معركة انتخابية يترقبها ملايين الأمريكيين ولا تخلو تفاصيلها من «شيطان الصندوق» لكن ورغم وقوف أسهم بورصة استطلاعات الرأى عند تعادل شبه تام بين الرئيس السابق الجمهورى دونالد ترامب ونائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس إلا أن حربًا خفية تدق طبولها على طاولة المراهنات بملايين الدولارات فى أسواق التنبؤ بسيد البيت القادم.منذ بداية أكتوبر الجاري، كان هناك تباعد ملحوظ بين أرقام أسواق الرهان واستطلاعات الرأي، فعلى الرغم من أن العديد من استطلاعات الرأى تُظهر سباقًا متقاربًا بين هاريس وترامب، مع وجود جميع الولايات الرئيسية المتأرجحة ضمن هامش الخطأ، تحركت أسواق المراهنات بشكل حاسم لصالح الملياردير الجمهوري. انتشرت شائعات مفادها أن شخصًا واحدًا أو مجموعة من الأشخاص قد يرجحون كفة ترامب على منصة المراهنات «بولى ماركت»، من خلال سلسلة من الرهانات الكبيرة يبلغ مجموعها 30 مليون دولار، فى محاولة لتعزيز الرواية القائلة بأنه مرشح مؤكد للرئاسة، وفقًا ل«بيزنس إنسايدر». و«بولى ماركت» إحدى أسواق المراهنات السياسية التى تقدم تنبؤات وتعتمد على العملات المشفرة، وأصبحت أحد أكثر الأماكن شعبية لوضع الرهانات عبر الإنترنت على الانتخابات المقبلة، حيث تأسست فى عام 2020 وتطلب من المستخدمين وضع الرهانات عبر العملات المستقرة ذات الرموز المشفرة المرتبطة بعملة ورقية مثل الدولار ونادرًا ما تنحرف عن قيمتها. وتخضع مثل هذه الأسواق لمراقبة دقيقة من قبل السياسيين. وتسمح تلك السوق للمستثمرين بالمراهنة على أسئلة بنعم أو لا. على سبيل المثال: هل سيفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024؟. وتسمح السوق لمستخدميها بتداول رهاناتهم أو بيعها مبكرًا لتحقيق الأرباح أو لخفض خسائرهم. ولعل هذا العام، حققت «بولى ماركت» حجم تداول بقيمة 1.75 مليار دولار، وفقًا لبيانات «ذا بلوك» مع انفجار ملحوظ فى نشاط بركان المراهنة على نتائج الانتخابات الأمريكية. ففى أكتوبر الجارى وحده، شهدت سوق المراهنات 1.24 مليار دولار فى حجم التداول. أعطت «بولى ماركت»، ترامب فرصة بنسبة 60 فى المائة للفوز بالانتخابات، بينما كانت لدى هاريس 40 فى المائة. وتقلبت احتمالات المراهنة طوال الانتخابات وقد تتغير بناءً على الأحداث الجارية واستطلاعات الرأى التى قد تؤثر على نتيجة السباق. نظرًا لأن أسواق المراهنات غير سائلة نسبيًا، فإن رهان 30 مليون دولار يمكن أن يكون له تأثير كبير على تحريك الاحتمالات لصالح ترامب. كما راهنت الحسابات بملايين الدولارات على فوز ترامب بالولايات المتأرجحة الرئيسية مثل بنسلفانيا، والفوز بالتصويت الشعبي، وهو ما يُنظر إليه على أنه احتمال بعيد. هنا يقول آدم كوتشران، وهو مستثمر مخضرم فى العملات المشفرة لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن موجة الرهان على بولى ماركت بدت وكأنها حملة لتعزيز الرواية القائلة بأن ترامب لديه الكثير من الزخم قبل يوم الانتخابات أو ما يصفه البعض ب«حوت ترامب». من المؤكد أنه لا يوجد دليل على أن «حوت ترامب» يحاول التلاعب بأسواق الرهان، وقد يكون الأمر مجرد أن الشخص أو الأشخاص لديهم قناعة قوية بشكل لا يصدق بأنه سيفوز فى الانتخابات الشهر المقبل. وحدث شيء مماثل فى الأسابيع التى سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2012، عندما وضع «حوت رومني» سلسلة من الرهانات بلغ مجموعها ما يقرب من 7 ملايين دولار على فوز ميت رومني، المرشح الجمهورى فى ذلك الوقت، باستخدام سوق المراهنات «إنتريد»، التى خرجت الآن من العمل. وانتهى الأمر بهذا الحوت إلى خسارة كل شيء، حيث ضمن الرئيس باراك أوباما فترة ولاية ثانية. غير أن مفاجأة أخرى ربما تبرئ ساحة ترامب من كل هذا، وتحدثت عنها أستاذة التاريخ والخبيرة فى المراهنات السياسية لورا بيرز لمجلة «نيوزويك» إنه ربما يكون لبعض المراهنين مصالح تجارية قد تخسر من فوز ترامب، ومن هنا يراهنون على فوزه لتعويض تلك الخسائر المستقبلية المحتملة.