فى ظل التحديات المتزايدة التى تواجهها مصر على الساحتين الإقليمية والدولية، يبرز دور القيادة السياسية فى تعزيز قدرات الدولة وحماية مصالحها. الرئيس عبد الفتاح السيسى، منذ توليه الحكم عام 2014، اتبع استراتيجية شاملة تهدف إلى تأمين الدولة وتحقيق التنمية المستدامة، تركزت هذه الاستراتيجية على عدة محاور رئيسية، منها تعزيز القدرات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على مكافحة الفساد وبناء الإنسان المصرى. فى هذا التقرير، نستعرض أبرز ملامح هذه الاستراتيجية، ودور القوات المسلحة المصرية فى الحفاظ على الأمن القومى ومشاركتها فى المشاريع التنموية التى تعكس رؤية مصر 2030. الإنسان أولًا مبادرات مستمرة ومشاريع بالمليارات لتحقيق حياة كريمة لكل المصريين تتوالى مبادرات الدولة التى تستهدف بناء الإنسان، ولعل من أبرزها مؤخرًا مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى»، والتى تهدف للاستثمار فى رأس المال البشرى عن طريق برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية من خلال تعزيز الجهود والتنسيق والتكامل بين جميع جهات الدولة فى مختلف المحافظات، وعلى رأسها الوزارات المعنية، مثل: التربية والتعليم والصحة والأوقاف والثقافة والتضامن الاجتماعى والشباب والرياضة وغيرها، لتحقيق مستهدفات المبادرة، بحيث يشعر المواطن بالمردود الإيجابى خلال فترة وجيزة. كما تهتم المبادرة بالأسرة المصرية عبر برنامج متكامل، وترتكز أيضًا على بناء الوعى، وإعداد أجيال جديدة تترسخ لديها قيم الانتماء والولاء للوطن، والحفاظ على مقدراته والمشاركة بفاعلية فى عملية التنمية الشاملة. التنمية الحقيقية وعن أهمية هذه المبادرات والمشروعات، يقول د. عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الصحة والتعليم من أهم الخدمات التى تهم المواطنين وتعد أحد أهم مقاييس رضا المجتمع وهما الحجر الأساسى لبناء الدولة ومحورا التنمية الحقيقى ومن خلالهما تستطيع أن تحدث تنمية اقتصادية وبناء للإنسان المصرى. ويشير إلى ازدياد اهتمام الدولة بالصحة والتعليم، إذ أطلقت مصر فى عام 2018 المشروع القومى لإصلاح التعليم الذى يقوم على طرح نظام تعليمى جديد أيضًا وأطلقت استراتيجية التعليم قبل الجامعى 2014-2030 وكذلك استراتيجية التعليم العالى والبحث العلمى 2030 وكذلك الاستراتيجية القومية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2030، وتعمل الدولة على تطوير منظومة المرحلة الثانوية، وذلك من خلال تعديل المناهج وجعلها أكثر ارتباطاً بالواقع ويشتمل التطوير المناهج، وآليات القبول فى الجامعات ونظم التقويم واختيار الطالب المسار المناسب لميوله واتجاهاته، وقد تضاعفت مخصصات التعليم فى الموازنة عبر السنوات الماضية، فبلغ مخصص التعليم 94.4 مليار جنيه عام 2014 / 2015، فى حين جرى تخصيص 565 مليار جنيه للتعليم قبل الجامعى، و293 مليار جنيه للتعليم العالى والجامعى فى العام المالى الحالى 2024 / 2025.. ويوضح «السيد» أن هناك جهودًا من الدولة فى تطوير الأبنية المدرسية والاهتمام بالبنية التحتية والمتابعة المستمرة لصيانة المدارس وجرى بناء 551 ألف فصل دراسى على مدار ال 10 سنوات الماضية. كما أن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» جرى فى المرحلة الأولى تسليم إجمالى 2392 مشروعًا، بعدد 14940 فصلًا، ما بين مشروعات إنشاء ومشروعات صيانة وتطوير، كما يجرى حاليًا تنفيذ إجمالى 38 مشروعًا بعدد 379 فصلًا، وتضمنت الخطة المقترحة للمرحلة الثانية، تجهيز إجمالى 669 مشروعًا، بعدد 9267 فصلًا، فضلًا عن استمرار استيفاء مستندات 192 مشروعًا، بعدد 3298 فصلًا، مما يعكس توجهات وقناعة الدولة بالاهتمام