في رحلة استكشاف أعماق الحضارة المصرية القديمة، يأتي التمثال الخشبي الذي يُعرض الآن في المتحف المصري الكبير كواحد من أبرز القطع الفنية التي تُجسد تفاصيل الحياة اليومية. يُظهر هذا التمثال مشهدًا دقيقًا لأحد الخدم أثناء قيامه بشواء بطة على الفحم، مستعرضًا براعة الفنان المصري القديم في توثيق الأنشطة الحياتية بأسلوب فني فريد. اقرأ أيضا | أصل الحكاية| سجن لويس التاسع في دار ابن لقمان.. صور تم العثور على هذا التمثال في مقبرة "ني عنخ ببي" بجبانة مير في أسيوط، وهي مؤرخة لعصر الأسرة السادسة. * وصف التمثال وتفاصيله يعكس التمثال الخشبي تفاصيل دقيقة للحياة اليومية في مصر القديمة. يظهر الخادم جالسًا، ممسكًا بمروحة بيده اليمنى لتوجيه الهواء نحو النار، مما يُبرز مستوى الاهتمام بواقعية المشهد. يُظهر التمثال عملية شواء بطة على الفحم، وهو نشاط كان يُعتبر من الأعمال الهامة التي يقوم بها الخدم في الحياة اليومية. * الموقع والاكتشاف تم العثور على هذا التمثال ضمن مقتنيات مقبرة "ني عنخ ببي" بجبانة مير في أسيوط، وهي مقبرة تعود لعصر الأسرة السادسة. يُعتقد أن هذه المقبرة تضم العديد من القطع الفنية والماكتات التي تهدف إلى تمثيل الأنشطة الحياتية في الحياة الآخرة. * الغاية من الماكتات كانت الماكتات الخشبية تُستخدم كمساعدات رمزية تُوضع داخل المقابر لضمان استمرار الأنشطة اليومية التي كان يُحبها صاحب المقبرة في حياته. اعتُقد أن الخدم الظاهرين في هذه الماكتات يعودون للحياة بعد الموت لتوفير الطعام، والشراب، وكل ما كان يُفضله المتوفى. يُعد هذا التمثال تجسيدًا واضحًا لهذا التقليد الديني والثقافي. * تطور استخدام الماكتات تُمثل هذه الماكتات مرحلة مهمة سبقت ظهور تماثيل "الأوشابتي" في عصر الدولة الوسطى. بينما كانت الماكتات تُركز على تمثيل الأنشطة الحياتية بالتفصيل، جاءت تماثيل الأوشابتي لاحقًا لتقوم بدور رمزي أكثر عمومية، حيث تُستخدم لتلبية احتياجات المتوفى في العالم الآخر. * الأهمية الثقافية والفنية يمثل هذا التمثال الخشبي إبداع الفنان المصري القديم في الجمع بين الدقة الفنية والرمزية الدينية. كما يُبرز التمثال كيفية استخدام الحرفيين لمواد بسيطة مثل الخشب لإنتاج أعمال تُحاكي الحياة الواقعية. إن هذا التمثال ليس مجرد قطعة فنية، بل هو نافذة تطل بنا على عوالم المصري القديم وطريقة تفكيره واهتمامه بتفاصيل حياته اليومية وحتى ما بعد الموت. يمثل هذا التمثال شهادة حية على عبقرية المصريين القدماء في الفن والدين، ويستحق أن يكون ضمن مقتنيات المتحف المصري الكبير التي تُبهر العالم.