بأى منطق يمكن تقبل مكافأة المخطئ، وعقاب الملتزم؟! بالتأكيد يصعب تبرير قرار ترجمته العملية تقود لإقرار الأمر على هذا النحو! اللجنة الرئيسية للتخطيط والمشروعات بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، اجتمعت فى 19 أكتوبر الماضى، لتزف بشرى السماح بزيادة مسطح المبانى بدور السطح بحد أقصى 75٪ من إجمالى المساحة المحددة للبناء، فى المدن الجديدة التابعة للهيئة. قرار ظاهره رحمة، لكن باطنه ينم عن ظلم شديد، لأنه يدس السم فى العسل! كيف؟ ببساطة، فإن من خالفوا وتقدموا للتصالح، قاموا بالبناء على كامل دور السطح فى المدن الجديدة، وهنا مربط الفرس. الهيئة سوف تقنن وضع المخالف، بينما تفرض قيدا على من التزم، بل إنها تجور عليه، لأن ما تسمح به فى الواقع أقل من 50٪ من مساحة الأرض المخصصة، إذا علمنا أن الرخصة الممنوحة تنص على البناء فقط على 60٪ من هذه المساحة، وبعملية حسابية بسيطة، فإن المتاح لمن التزم، أقل بكثير ممن خالف وفرض الأمر الواقع، بل إن حالات كثيرة تشهد إلغاء هؤلاء للشرفات التى زحفوا عليها لزيادة المساحة الإجمالية للوحدة البنائية المخالفة، أى إنهم تجاوزوا حتى النسبة المقررة أصلا! ثم نأتى للأدهى والأمر، حين تقترح اللجنة الموقرة أن يكون الرسم الذى يتم تحصيله، نظير زيادة المسطح 80٪ من قيمة مقابل التصالح، يعنى مضاعفة الظلم الواقع على المواطن الملتزم، الذى رفض ارتكاب مخالفة، ثم الذهاب للتصالح متمتعا بالعديد من المزايا فى سداد الغرامة المقررة، فمن حقه أن يقوم بتقسيطها، أو إذا ما كان سيسددها بالكامل، فإنه يتمتع بخصم 25٪ من قيمتها، بما يعنى أنه سيفوز بما لم يتح للملتزم الذى سوف يسدد 80٪ من مقابل التصالح!! القرار تم تعميمه على أجهزة المدن الجديدة من جهة، وتوجيهه لرئيس لجنة التسعير من جهة، لينظر كيف يفعله فى أول ديسمبر القادم، والمتضرر ليس أمامه إلا الشكوى لله. يحدث هذا بالتوازى مع صدور قرارات من وزارتى الإسكان والتنمية المحلية، هدفها منح تيسيرات عديدة لتسهيل تراخيص البناء، وإلغاء الاشتراطات البنائية المعوقة للعمران، بما يترجم توجيه القيادة السياسية فى هذا المجال بالانحياز للمواطن، ودعمه، وتعظيم حقوقه المشروعة. مطلوب من وزير الإسكان التدخل العاجل، لتصحيح هذا الخلل الفادح، ومنع الظلم قبل وقوعه.