أحيانًا تقّد البدايات..؛ بدموع غزيرة تقول «هالة» متوسلة بصوت يملؤه الأسى: «أرجو أن يسمع مأساتى كل من يستطيع حل مشكلتي أن يساعدنى لرؤية أبنائى، صدقوني هموت وأشوفهم وأحضنهم، ابنتى الكبيرة أصبح عمرها الآن 17 عامًا، والصغير اخذوه وعمره 3 سنوات ونصف واعتقد انه لا يتذكرنى نهائيًا، أربعة ابناء بنتين وولدين، فى اعمار مختلفة ولا اعرف عنهم شيئًا منذ خمس سنوات، أتمنى فقط رؤيتهم، حرمنى منهم طليقى عقابًا لى لأني قلت له لا استطيع وحدي الانفاق عليهم، لكنه أصر على الطلاق وإمعانًا في تعذيبي أخذ منى كل شيء حتى ملابسي وطردني، البداية تعود إلى زواجنا، الذى حدث بعد تخرجى مباشرة من كلية العلوم ولأني عاشقة للعلم كنت أستعد للماجستير في تخصص الكيمياء الطبيعية بعدما حصلت على تمهيدي ماجستير، حيث ى انتمى إلى اسرة بسيطة الحال، وكنت مثل كل بنت احلم بالزواج والفستان الابيض وتكوين أسرة هادئة، وكان طليقى يبحث عن عروس ليتزوجها بشرط أن تسافر معه الى البلد العربي الذى يعمل فيه، حيث انه يعمل مهندسا معماريا بإحدى الدول العربية، وبسرعة كبيرة تم الزواج وسافرت معه حيث عمله، ولا يمكن أن يتخيل عقل انى تمنيت الطلاق منذ اول يوم زواج، حيث صدمت بشدة من المشهد الذى رأيته، يعيش فى شقة سيئة للغاية وبها عفش متهالك ليس بها سوى غرفة نوم واحدة، والمطبخ عبارة عن بوتاجاز متهالك، وليس فيه أى أثاث يمكن استخدامه، باختصار الحياة كانت غير كريمة بالمرة، ورغم رفضى للحياة بهذا الشكل كنت قد حملت فى طفلى الاول، ولم اجد سوى السكوت والصبر. ثم اكتشفت بجانب بخله الشديد انه عصبي ومتقلب المزاج بشكل غريب، لم يراع حملي وتعدى علي بالضرب، وتسبب لي بالإجهاض، وأخبرته بأنى أريد العودة إلى مصر لكنه رفض، وراح يعتذر ويخبرنى بأنها ساعة شيطان لن تتكرر، وبعد 3 أشهر فقط حدث حمل آخر، أنجبت ابنتى الكبرى وحاولت ألا أنجب ابناءً آخرين لانى كنت اخاف منه بشدة، وشعرت بأنه ممكن تنتهى حياتنا الزجية فى اي لحظة وقلت لنفسى عليا أن انتظر حتى أشعر باطمئنان نحوه، لكن للاسف اخبرني بأنه تزوج خصيصًا لإنجاب الابناء لأنه يحب الأطفال بشدة». وفى البلد العربي الذي كنا نعيش فيه والكلام على لسان هالة كان لابد من الحصول على موافقة الزوج قبل استخدام أي وسيلة منع الحمل، وبالطبع دائمًا يرفض حتى الذهاب معي للمستشفى، وبعد انجاب ابنى الثانى طلبت منه الانتظار متعللة اني صحيًا لا أقدر على انجاب أكثر من طفلين، وبالفعل ذهب معى للمستشفى، لكن بعد فترة قصيرة حدثت لي مشكلات صحية، ورفض مرة اخرى أن احصل على أي مانع للحمل، فأنجبت الثالث وابنتى الرابعة. عشت معه هناك 14 سنة، كانت من أصعب وأشق سنوات حياتي، تحملت ضرب واهانة وبخل، وقلت لنفسي انه في النهاية من أجل عيون ابنائي، وطوال ال 14 سنة غربة لم أعد الى مصر إجازة لرؤية اهلى إلا 3 مرات فقط، وكان طليقى يكذب عليا بأننا لا يمكننا الحصول على إجازة بسبب مشكلات سوف تحدث فى عمله وربما يمنعوه من العودة مرة اخرى للعمل، وعلمت في النهاية انه كان يوفر نفقات تذاكر السفر والطيران. الهروب ودعوى رؤية وتتذكر «هالة» ما مر معها وتقول بدموع عينيها: «لا أنسى ذات مرة فى احدى المشكلات التى وقعت