بالتعليم كونه ركيزة لبناء الإنسان، وقد أدى اهتمام مصر بتطوير التعليم إلى صعود مصر الى مركز 39 ضمن تصنيف US News لأعلى 87 دولة فى جودة التعليم. تنظيم الأسرة ويؤكد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أنه بالنسبة لقطاع الصحة فقد تخصص 459.6 مليار جنيه بموازنة 2024 / 2025 للصحة مقارنة ب 32 مليار جنيه بالعام المالى 2014، ويشمل الإنفاق فى مجال الصحة مبادرات لتنظيم الأسرة ومبادرات خاصة بالعلاج على نفقة الدولة والتوسع فيه وهو ما ظهر فى البنود العامة لموازنة الدولة، ويأتى هذا بهدف تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية وتعزيز الطلب على خدمات الصحة وتنظيم الأسرة وأيضًا خدمة مشروع 100 مليون صحة، مما يصب فى تحسين الخدمة الصحية ومواكبتها للمعايير الدولية خاصة مع تطبيق منظومة التأمين الصحى الجديدة التى ينتفع بها 100 مليون مصرى خلال ال 15 عاماً المقبلة. يوضح د. مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، أن أهم العوامل الاقتصادية هى الإدارة التى تختص ببناء الإنسان، فهو المحرك الرئيسى للبناء والنهوض الاقتصادى. لذا فإن الدولة منذ اليوم الأول لتولى الرئيس السيسى المسئولية لم تدخر جهدًا فى بناء الإنسان باستراتيجية شاملة فى جميع الجهات، بدأت بكثير من المبادرات المتنوعة كحياة كريمة و100 مليون صحة والقضاء على قوائم الانتظار وغيرها من المبادرات التى ساهمت فى الارتقاء بطبيعة الحياة للإنسان المصرى. تحقيق التوازن ويضيف أن هذه المبادرات لها فائدة عظيمة لأنها ساهمت فى تحقيق التوازن فى التنمية بجميع أنواعها والدخول فى كل الملفات التى تسهم فى بناء إنسان قادر على المشاركة فى التنمية الاقتصادية، مثل حياة كريمة والاستثمار فى البنية التحتية وتطويرها، وأيضًا قطاع الصحة وبناء إنسان صحى قادر على تحمل التحديات مثل مبادرة 100 مليون صحة ومبادرات الكشف المبكر والقضاء على قوائم الانتظار وغيرها من المبادرات. بالإضافة إلى المشروع القومى لتبطين الترع ومشروع المليون فدان وغيرها من الاستثمارات التى لها تماس واضح مع حياة المواطن وتسهم بشكل مباشر وغير مباشر فى بناء الإنسان فى المقام الأول، ومن ثم لها تأثير فى الارتقاء بالاقتصاد بعد أن توافر لدينا إنسان مؤهل لهذه التنمية. ويشير بدرة إلى أن المبادرات الرئاسية أسهمت فى الحد من الأمراض وتحسين الأوضاع المعيشية، ناهيك عن الحد من نزيف الاقتصاد وإهدار الموارد وعدم استغلال الأصول المصرية. وهذا ما ظهر فى مشروعات زراعية كما ذكرنا، مثل تبطين الترع وزراعة المليون فدان، وعقارية بتحقيق طفرة عقارية فى جميع المجالات، وأيضًا الاستثمار الصناعى وغيرها من الخطوات البنّاءة التى لم تكن لتنجح إلا بمثل هذه المبادرات التى أسهمت فى صناعة الإنسان المصرى.. يشير د. إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن الإنسان هو الثروة الحقيقية التى تتمتع بها مصر، فهو الثروة البشرية التى ما إن تم الاهتمام بها بطريقة صحيحة ستكون هذه الخطوة هى اللبنة الأولى فى تحقيق التنمية الاقتصادية. فالإنسان هو الهدف الرئيسى من التنمية وهو السبيل الذى سيحقق هذه التنمية. المبادرات الرئاسية ويؤكد أن المبادرات الرئاسية بتنوعها فى جميع المجالات الصحية والاجتماعية والاقتصادية هى السبيل الأمثل فى الوصول إلى إنسان صحى مؤهل للبناء الاقتصادى. ومن ثم سيكون لهذا البناء نتيجة اجتماعية تسهم فى بهاء الثقافة وتشكيل وعى الإنسان وتنميته فكريًا. ويضيف أنه من هنا نخلص لأهمية استراتيجية من المبادرات الرئاسية، ألا وهى كما ذكرنا بناء الوعى. فالمبادرات الرئاسية كحياة كريمة، وبداية ودعم التعليم، و100 مليون صحة، وزراعة المليون فدان أسهمت