span style="font-family:" Arial",sans-serif"كنت أجلس بجانبها طوال الوقت والفؤاد يتمزق من القلق والحيرة: span style="font-family:" Arial",sans-serif"ألم في كل أنحاء الجسد، نزاع لا يتوقف، رفض مستمر لكل أنواع للطعام، حتى النوع المفضلة لها، نفسية محطمة إرادة يائسة روح بائسة فاقدة للأمل: span style="font-family:" Arial",sans-serif"لم أشعر عندما ألقيت بنفسي بين أحضانها والبكاء يغمرني وكأنها ابنتي الصغيرة الضعيفة وأنا أقبل جبينها ويدها وقدمها بشكل جنوني واحتويها بكل كياني.. span style="font-family:" Arial",sans-serif"نظراتها لي كانت مميتة وكأنها تحاكيني وهي تتساءل: هل منكم من يتقن حقًا حق الوالدين في الولاء والطاعة؟! span style="font-family:" Arial",sans-serif"هل منكم حقًا من يسأل الله لي بعد موتي بالقبول والشفاعة؟! span style="font-family:" Arial",sans-serif"هل منكم من يزيد في عمري ساعة؟؟!! span style="font-family:" Arial",sans-serif"فلماذا كل هذا النواح والعويل عند الرحيل؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"عجزت عن الإجابة وكأن لساني تحول الى كتلة خرسانية لا يستطيع الرد ولا يقوي على الحركة وتحجرت الدموع بين أحداقي فأدركت أنه اليقين لا محال وأصبح الأمر ضبابيا مرعبا بشكل لا يتحمله قلب ولا تصمد أمامه أي عاطفة span style="font-family:" Arial",sans-serif"ثم غابت عن الوعي بين أحضاني: span style="font-family:" Arial",sans-serif"وعندما أفاقت طلبت القليل من الماء البارد، ثم طلبت أن تصلي ففرحت لطلبها وذهبت لأحضر لها الماء الطاهر للوضوء وأساعدها حتى أحقق لها رغبتها في أداء الصلاة وعندما عدت بالماء وجدتها قد فقدت الوعي مرة أخري span style="font-family:" Arial",sans-serif"وبكل عفوية وببراءة الأطفال ذهبت مسرعة للوضوء ولأداء صلاة الفجر عنها وأنا أعلم أن أداء الصلاة لا يقبل إلا من صاحبها، span style="font-family:" Arial",sans-serif"ولكني كنت أتوسل فيها بالدعاء والرجاء لها من الله، وبالقبول منها والعشم في وجه الله الكريم بأن لا يرد لي طلب أو دعوة لها span style="font-family:" Arial",sans-serif"وعندما أتي الصباح وأشرقت الشمس span style="font-family:" Arial",sans-serif"ذهبنا بها الي عموم المشافي الكل يرفض استقبالها وينصحوننا بالعودة بها إلى المنزل في أقرب وقت هذا أفضل لها، span style="font-family:" Arial",sans-serif"لم ندرك وقتها أن الأطباء قد رأوا في وجهها علامات لم نكن نراها: span style="font-family:" Arial",sans-serif"ونحن نصر على الحجز والمتابعة في غرفة إنعاش القلب ولكن الجواب كان واحدًا من جميع المشافي: لا يوجد أي غرفة رعاية فارغة لا يوجد لا يوجد، والحالة بدأت تتأخر span style="font-family:" Arial",sans-serif"وأخيرًا وجدناها... دلنا عليها أهل الخير، وهَمَّ الطبيب ليفعل لها اللازم من أشعة ورسم قلب وتحليل ثم وضعها على أجهزة الأكسجين ... span style="font-family:" Arial",sans-serif"وبعد دقائق معدودة لاحظنا عليها التقاط الأنفاس بصعوبة وعناء؛ ذهبنا مسرعين إلى الطبيب المباشر لحالتها فأتي على عجل ثم ضغط على زر الإنذار فالكل أتى مسرعًا إلى غرفة إنعاش القلب.. أتى أطباء وممرضون إلى الغرفة لينقذوا ما يمكن إنقاذه، ولكن بعد فوات الأوان span style="font-family:" Arial",sans-serif"توقفت عضلة القلب وتوقف النبض تمامًا span style="font-family:" Arial",sans-serif"وتوقف أيضًا أملي بأن أصحبها معي إلى منزلنا