بيننا أنه شرع في حرقى بإشعال النار في جسدي، لولا بكاء ابنائي وصراخهم خوفًا علي فتركنى وشأني، كان كل مرة يضربني فيها يستعمل أقسي انواع الضرب والإهانة، وانا كنت معه خارج البلاد بمفردى لا حول لي ولا قوة، ولا اقدر على الدفاع عن نفسي، حتى آخر زيارة لنا فى مصر، كنا قد قمنا بشراء شقة فى منطقة المعادى، وفهمت أن اشقاءه يريدون الاستيلاء على كل شيء، وتسببوا فى زيادة المشكلة بيننا، كنت وقتها حامل فى ابنتي الصغيرة وعلى وشك الإنجاب، فتركت منزل الزوجية وأسرعت إلى منزل اسرتى، وطلبت الطلاق بعد أن أصبحت الحياة بيننا مستحيلة، وللأسف تدخل اشقاؤه لا للصلح وإنما لزيادة المشكلات بيننا، شجعوه على اخذ المنقولات التى اشتريناها فى شقة المعادى حتى ملابسي والمصوغات الذهبية اخفاها عني». وعندما تحدثت اليه وطلبت منه ترك منزل الزوجية وإعادة المنقولات حتى اعود للعيش بها بصحبة ابنائي لرعايتهم وتربيتهم، وأن يرسل لهم النفقة التي يحتاجونها، رفض واخبرنى بأنه لن يجعلني أعيش في الشقة التي اشتراها تعجبت من كلامه هذا وأخبرته بأنها فى النهاية هي شقة ابنائه وهو يعيش اصلا خارج مصر بحكم عمله ولا يحتاجها، وسوف اتركها له مرة اخري بعدما يصل الابناء الى السن القانوني للحضانة، قلت له اعتبرني مربية استأجرتها لرعاية ابنائك، لكن يبدو أن المقربين منه تمكنوا من السيطرة على تفكيره، بجانب صعوبة اخلاقه وتفكيره، رفض رفضًا باتا وأخبرنى بأنه لن يترك لى الشقة أو المنقولات. أسرعت إلى محكمة الاسرة وتقدمت بدعوى تبديد منقولات زوجية، وبالفعل حصلت على حكم حبس ضده، لكنه بمنتهى القسوة حضر الى المحكمة وقال انه باع الاثاث منذ فترة كبيرة وسوف يرد قيمتها المحددة فى قائمة المنقولات، وللأسف «رمالى» 20 ألف جنيه هم قيمة قائمة المنقولات، بعد كل سنوات الغربة معه والتعب والتحمل كانت قيمتى 20 ألف جنيه، حتى ملابسي لم آخذها ولا مصوغاتي الذهبية (الشبكة). لم يكن أمامي إلا أن أعطيته الابناء الأربعة، فمن أين أنفق عليهم وأنا لا اعمل حتى دراستي أهملتها فقط طلبت منه أن يتركنى أراهم مرة كل اسبوع، لكنه واشقاؤه ابتزوني إما اخذ ابنائي الأربعة أو منعى من رؤيتهم مرة أخرى، لكنه رفض ولم يطلقنى، وقتها كنت حامل في ابنتي الخامسة آخر العنقود ياسمين، وبعد أن انجبتها ظننت أن المشكلات ممكن أن نجد لها حلا ، لكن فوجئت به يرفض في عناد تسجيل ابنته وقال لي لن اسجلها ولا اعرف عنها شيئًا، خمس سنوات وبكل جحود لم يفكر ولو مرة واحدة أن يرى فيها ابنته أو يتعرف ابنائي الأربعة على شقيقتهم الخامسة! اقرأ أيضا: «مش بتعرف تعمل قهوة».. «أشرف» يطلب تطليق زوجته للضرر صراع مع المرض وتستطرد هالة قائلة: أسرعت إلى قسم الشرطة وحررت محضرًا حتى اسجلها واستخرج شهادة ميلاد لها لأتمكن من تطعيمها، وكان ذلك بعد الولادة ب 3أيام، مما تسبب لى فى إصابتي بحمى النفاس، كادت تقضي على حياتي، ومن الحسرة على ما فعله بى أسرعت إلى محكمة الاسرة وتقدمت بدعوى نفقة زوجية لى ونفقة لابنتي الصغيرة، وتحدد لى نفقة تقدر ب4000 جنيه، لكنه استأنف طالبًا تقليل النفقة وقدم للمحكمة اوراقًا تفيد حصوله على راتب أقل بكثير لكن القدر كان رحيمًا بي فقد كان معى