حقق سلاح الحرب الإلكترونية بالقوات المسلحة المصرية هدفًا محوريًا فى نصر أكتوبر ونجح فى الإيقاع بقوات العدو فى دوامة من الإشعاعات الكهرومغناطيسية، ليتيح الفرصة لقواتنا الجوية إصابة العدو بخسائر فادحة.. فالسلاح الذى تم إنشاؤه قبل سنوات قليلة من الحرب كان من أهم الأسباب التى ساعدت على الانتصار الكبير، حيث نجح أبطال سلاح الحرب الإلكترونية فى خداع جيش الاحتلال الإسرائيلى بالأساليب الإلكترونية المضادة التى فاجأت الجميع. جلس العريف البطل صلاح عبدالعزيز عطوة، أحد أبطال سلاح الحرب الالكترونية بحرب أكتوبر المجيدة، داخل إحدى قاعات بانوراما حرب اكتوبر بالقاهرة يسترجع الذكريات ويسطر دور الحرب الإلكترونية فى التاريخ.. وقال: أتذكر جيدًا كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وهى: لقد فُرضت علينا أول حرب إلكترونية فى التاريخ ونحن نستعد لها، وكانت تلك المقولة قبل حرب أكتوبر، لكن أثرها كان عظيمًا فى حسم المعركة وتحقيق الانتصار، ففى السادس من أكتوبر صاحب الهجوم المصرى عملية إعاقة لاسلكية على مواصلات العدو أدت إلى إرباك فى ممارسة القيادة والسيطرة للعدو وإعاقة وصول أو تلقى الأوامر، وقد دعمت وحدات الحرب الإلكترونية على كافة المستويات أعمال قتال القوات البرية والأفرع الرئيسية بما يخدم معركة الأسلحة المشتركة. اقرأ أيضًا | مصر جاهزة لاستضافة «المنتدى الحضرى العالمى» نوفمبر المقبل وأوضح: مصطلح الحرب الإلكترونية يتضمن مجموعة من العمليات تستهدف إلحاق الخلل والعطل بالأنظمة والوسائل الإلكترونية الخاصة بالعدو، بالإضافة إلى تحقيق الحماية للذات من الاستطلاع الإلكترونى المعادى ومقاومته، وبعد نهاية حرب يونيو 1967 آمنت القيادة السياسية المصرية بضرورة دخول مصر مجال الحرب الإلكترونية، فقد تم إنشاء سلاح الحرب الإلكترونية المصرية بالرغم من استمرار أعمال القتال فى أوائل عام 1968 كفرع أعمال إلكترونية مضادة تابع لرئيس أركان حرب القوات المسلحة وتم تحويله ليكون إدارة الحرب الإلكترونية ضمن أجهزة القيادة العامة عام 1970 وبدأت أعمال التخطيط لإدارة أول حرب إلكترونية بمفهومها الشامل لتأمين ومعاونة القوات أثناء تنفيذها لمهامها فى حرب أكتوبر، وتم إنشاء حائط الدفاع الجوى المصرى فى يونيو 1970 بتضحيات جسيمة، ونجح فى إصابة وإسقاط العشرات من طائرات العدو وكان ذلك خاتمة مشرفة لحرب الاستنزاف على الجبهة المصرية. وأضاف البطل صلاح عطوة فى حديثه لأخبار اليوم: كانت أعمال قتال قواتنا فى مجال الحرب الإلكترونية خلال حرب أكتوبر تهدف إلى تمكين وحداتنا من الاستغلال الفنى والتكتيكى لمُعداتنا الإلكترونية استغلالًا كاملًا والحفاظ على حُسن أداء هذه المُعدات أثناء عمليات القتال بأن تمنع العدو من النجاح فى التأثير عليها بأى وسائل معتادة، ومنع العدو من استخدام وسائله الإلكترونية فى التأثير على أعمال قواتنا، إذ كنا نعرف أن العدو يسبقنا فى هذا المجال، وبالفعل استطعنا أن نفاجئه خلال الحرب بسيلٍ متدفق من الإشعاعات الكهرومغناطيسية التى لم يكن يعرف عنها شيئا قبل الحرب، وكان الأمر يحتاج إلى وقتٍ طويل يقوم خلاله خبراء الحرب الإلكترونية لدى العدو ومَن وراءهم من خبراء أكثر علمًا واقتدارًا بتحليل هذه الإشعاعات وقياس أطوالها وتردداتها حتى يمكنهم إيجاد وسائل مضادة تعوق عمل طائراتنا وصواريخنا وأجهزة القيادة والسيطرة على وحداتنا التى كانت تتدفق شرقًا، وحققت القوات المصرية تفوقا على العدو، ولم يكن هذا التفوق راجعًا إلى مُعدات وأجهزة تمتلكها، بقدر ماهو راجع أساسًا إلى سوء تقدير العدو لإمكانياتنا، وفى يوم 6 أكتوبر 1973 قامت القوات العربية المشتركة فى مصر وسوريا بالهجوم المفاجئ على إسرائيل، وصاحب عملية الهجوم عملية إعاقة لاسلكية شاملة على الموجات اللاسلكية للعدو أدت إلى فشل ذريع فى ممارسة القيادة والسيطرة، وأعاقت وصول أو تلقى أوامر. وفى نفس الوقت تم تدمير مراكز المواصلات ومواقع محطات الرادار بسيناء بواسطة عناصر الإبرار والصاعقة والقوات الجوية، وكل ذلك يؤكد أن النجاح المُبهر فى افتتاح الحرب لم يكن دون دور الحرب الإلكترونية المصرية والتمهيد الإلكترونى الذى لا يمكن إغفاله فى نجاح الضربة الجوية الأولى التى أعطت أولى بشائر النصر العظيم والتمهيد النيرانى القوى، حيث قدمت القيادة العامة خريطة إلكترونية لموقف العدو موضحًا بها مراكز القيادة والسيطرة محطات الرادار ومراكز التوجيه وبطاريات الصواريخ الأرض جو المعادية من طراز (هوك). كما أنها قامت بأعمال الإعاقة الإلكترونية ضد وسائل الاتصال المُعادية للإقلال من كفاءة توجيه العدو لطائراته لاعتراض هجماتنا الجوية.. كما كانت الهجمات الجوية المصرية على مراكز القيادة والسيطرة فى أم مرجم وأم خشيب عملًا مخططًا لتدمير المراكز الإلكترونية الضخمة بسيناء، فقد قام العدو بزرع أكبر مراكز إلكترونية للتجسس والشوشرة الإلكترونية والتنصت على الاتصالات المصرية.