في قلب الصحراء الجنوبية لمصر، وعلى ضفاف نهر النيل، يستعد العالم لمتابعة واحدة من أعظم الظواهر الفلكية التي جسدت عبقرية المصري القديم، وهي تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني داخل معبده العظيم في أبو سمبل. هذه الظاهرة، التي تحدث مرتين سنويًا، تعكس الدقة الهندسية الفريدة والتقدم العلمي المذهل للحضارة المصرية القديمة. وتستعد وزارة السياحة والآثار، لتنظيم احتفالية ضخمة تجمع بين الأبعاد التاريخية، الفلكية، والثقافية، لتسليط الضوء على هذا الحدث الذي يجذب آلاف الزوار من جميع أنحاء العالم كل عام. تُعد ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل من أبرز الأحداث التي تُظهر براعة قدماء المصريين في علم الفلك والهندسة. يعود تاريخ هذه الظاهرة إلى أكثر من 3200 عام، حيث ينساب شعاع الشمس بشكل دقيق إلى داخل قدس الأقداس مرتين في السنة، الأولى في 22 أكتوبر، احتفالاً بعيد ميلاد الملك رمسيس الثاني، والثانية في 22 فبراير، احتفاءً بذكرى جلوسه على العرش. اقرأ أيضا|«السياحة والآثار» في أسبوع.. لقاءات الوزير شريف فتحي بالصين الأبرز تستعد وزارة الآثار هذه السنة لتنظيم احتفالية ضخمة بمناسبة هذا الحدث، التي لا تقتصر على التعامد ذاته فقط، بل تشمل فعاليات متعددة تحتضن الجانب السياحي والثقافي للمنطقة. من المتوقع أن يجذب هذا الحدث عشرات الآلاف من السياح والعلماء والمهتمين بالتاريخ والفلك، حيث يمثل فرصة فريدة لمشاهدة واحدة من أعظم عجائب الحضارة المصرية القديمة. تشمل التحضيرات تنظيم رحلات سياحية إلى معبد أبو سمبل، مع توفير وسائل النقل المريحة من المدن الرئيسية مثل القاهرة وأسوان. كما تعتزم الوزارة تنظيم جولات إرشادية داخل المعبد، يتولى تقديمها مرشدون متخصصون في الآثار المصرية القديمة. سيتم عرض شرح تفصيلي حول أهمية المعبد، وتفاصيل تعامد الشمس، وارتباطها بالمعتقدات الدينية والحياتية للملك رمسيس الثاني. إلى جانب ذلك، ستحرص الوزارة على تقديم عروض فنية وموسيقية تقليدية تعكس الثقافة النوبية المحلية، بالإضافة إلى تنظيم معارض للفنون والحرف اليدوية التي تشتهر بها المنطقة. تُضاف إلى ذلك، خطط الوزارة لتغطية إعلامية موسعة للحدث، تشمل البث المباشر للتعامد عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يسمح للملايين حول العالم بمتابعة هذه الظاهرة الاستثنائية. يأتي هذا الحدث ليعزز مكانة مصر كواحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم، حيث يعتبر معبد أبو سمبل واحدًا من أهم المعالم الأثرية التي تجسد عبقرية الهندسة المصرية القديمة. هذه الظاهرة ليست مجرد حدث فلكي، بل تمثل احتفالًا بالتاريخ والعلم، وتسلط الضوء على قدرة الإنسان القديم على استخدام الطبيعة والفلك في تصميم مبانٍ تحمل دلالات دينية وسياسية مهمة. وفي السياق ذاته، سيشهد هذا الحدث مشاركة وفود علمية من مختلف دول العالم، حيث سيجرى تنظيم ندوات ومؤتمرات علمية لمناقشة دلالات تعامد الشمس وكيفية تحقيق هذه الدقة الهندسية الفريدة في ظل غياب التكنولوجيا الحديثة التي نعرفها اليوم. تستغل مصر هذا الحدث في تعزيز السياحة الثقافية، حيث يلقى اهتمامًا واسعًا من قبل السياح المحليين والأجانب. فالمعبد، الذي يعد أحد مواقع التراث العالمي وفقًا لمنظمة اليونسكو، يجذب اهتمام الزوار الراغبين في اكتشاف أسرار الحضارة المصرية القديمة. وتعتبر احتفالية تعامد الشمس فرصة ذهبية لزيادة الوعي بتاريخ مصر القديم، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة للحفاظ على هذا الإرث الثقافي العريق. إلى جانب الأبعاد الثقافية، تسعى وزارة السياحة المصرية إلى تحسين التجربة السياحية من خلال توفير بنية تحتية متطورة، وتحسين خدمات الزوار، ما يضمن تجربة فريدة واستثنائية لزوار المعبد خلال هذا الحدث المميز. تعتبر احتفالية تعامد الشمس على معبد أبو سمبل من الأحداث التي تعكس عبقرية المصريين القدماء وروعة تراثهم الذي لا يزال يبهر العالم حتى اليوم. ومع الاستعدادات الجارية لضمان نجاح هذا الحدث، تواصل مصر التأكيد على مكانتها كمهد للحضارات، حيث يمتزج العلم بالتاريخ، والفن بالثقافة، في لوحة فنية متكاملة يشهدها العالم مرتين كل عام.