ورقة من عمله بالدولة العربية التي يعمل بها توضح دخله الذي يحصل عليه، قدمتها للمحكمة فتأيد حكم النفقة. ومرت أيام قليلة تعبت بعدها تعبًا شديدًا؛ فاكتشفت أن لدي عيب خلقي فى الشعيرات الدموية حيث انها ضعيفة جدًا، ولم اعرف عنها شيئا إلا بعد أن ارتفع ضغطى بشكل رهيب وتسبب فى انفجار هذه الشعيرات الدموية، وحدث نزيف فى المخ سقطت بعدها صريعة المرض، وقضيت فترة كبيرة فى المستشفى لم يسأل عنى وكنت وقتها بين الحياة والموت في غرقة العناية المركزة؛ لاكتشف بعد إفاقتي اصابتى بشلل نصفى بسبب النزيف فى المخ، والمؤلم عندما علم بالأمر طلقنى غيابي حتى يوقف النفقة التى حددتها المحكمة ولا أطلب منه تحمل نفقة العلاج، هل توجد بشاعة وقسوة أكثر من هذا؟! رحلة البحث تتساقط دموع «هالة» تبكي على ما حدث معها من قهر وتقول:»فأقمت دعوى نفقة أخرى لصغيرتي وحددت المحكمة لها نفقة 1500 جنيه بعد أن وقفت نفقتى، وكلها بالطبع تنفق على المحامين والجرى لتنفيذ الحكم الذي يرفض طليقى تنفيذه، ووسط كل هذا الظلام الذي اعيش فيه كانت الكارثة الاكبر عندما بدأت رحلتى للبحث عن ابنائي، حيث رفض طليقي تماما رؤيتي لهم واخبرني أشقاؤه «بأنه اصطحبهم معه خارج البلاد، وقتها كنت قعيدة الفراش تماما وابنتي طفلة رضيعة، ظللت ابحث عنهم بلا جدوى، وعندما سألت المحامي اخبرني بأنه من الصعب عمل الرؤية لانهم خارج البلاد، ومرت خمس سنوات وبعد علاج مكثف ومكلف تمكنت من المشي خطوات بسيطة مستندة على عكاز، لكن كان يملؤني الامل لاستكمال العلاج حتى اتمكن من السعي لرؤية ابنائي وجعل شقيقتهم الصغيره تراهم، حتى والدها لم يسأل عنها يومًا. حتى علمت بالصدفة من خلال احد معارفهم أن ابنائي يعيشون فى مصر مع جدتهم، فأسرعت إلى محكمة اسرة العمرانية وتقدمت بدعوى رؤية لصغارى الاربعة حملت رقم 3100 لسنة 2024 أسرة العمرانية، اختصمت فيها طليقي ووالدته، وبالفعل صدر الحكم لصالحى برئاسة المستشار عمر فوزي الجابري، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين احمد ليله، واحمد حمدان، وبحضور محمد فراج وكيل النيابة. عجز وأنهت الام المكلومة «هالة صلاح الدين» كلامها قائلة بدموع عينيها:لقد طلبت رؤية ابنائي فى البيت بسبب حالتى الصحية لانى لا أقدر على المشي لمسافة بعيدة أو قضاء وقت طويل واقفه على قدمي، لكن للاسف رفضت المحكمة لان الاستضافة لا توجد فى القانون حتى اللحظة، بل وتم تحديد مكان الرؤية فى مركز شباب المطرية بجانب منزل جدتهم الذي يعيشون فيه، ورغم ابتعادى وعدم مقدرتى على ركوب المواصلات العامة اضطررت لاستئجار سيارة حتى أتمكن من رؤيتهم في مركز شباب المطرية لكن انتظرت طويلا ولم يأتوا بأولادي لرؤيتهم، أنا أموت كل لحظة على فراقهم وأتمنى رؤيتهم ورؤية شقيقتهم، لقد سرق زوجى شبابي وأجمل سنوات حياتي وعشت فى قهر وظلم وذل، ولم يكتف بذلك بل حرمني من كل حقوقى من شقة زوجية ومنقولات وملابس ومصوغات، كنت الخاسر الوحيدة فى هذه الزيجة، ولم يطفأ كل هذا الظلم نار انتقامه على شئ لم أفعله، لكنه أكمل عليه بحرمانى من نور عيني وأملي فى الحياة، أرجو من يمكنه مساعدتى الوقوف بجانبي لتنفيذ حكم قضائي برؤية أم مكسورة محطمة لابنائها.