فى بناء إنسان واعٍ للتحديات، قادر على التحدى، ناتج عن الاهتمام بتفاصيله الدقيقة التى تسهم فى تشكيل وعيه بصورة سليمة. ويوضح أن كل هذه الفوائد لها تأثير اقتصادى كبير، لأننا فى النهاية وصلنا إلى إنسان يتمتع بصحة جيدة ومفكر وله قدرة على التحدى ومتنوع المجالات. لذا فإن هذه المبادرات هى الاستثمار الأمثل لتحقيق استراتيجية الدولة فى التنمية المستدامة. اقرأ أيضًا | 2٫687 مليار دولار من صندوق المناخ لتمويل مشروعات تنموية استراتيجية شاملة وتعزيز قدرات الدولة مسعود: الرئيس رفع جاهزية القوات لتأمين البلاد العمدة: التنمية وتماسك الشعب سلاح العبور فى البداية أكد اللواء عادل مسعود، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا و الاستراتيجية، أن القوات المسلحة بذلت طوال السنوات الماضية مجهودًا جبارًا لمجابهة التحديات المختلفة على الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة لمصر وحماية سواحلها الممتدة وخوض حرب ضد الإرهاب والمشاركة فى عمليات التنمية، وقد حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ اليوم الأول لتوليه المسئولية على رفع قدرات القوات المسلحة المصرية وتنويع مصادر التسليح ورفع جاهزية القوات لتأمين الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة وردع كل من تسول له نفسه الاقتراب من السيادة المصرية. فمن خلال المناورات العسكرية المختلفة التى تم تنفيذها بداية من عام 2014 للوقوف على نقاط القوة والنقاط المطلوب التركيز عليها، واليوم نرى جاهزية قواتنا المسلحة على أعلى مستوى فى حماية مقدرات مصر على كل الاتجاهات وهو ما ظهر جليًا فى القضاء على سرطان الإرهاب فى سيناء وحدودنا الشمالية الشرقية بالتعاون مع رحال الشرطة وأجهزة الاستخبارات، وعندما حدثت الأزمة الليبية فرضت الدولة خط سرت الجفرة كخط أحمر لمواجهة مخططات خارجية فى مواجهة حدودنا الغربية، وبالفعل انتهت تلك الظاهرة وشاهدنا إنشاء قواعد بحرية قاعدة برنيس فى الجنوب الشرقى وجرجوب فى الشمال الغربى وإنشاء الأسطول الشمالى والجنوبى وتدعيمه بحاملتى المروحيات أنور السادات وجمال عبد الناصر لحماية حقول الغاز وتأمين المسرح البحرى، وبهذا تكون قواتنا المسلحة قادرة على حماية الحدود الشرقيةوالغربية والجنوبية والشمالية. ومن جانبه حدد اللواء سمير فرج، المفكر والخبير الاستراتيجى، ثلاثة تحديات تُعد الأبرز برأيه فى السنوات المقبلة، أولها وأبرزها التحدى الاقتصادى بالعبور من الظروف الاقتصادية التى تمر بها مصر، أما التحدى الثانى فهو الحفاظ على القوة العسكرية لتأمين البلاد واستثماراتنا وتأمين مواردنا المالية كى لا تفكر دولة أخرى فى حوض النيل بإنشاء سد جديد أو تهديد الملاحة فى البحر الأحمر أو استخراج الغاز فى البحر المتوسط، فيما يتركز التحدى الثالث فى تنمية الإنسان المصرى من خلال التركيز على قطاعات الصحة والتعليم ومشروعات حياة كريمة. وقال اللواء سمير فرج ل«الأخبار» إن الدولة واجهت فى السنوات الأولى من عهد الرئيس السيسى تحدياً كبيراً تمثل فى العمليات الإرهابية، مؤكداً أن مصر نجحت فى القضاء على الإرهاب فى مدة أسرع من المتوقع. كذلك أشار إلى نجاح الدولة فى الحفاظ على تحقيق معدلات تنمية اقتصادية رغم جائحة كورونا التى ضربت العالم، ثم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وحالياً الحرب الدائرة فى قطاع غزة، لذلك كان التحدى الكبير الذى نجحت فيه الدولة هو القدرة على تأمين البلاد وفى نفس الوقت عدم التخلى عن تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية. وشدد المفكر الاستراتيجى على ضرورة أن يصطف الجميع حول القيادة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى والجيش المصرى العظيم؛ لعبور المرحلة الخطيرة من عمر الوطن بخير وسلام، لافتًا إلى المخططات الخارجية المهددة لأمن مصر القومى، وعلاقة مصر بالدول الغربية والعربية، وأهم القضايا والمخاطر التى تتعرض لها المنطقة من الاتجاه الاستراتيجى الغربى والشرقى والجنوبى والشمالى، وتحديات الأمن المائى. وأوضح اللواء محمد الغبارى الخبير العسكرى ومستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية أن مصر تحت قيادة الرئيس السيسى قامت بتحديث شامل لقواتها المسلحة، فقد رأينا القطع البحرية الأحدث فى المنطقة مثل حاملة المروحيات ميسترال، وكذلك أحدث الطائرات المقاتلة مثل رافال وميج 29، وكذلك إنشاء العديد من القواعد العسكرية على جميع الاتجاهات الاستراتيجية. وأكد أن الفترة الماضية شهدت العديد من التحديات التى هددت الأمن القومى المصرى من تحديات داخلية وخارجية.. فالدولة كانت على قدر هذه الأحداث بالكامل، وواجهت التحديات على كل الاتجاهات الاستراتيجية على حدودها الغربية والشمالية الشرقية والجنوبية. وفى الشأن الداخلى استطاعت مصر القضاء على الإرهاب فى سيناء، واستعادت السيطرة عليها بعد 10 سنوات كاملة من الحرب على الإرهاب فى سيناء والقوات المسلحة نجحت فى هذا الأمر وليس القضاء على الإرهاب وحده بل قامت على التوازى بعمليات تنمية شاملة فى سيناء شملت كل مناحى الحياة هناك. وقال إن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان له رؤية بعيدة المدى بالقضاء على الإرهاب وكذلك الدفع بكل جهود الدولة لتنمية سيناء، فقد أنهى الإرهاب بالتنمية.. فكانت رؤية الرئيس بتنمية سيناء وتعميرها والدفع بأكبر مشروعات تنمية هناك لأن الإرهاب فكر فى المقام الأول ووصول التنمية إلى كل ربوع سيناء كان له السبب الأكبر فى القضاء عليه. وأشار إلى أن الأشهر الماضية شهدت تحديات مختلفة ولكن لها نفس التأثير السلبى، وهى الحرب فى قطاع غزة ومحاولات إسرائيل الدفع القسرى للفلسطينيين إلى مصر، وما أتبعها من تهديدات الحوثيين لحركة الملاحة فى البحر الأحمر وتداعياته على عائدات قناة السويس، يضاف لذلك الحرب فى السودان، وكل ذلك أضاف المزيد من الأعباء إلى أعباء سابقة. أما اللواء أ.ح عادل العمدة المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا و الاستراتيجية أكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسى حافظ على قدرات الدولة المصرية فى ظل التحديات والمخاطر التى تواجه المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام، وأوضح أن الرئيس السيسى منذ توليه المسئولية فى عام 2024 حافظ على قدرات الدولة من خلال استراتيجية تبناها قائمة على عدة محاور هى أولًا وضع خارطة طريق للمستقبل وثانيًا الدستور المصرى وثالثًا تنفيذ خطة التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، بالإضافة إلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى. وأضاف أن الرئيس أقسم على الحفاظ على الدستور واحترام القانون ووحدة وسلامة أراضى الوطن، وقد صان العهد والوعد، مما حافظ على قدرات الدولة المصرية فى توقيت عصيب وسط مخاطر إقليمية شديدة، حيث واجه الفساد من خلال تفعيل دور هيئة الرقابة الإدارية للحد من انتشار الفساد ومواجهته وأطلق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وفى إطار رعاية مصالح الشعب عمل على بناء الإنسان المصرى صحيًا واجتماعيًا. وأشار اللواء العمدة إلى أن حماية مقدرات الدولة المصرية شملت أيضًا خطة الإصلاح الاقتصادى والتعزيز من مصادر الدخل القومى من خلال تنمية سيناء وإنشاء الأنفاق وقناة السويس الجديدة لزيادة الدخل القومى، بالإضافة إلى عدة مشاريع قومية أخرى. الاستقرار.. الدعامة الأساسية للجمهورية الجديدة :محسب: مصر تخوض ملحمة وطنية منذ 10 سنوات لدفع مسيرة التنمية والنهضة بخطىً ثابتة، ووفق رؤى وخطط واضحة، رسمت الدولة المصرية طريقها نحو الجمهورية الجديدة، دولة القانون الوطنية المدنية الحديثة.. التى تراعى محددات أمنها القومى فى الداخل والخارج، وتدرك شواغل مواطنيها فى ظل أزمات إقليمية ودولية وتغيرات جيوسياسية تفرض تحديات على جميع الأصعدة، أمنيًا وسياسيًا واقتصادياً واجتماعيًا، وحتى فى السياقات المتعلقة بحقوق الإنسان؛ فلم تغفل الدولة هذا الملف المُلح ذا الأهمية القصوى، بوعى القائد وحكمة أجهزة الدولة وبتطوير السياسات وآليات العمل، انطلقت مصر نحو الجمهورية الجديدة بترتيب محكم لكل الملفات ورؤية ثاقبة لكل التحديات؛ فاستطاعت تحقيق الاستقراى الداخلى وصنع مناخ سياسى اتسم بتطوير التشريعات، وبيئة وطنية تجنح للحوار بين القوى الوطنية الفاعلة كافة، لتحقيق مصلحة الوطن. يؤكد د. أيمن محسب، عضو مجلس النواب، ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطنى، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما تولى قيادة البلاد فى 2014 كان حريصًا على العمل على خطوط متوازية، من أجل تحقيق الاستقرار وإعادة الدولة المصرية إلى مكانتها الطبيعية إقليميًا ودوليًا، مشيرًا إلى تنوع التحديات التى واجهت مصر فى ذلك التوقيت والتى كان على رأسها محاربة الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار باعتبارهما البوابة الرئيسية للتنمية والنهضة. وقال محسب إن مصر خاضت على مدار 10سنوات ملحمة وطنية فى كل المجالات بإطلاق المشروعات القومية العملاقة وهو ما أسهم فى وضع ركائز ودعائم الجمهورية الجديدة، الأمر الذى ترتتب عليه إحداث نقلة نوعية تاريخية فى جميع قطاعات الدولة بين الاقتصاد والعمران والتنمية والمرافق والصحة والطاقة والصناعة، فبات الإنجاز هو شعار المرحلة والتحدى هو سلاح القيادة السياسية من أجل عبور التحديات. وأضاف عضو مجلس النواب، أن القيادة السياسية أيقنت أن البنية التحتية هى العمود الفقرى للتنمية المستدامة للمجتمعات، وهى الخطوة الأولى لتمهيد الطريق أمام جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع الاستثمار المحلى، كما تبنت الدولة حزمة من الإصلاحات التشريعية التى شملت كل المجالات والقطاعات، بالإضافة إلى إجراء إصلاح سياسى شامل من خلال الدعوة إلى عقد حوار وطنى يضم جميع القوى السياسية والحزبية من أجل صياغة أولويات العمل الوطنى. من جانبه قال ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل الديمقراطى إن طريق مصر لتحقيق الاستقرار الداخلى وانطلاقها على مسار الإصلاح التشريعى والحوار الوطنى الشامل كان طريقًا طويلًا مليئًا بالعقبات والمطبات التى كانت تتطلب رؤية متكاملة وإرادة سياسية صلبة واستعداد شعبى على التضحيات وبذل الأرواح والدماء من أجل تخطى العقبة الأولى التى زرعها أصحاب المخططات الشريرة المعادية التى ينفذها تحالف من جماعة «تتخذ من الدين شعارا لها» مع دول إقليمية ودول غربية عظمى. وأوضح رئيس حزب الجيل أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى للحوار الوطنى كانت هى القوة الدافعة وراء تحرير حياتنا الحزبية والسياسية من جمودها، مؤكدًا أن الدعوة إلى الحوار الوطنى لم تكن تعنى إهمال الدولة لقضية الإصلاح السياسى؛ فقد سبق دعوة الرئيس للحوار الوطنى اتخاذه عددًا من القرارات الرئاسية العميقة وذات التأثير غير المحدود. بدوره أكد هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة بأن ما قامت به الدولة المصرية فى ظل الجمهورية الجديدة من استعادة الاستقرار الداخلى والانطلاق نحو آفاق الإصلاح الشامل يمثل «علامة فارقة» فى تاريخ مصر الحديث و« نجاح استثنائى» فى ظل التحديات الداخلية والظروف الإقليمية والدولية الراهنة، موضحًا بأن وصفة النجاح تمثلت فى الزعامة التاريخية للرئيس عبد الفتاح السيسى والمؤسسات الوطنية وفى القلب منها القوات المسلحة وصمود وثبات ووعى الشعب المصرى. وأضاف عبد العزيز بأن كلمة السر فى نجاح الدولة المصرية فى تحقيق ذلك هو كونها «دولة مؤسسات وطنية» فى القلب منها الجيش المصرى الذى أثبت كعادته أنه العامل الحاسم فى مثل تلك المواقف الصعبة على مدار التاريخ المصرى، مشيدًا بالموقف الشجاع للقوات المسلحة، بقيادة الفريق عبد الفتاح السيسى فى وقتها، إبان تهديدات الجماعة الإرهابية وأعوانها فى جميع الأقاليم المصرية وبالأخص سيناء بالإضافة إلى قدرته على دفع مسيرة التنمية، فى تطبيق عملى واضح بأن يحمل السلاح بيد ويحمل النماء لمصر باليد الأخرى. وقال د.عمرو الهلالى الباحث فى الشئون السياسية إن أولويات القيادة السياسية وتغليب المصالح الداخلية هى أحد أهم أسباب قدرة النظام على تحقيق الاستقرار الداخلى خلال السنوات السابقة.. خاصة أن مصر فى عهد الرئيس السيسى لم تنجرف للمحاولات المتكررة لجر مصر الى صراعات عسكرية اقليمية من جميع الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، ولم تستجيب لمحاولات الانجرار لتصريحات إعلامية عدائية مباشرة لقوى معينة تناصب مصر العداء فى بداية حكمه جعلت من الوقت وحده كفيلًا بتقريب وجهات النظر وتحقيق قدر معقول من التعاون المشترك بين مصر وتلك الدول بدلًا من التجييش الذى كان من الممكن أن يؤدى إلى الانشغال بالخارج عن الداخل وهذه هى أحد أفضل سمات عهد الرئيس السيسى وهو التوازن بين دور مصر الإقليمى والعالمى وعدم الانشغال به عن أولويات الجبهة الداخلية. وأضاف الهلالى أنه يمكن تقسيم هذه الأمر إلى عدة مراحل أولها استعادة دور مصر بالدبلوماسية الهادئة وإعادة بناء البنية الأساسية الداخلية (وهو ما استغرق الوقت الأكبر) وترتيب أولويات الداخل والتى بدأت بالعامل الأمنى ودحض الإرهاب والقضاء عليه ومرورًا بتنامى البنية الأساسية من طرق وطاقة والبنية المعلوماتية ليحدث هذا الاستقرار الذى نعيش فيه داخليًا إلى حد كبير. بينما أكد النائب عمرو السنباطى عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن عن دائرة مصر الجديدة ومدينة نصر أن الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى استشعرت مبكرًا التحديات الإقليمية والدولية، مما جعلها تمضى قدمًا فى طريق تحديث وتطوير قدرات الجيش المصرى بما يعززها ويحقق الهدف الأسمى لحماية الأمن القومى، كذلك العمل على كل المحاور التى تحقق للدولة الاستقرار الداخلى من خلال بناء مؤسسات الدولة وتكاتفها فى مواجهة التحديات الاقتصادية، خاصة فى ظل حوار وطنى جامع وشامل لقضايا المجتمع.. وأشاد السنباطى بتحركات الدولة المصرية فى مواجهة أزمات المنطقة، قائلاً: «نجحت الدولة فى انتهاج سياسة خارجية متوازنة تحقق الأهداف الاستراتيجية للدولة المصرية، كما تفاعلت بحكمة لحل أزمات الإقليم خاصة مع تصاعدها». أكد جمال الكشكى، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، أن تبنى القيادة السياسية الحوار الوطنى كان مهمًا للغاية، لعدة أسباب سواء على المحور السياسى، أو الاقتصادى، أو المجتمعى، حيث تناول قضايا كان الاقتراب منها يبدو صعبًا للبعض، ولكن إرادة الحوار الوطنى والإرادة السياسية للدولة المصرية اختارت مناقشة كل الموضوعات بدون خطوط حمراء وهو ما كان له بالغ الأثر على الوضع الداخلى المتماسك. وأشار الكشكى إلى أن الحوار الوطنى شهد زخمًا كبيرًا مما يؤكد على قوة الدولة، كما تعد رسالة على أن الدولة تفتح قلبها لكل أبنائها، وتقبل بالجميع من مختلف الآراء السياسية طالما تقف على أرضية وطنية، موضحًا أن النقاشات أكدت على أهمية الحوار ونتائجه التى تعبّر عن رأى الخبراء والشارع فيما يهم المواطن. وأوضح الكشكى أن تماسك المجتمع الداخلى فى ظل الأوضاع الاقتصادية الداخلية والإقليمية المضطربة يؤكد على أهمية المحور المجتمعى وما تضمنه من قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة وحقوق المرأة، والذى عبّر عن القوة الناعمة والهوية التاريخية والحضارية لمصر. عبور اقتصادى رغم التحديات :إجراءات ناجحة فى التعامل مع «كورونا والأزمة الروسية - الأوكرانية وحرب غزة» أظهر الاقتصاد المصرى قدرته على الصمود أمام التحديات العالمية التى حدثت خلال السنوات الماضية، بدءًا من «كورونا مرورًا بالأزمة الروسية - الأوكرانية وحر ب غزة والتوترات فى الملاحة بالبحر الأحمر» وبفضل الإجراءات السريعة والمناسبة تمكنت مصر من العبور إلى بر الأمان، وتحقيق العديد من المستهدفات من بينها انخفاض معدل البطالة، وزيادة فى جذب الاستثمارت الأجنبية وانخفاض عجز الموازنة وتحسن فى التنافسية العالمية. وأرجع خبراء الاقتصاد نجاح الدولة فى امتصاص الأزمات المتتالية نتيجة لاعتمادها على الاستراتيجيات المرنة بالإضافة إلى تنويع الشراكات الدولية، وساهم ذلك فى تخفيف الآثار السلبية للأزمات وتنفيذ العديد من المشروعات القومية بجانب الانضمام لتكتل البريكس مطلع العام الجاري. الاستقرار الاقتصادي فى البداية أكدت د.سحر البهائى أستاذ الاقتصاد، أن مرحلة الإصلاح الاقتصادى بمصر كانت ناجحة وحققت العديد من المستهدفات التى كانت تسعى الدولة لتحقيقها من بينها تحسين التصنيف الائتمانى لمصر وانخفاض معدل البطالة، وتراجع معدل عجز الموازنة، وأضافت، أن مصر جزء من الاقتصاد العالمى وبالتأكيد تأثرنا من الأحداث بداية من أزمة كورونا ثم أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، مرورًا بحرب غزة والتوترات فى البحر الأحمر وجنوب لبنان، وأثرت التوترات الجيوسياسية على الاقتصاد المصري، وأدت لتراجع إيرادات قناة السويس، بالإضافة إلى أننا فقدنا جزءًا من إيرادات السياحة خلال ال 9 أشهر الأولى من العام الحالي. وأوضحت أن تقرير البنك الدولى الصادر فى إبريل 2024 أشاد بالجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة المصرية لتحقيق الاستقرار الاقتصادى والإصلاحات الهيكلية وأثنى التقرير على أداء الحكومة فى ظل ما تشهده المنطقة من توترات جيوسياسية، انعكست تأثيراتها بشكل ملحوظ على إيرادات مصر، حيث توسعت الصراعات فى الشرق الأوسط لتمتد إلى البحر الأحمر بما كان له أثر فى تراجع ايرادات قناه السويس وغيرها من القطاعات الاقتصادية. وأضافت البهائي، أن ما يحدث فى البحر الأحمر لم يؤثر على مصر فقط بل امتد تأثيره للعديد من الموانئ فى أنحاء آسيا ليشمل سنغافورة واستراليا وشنغهاى والتى تعانى من تأخيرات وصول الشحنات نتيجة إعادة توجيه مسارات السفن واضطراب الجداول الزمنية، مشيرة إلى أن احتمالية توسيع نطاق الحرب فى منطقة الشرق الأوسط سوف يؤثر على الاقتصاد المصرى حال ارتفاع أسعار النفط والغاز، وهو ما سيؤثر على تكلفة الاستيراد وبالتالى يضغط على العملة. وعلى الرغم من ضغط الأزمات المتتالية من حروب وأوبئة صحية على مسار الإصلاح الاقتصادى والتنمية، أوضحت البهائي، أن صندوق النقد الدولى يتوقع أن تسيطر مصر على معدلات التضخم بوتيرة أسرع بحلول العام 2025 وفق تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادرالاسبوع الماضي، وهو ما يتوافق مع بيان لجنة السياسات النقدية، عن البنك المركزى المصرى إلى استمرار التضخم فى