مرة أخري؛ span style="font-family:" Arial",sans-serif"لم أتمالك نفسي من البكاء بصوت جهور أمام غرفة القلب حتى انزعج من صوتي الأطباء وبدؤوا يشعروا بالتوتر من ارتفاع صوتي؛ فأخرجوني خارج المشفى وأغلقوا الأبواب ثم علقوا لها جميع الأجهزة اللي من الممكن أن تساعد على إنعاش القلب مرة أخري وبعد نصف ساعة وأنا متعلقة بأسوار من الحديد على أبواب المشفى يكاد قلبي أن يمزق ضلوعي من الخوف والقلق عليها وكأني بطفلة بنت الثلاث أعوام أنتظر قدوم أمي لتأخذنني في أحضانها وتشعرني بالأمان والسكينة span style="font-family:" Arial",sans-serif"وفجأة سمعت بصوت يملؤوه الأمل والفرح span style="font-family:" Arial",sans-serif"يناديني من داخل المشفى إذ هو صوت أخي.. نعم.. نعم هو صوت أخي أنا أسمعه ينادي: يا نادية.. يااا.. نادية لقد عااااد القلب لدقاته ونشطت عضلة القلب من جديد: يا االله الحمد لله ... لم أشعر بنفسي وأنا أسجد شكرًا لله على أتربة الشوارع أمام المشفى والانهيار بالبكاء فرحًا بكرم الله وأن عادت أمي للحياة؛ span style="font-family:" Arial",sans-serif"وسمحوا لي بالدخول كي أطمئن عليها ولكن بدون صوت أو بكاء فوقفت أمامها وهي في غياب تام عن عالمنا: span style="font-family:" Arial",sans-serif"ولكن.. كان قلبي يحدث قلبها الضعيف المجهد يترجاه أن لا يتركني وحدي في هذه الحياة أن لا يحرمني قربها وحنانها وأن ينشط بكل ما أوتي يا من قوة وأخبرته بأن الحياة بدونها لن تكون والعمر من دونها يهون span style="font-family:" Arial",sans-serif"ثم أمر الطبيب أن يتم نقلها الي غرفة الملاحظة حتى تستقر حالتها وأجرينا بعض الإجراءات الخاصة بالمشفى span style="font-family:" Arial",sans-serif"وودعتها من شرفة الغرفة وعدنا إلى المنزل كي نستريح قليل من الوقت ثم نعود لها في الصباح span style="font-family:" Arial",sans-serif"عدت إلى بيتي وأنا أشعر بإحساس غريب span style="font-family:" Arial",sans-serif"إحساس متناقض بين الفرح والخوف بين الأمل والألم بين القلق والطمأنينة span style="font-family:" Arial",sans-serif"لم أغمض عيني إلا بضع دقائق معدودة وكأني لم أنم في عمري كله إلاها، span style="font-family:" Arial",sans-serif"وإذ بصوت يفزعني من نومي العميق ويخلع قلبي من شدة الرعب والخوف وهو يقول: أمك ماتت يا نادية.. أمك ماتت ماتت لا ... لا.... لا تقول آاااااااه span style="font-family:" Arial",sans-serif"لم أتذكر وقتها إلا آخر حديث دار بيني وبينها قبل الذهاب إلى المشفى وانا أضع رأسي على صدرها وأطلب منها: سامحيني يا أمي، بالله عليكِ سامحيني، وبكل حب ورحمة تقولي: مسمحاكى يا بنتي مسمحاكي span style="font-family:" Arial",sans-serif"وأيقنت وقتها أنه مهما طال الليل لابد من طلوع الفجر ومهما طال العمر لابد من دخول القبر : span style="font-family:" Arial",sans-serif"اعلموا أن كل شيءٍ يجري على الأرض ما هو إلا قضاء الله وقدره span style="font-family:" Arial",sans-serif"فلا تعلقوا قلوبكم بدنيا فانية أو بوعود خداعة span style="font-family:" Arial",sans-serif"لا تضيعوا أعماركم وأوقاتكم هدر span style="font-family:" Arial",sans-serif"لا تجعلوا حياتكم مجرد صفحة داخل كتاب span style="font-family:" Arial",sans-serif"ولا تقبلوا إلا بالفردوس الأعلى يوم الحساب ولا تضعوا أنفسكم بين القلق والحيرة فمهما طاااال الأجل span style="font-family:" Arial",sans-serif"لابد من اللحظات الأخيرة: