باتت الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا "فتح" و"حماس"، على موعد مع اتفاقٍ وشيكٍ برعاية القاهرة من أجل إنشاء لجنة الإسناد المجتمعي، التي ستُخول لها مهمة إدارة شؤون قطاع غزة، الذي يعرف عدوانًا إسرائيليًا غير مسبوق إلى حد اللحظة، أسقط خلاله أكثر من 43 ألفًا و300 شهيد، على مدار أكثر من عام. وأعلن مصدرٌ أمنيٌ مصريٌ لقناة "أكسترا نيوز" انطلاق اجتماعات حركتي فتح وحماس بالقاهرة بشأن قطاع غزة من خلال لجنة الإسناد المجتمعي، مشيرًا إلى أن الاجتماعات شأن فلسطيني خالص وأن الجهود المصرية هدفها توحيد الصف الفلسطيني والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني كما أكد المصدر الأمني أن حركتي "فتح" و"حماس" أبدتا مزيدًا من المرونة والإيجابية تجاه إنشاء لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة شؤون قطاع غزة، مضيفًا أن اللجنة ستتبع السلطة الفلسطينية وستتضمن شخصيات مستقلة. وأشار المصدر المطلع على المباحثات إلى أن لقاء فتح وحماس في القاهرة سعى لتحقيق الوحدة الفلسطينية وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، منوهًا إلى أن لجنة الإسناد المجتمعي ستصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتتحمل إدارة قطاع غزة. «خطوة إيجابية» وفي غضون ذلك، أكد جهاد الحرازين، أستاذ القانون العام والنظم السياسية والقيادي بحركة "فتح" الفلسطينية، أن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، والتي تحدث عن أنها صارت قاب قوسين أو أدنى من الاتفاق عليها، خطوة إيجابية في اتجاه المصالحة الفلسطينية. وقال الحرازين، خلال تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم"، "ما يجري في القاهرة من خلال الاستضافة على مدار اليومين السابقين اللقاءات التي جرت بين وفدي حركتي فتح وحماس كان بهدف كيفية إيجاد آلية للجنة الإسناد المجتمعي". وأردف قائلًا: "هذه اللجنة سيُلقى على عاتقها العديد من المهام المتعلقة بعملية الإغاثة لشعبنا الفلسطيني بالإضافة إلى ملفات الشؤون المدنية والتعليم والصحة وكذلك معبر رفح، وهذه اللجنة كان لا بد أن يكون لديها مرجعية، وهذه المرجعية للحفاظ على وحدة النظام السياسي وتتمثل مرجعيتها في الحكومة الفلسطينية، بالغضافة إلى قرار سيصدر من الرئيس أبو مازن (محمود عباس) بمرسوم رئاسي بتكليف هذه اللجنة"، مضيفًا أن "كل ذلك للتأكيد على وحدانية الجغرافيا الفلسطينية ووحدانية النظام السياسي الفلسطيني بمعنى عدم التعامل مع قطاع غزة على أنه منطقة معزولة". وتابع الحرازين: "كل المؤشرات تقول إن هذه الخطوة أصبحت قاب قوسين أو أدنى، وستكون خطوة إيجابية في اتجاه المصالحة الفلسطينية وحلحلة كافة الملفات العالقة؛ لأن الشعب الفلسطيني هو الذي يدفع الثمن في ظل ما يعانيه هذا الشعب من الاحتلال، وفي ظل ما يُرتكب في حقه من جرائم، الأمر الذي يدفع الجميع إلى ضرورة أن يكون هناك موقف موحد باتجاه تحقيق الوحدة الوطنية، والانضواء تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية في ظل قيادة الرئيس أبو مازن". وأكد الحرازين أن الشرعية الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير، وهناك تعامل دولي وإقليمي وعربي مع قيادة المنظمة، مشددًا على أن فلسطين هي أحوج ما يكون لأن يكون الكل الفلسطيني منصهر في بوتقة واحدة، ضمن رؤية وطنية وإستراتيجية فلسطينية واحدة، تهدف إلى أن يكون الكل الفلسطيني موحد حتى نخرج من الذرائع التي يتذرع بها نتنياهو بوجود تشتت فلسطيني وانقسام. وذكر الحرازين أن المستفيد الأول من هذا الانقسام الفلسطيني هو بنيامين نتنياهو، وهو الذي عمل على تغذية هذا الانقسام منذ عام 2007 وعمل تقويض أركان السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وأضاف أنه "اليوم أمام المجازر وحرب الإبادة، التي تُرتكب، المطلوب أن يكون هناك وحدة فلسطينية خالصة والتنازل عن المصالح الحزبية والارتهال لأجندات خارجية والعمل ضمن القيادة الفلسطينية". اقرأ أيضًا: الدور المصري متواصل في دعم القضية الفلسطينية.. وجهود المصالحة لاتتوقف أهداف لجنة الإسناد المجتمعي وفيما يتعلق بقضية تشكيل هذه اللجنة، قال الحرازين: "نحن نعلم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني بكل ما تحمله الكلمة من معنى من عملية تدمير لكافة مقومات الحياة وعدم إدخال المساعدات ومحاولة تذرع نتيناهو أمام العالم بأن لا يريد أن يكون هناك سيطرة للسلطة ولا لحماس على غزة، بالإضافة إلى عدم قدرات المنظمات الدولية على العمل في غزة نتيجة الإجراءات والاستهدافات الإسرائيلية، لذلك كان لا بد أن يكون هناك تحضير وموقف فلسطيني يُروج له عالميًا ونقل الكرة إلى الملعب الدولي من أجل الضغط على نتنياهو لإيقاف الحرب والسماح بهذه اللجنة للعمل بالأهداف المحددة لها". وأشار الحرازين إلى أن أهداف تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي ستكون محددة من قبل الرئيس الفلسطيني المتعلقة بأعمال الإغاثة والعمل الإداري والمدني المتعلق بالسكان والمواليد، وكل هذا بالتنسيق مع حكومة الدكتور محمد مصطفى". وأكمل الحرازين حديثه بالقول إن هذه الأمور من أجل القفز على مخططات نتنياهو، الذي يهدف من خلالها لاستهداف الشعب الفلسطيني، وقد تكون خطوة بداية لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية. آمال نحو مصالحة حقيقية وفي غضون ذلك، قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلاقات الدولية والسياسي الفلسطيني، "نأمل أن تكون لجنة الإسناد المجتمعي مقدمة نحو تحقيق مصالحة وطنية حقيقية بين جميع الفصائل". وأكد شعث في تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم"، ضرورة إنجاح جهود التوصل إلى مصالحة فلسطينية بين الفصائل وإنهاء الانقسام، في المباحثات التي ترعاها القاهرة. وقال أسامة شعث، "أتوقع أن تثمر مباحثات القاهرة عن تحقيق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وإن شاء الله يكون هناك تفهم من كل الفصائل الفلسطينية ومن حركة حماس بأهمية تحقيق هذه المصالحة". اقرأ أيضًا: الرئيس الفلسطيني يصل إلى مصر في زيارة رسمية وشدد قائلًا: "المصالحة هي الملاذ الأخير الذي سيوصلنا إلى الطريق الصحيح، والحل الأمثل للخروج من كل الأزمات والذهاب إلى الحل السياسي، وأنه لا أمل في مستقبل الشعب الفلسطيني بدون هذه المصالحة". «ترتيب أوراق اليوم التالي من الحرب» ومن جانبه، اعتبر أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والخبير بالشؤون الإسرائيلية، تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة شؤون غزة بمثابة ترتيب الأوراق لمرحلة ما بعد الحرب في غزة. وقال الرقب، ل"بوابة أخبار اليوم"، "هناك جهود تُبذل من القاهرة لاتفاق فلسطيني فلسطيني لترتيب الأوراق لليوم التالي من حرب غزة، مضيفًا أنه "إذا وافقت حركة حماس على تشكيل هذه اللجنة، وحسب المعلومات إنها وافقت وستُعقد جلسة عامة للفصائل في نوفمبر الحالي ومن ثم يكون هناك قرار بتشكيل هذه اللجنة". وحول الموقف الإسرائيلي حيال ذلك، تحدث الرقب عن أن نتنياهو سيكون معارضًا لفكرة تشكيل هذه اللجنة لأنه لا يريد أن يكون هناك تواجد لحكم فلسطيني في قطاع غزة. وأكد الرقب أن تشكيل هذه اللجنة سيكون لبنة مهمة جدًا في إنهاء الانقسام، وهي خطوة عملية لتجاوز مشكلة تشكيل حكومة التكنوقراط في فلسطين.