الانخفاض. نمو اقتصادي كما أوضح على الإدريسى الخبير الاقتصادي، أن الدولة استطاعت مواجهة التحديات الاقتصادية الإقليمية والدولية حيث اتبعت عدة استراتيجيات تتسم بالمرونة وتنويع الأدوات الاقتصادية التى أسهمت فى تخفيف الآثار السلبية لتلك الأزمات على الاقتصاد، وبرنامج الإصلاح الاقتصادى بالتعاون مع صندوق النقد نجح فى تحقيق معدل نمو اقتصادى وصل لنحو 5.6٪ عام 2019 وعودة ثقة القطاع الخاص والمؤسسات الدولية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. وأضاف الإدريسي، أنه فى ظل تفاقم الأزمة الروسية الأوكرانية اتجهت الدولة لتنويع مصادر الدخل من خلال زيادة الصادرات، خصوصاً المنتجات الزراعية والصناعية، بالإضافة إلى تعزيز السياحة رغم تراجعها خلال فترة جائحة كورونا، كما سعت لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر تهيئة بيئة أعمال مشجعة من خلال سياسات ضريبية محفزة وإجراءات لحماية المستثمرين ومن اكبر النجاحات صفقة رأس الحكمة، ويضاف لذلك عمليات تخارج الدولة لإعطاء مساحة أكبر للقطاع الخاص. وحول اهتمام الدولة ببرامج الحماية الاجتماعية ودعم المواطنين لمواجهة الأعباء المتزايدة أوضح الادريسي، أن الحكومة قامت بتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية من خلال برامج مثل «تكافل وكرامة» ودعم السلع التموينية بجانب مبادرات لتقديم الرعاية الصحية والتعليم وتحسين جودة الخدمات العامة. الانضمام للبريكس وأضاف الأدريسي، أن الدولة استطاعت خلال السنوات الماضية تنويع شركاء التعاون الدولى سواء مع الدول العربية أو القوى الاقتصادية الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز الاستثمارات والتجارة ومن أهم هذه الخطوات انضمام مصر لتكتل البريكس بداية عام 2024.. وأشار الإدريسي، إلى أنه برغم الأزمات المتتالية حفاظ الاقتصاد على استمرارية المشروعات القومية وإبرازها مشروعات البنية التحتية الكبرى، مثل تطوير شبكة الطرق والكباري، وإنشاء المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، مما ساعد على توفير فرص عمل وتقليل البطالة لنحو 6.5٪ وتحريك عجلة الاقتصاد والانتاج وتقديم فرص استثمارية واعدة. وفى ضوء الحفاظ على مصالح المواطنين وتجنب أى أعباء مالية إضافية أكد الإدريسي، أن الدولة ستراجع خطط الإصلاح الاقتصادى بالتعاون مع صندوق النقد الدولى إذا تطلب الأمر بما يراعى التحديات الاجتماعية ومن خلال هذه الاستراتيجيات استطاعت مصر تحقيق توازن نسبى بين مواصلة الإصلاح الاقتصادى وتخفيف الأعباء على المواطنين، مع المحافظة على استقرار الاقتصاد فى ظل أزمات متعددة. إجراءت حكومية بدوره أكد د. خالد عطية نائب مدير معهد التخطيط القومى، على قدرة الاقتصاد المصرى فى الصمود وسط العديد من الأزمات سواء على المستوى العالمى الإقليمى إلى الإجراءات التى اتخذتها الحكومة ومن بينها بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى قبل بداية تلك الأزمات، مما ساعدها فى تخطى تلك الأزمات والتعافى منها. وأوضح عطية أن الحكومة اتخذت إجراءات استهدفت من خلالها زيادة الإنتاج وتعظيم إيرادات بعض القطاعات الاقتصادية الهامة مثل الزراعة والسياحة، قبل بدء الأزمة مما ساهم فى تعظيم إنتاجية وإيراد الدولة . وأشار عطية إلى أن الحكومة استطاعت من خلال إصدار قانون استثمار جديد خلق مناخ خصب جذب العديد الاستثمارات الى مصر كما قامت الحكومة بتنفيذ مشروعات قومية الكبرى، مثل مشروع قناة السويس الجديدة وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، التى ساهمت فى زيادة معدلات التشغيل والإنتاجية بالاقتصاد مما زاد من قوة الاقتصاد وتماسكه وسط ما يعيشه العالم والمنطقة من أزمات.