د. أيمن الرقب المحكمة الجنائية الدولية والتى مقرها لاهاى تختلف فى قراراتها واختصاصاتها عن محكمة العدل الدولية استوقفنى خلال الايام الماضية تصريح المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية السيد كريم خان، اعرب فيه انه يتعرض للتهديد والمس به وبأسرته بشكل مباشر اذا قام بإصدار مذكرات إيقاف واستدعاء بحق رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزراء فى حكومته. هذا التصريح ليس جديدا وقد صدر تصريح سابق للمدعى العام ادعى فيه انه يتلقى تهديدات هو وأسرته بشكل متواصل لإثنائه عن اصدار مذكرات إيقاف ضد قيادات إسرائيلية، والغريب هو تردد الجنائية الدولية فى اصدار مذكرات الإيقاف بحق بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف جالنت رغم اصدار محكمة العدل العليا قبل شهور فتوى بعدم شرعية الاحتلال للأراضى الفلسطينى، وصدور قرار من الجمعية العامة بالأغلبية يؤيد هذه الفتوى. هذا الموقف المتردد، مهما كانت المبررات، يؤكد ان الجنائية الدولية رهينة الابتزازات السياسية. ولو عدنا بالذاكرة إلى سنوات قريبة نجد ان الجنائية الدولية لم تتردد ولا للحظة فى إصدار مذكرات إيقاف ضد قيادات عديدة كان من أهمها اصدار مذكرة إيقاف واحضار بحق الرئيس الروسى فلاديمير بوتين. الجنائية الدولية لم تخف أو تتردد حينها فى اصدار مذكرات إيقاف لرئيس دوله كبرى ونووية فى حين تخشى وتخاف وتتردد فى اصدار مذكرات إيقاف ضد قيادات دولة خارجة عن القانون مثل الاحتلال الاسرائيلى، والغريب أيضا اننا لم نسمع تعليقا او موقفا على ما صرح به المدعى العام للجنائية الدولية السيد كريم خان من قبل الغرب بشكل عام والولايات المتحدةالأمريكية بشكل خاص، وكأن الامر غير مهم بالنسبة لهم، أو أنهم يتعاملون مع تصريحات المدعى العام بأنها غير صحيحة او قد نذهب الى أبعد من ذلك ونقول إن التهديد أصلا تم الاتفاق عليه بين المدعى العام والولايات المتحدةالأمريكية لتأخير إصدار مذكرات الإيقاف والاحضار لتثبيط الجنائية الدولية ومساعدتها للتهرب من اصدار المذكرات، وكأنه يستبق الأمر رفع مذكرتين للمحكمة قبل أيام، الأولى تشير إلى أن اصدار مذكرات الاعتقال ضد قيادات إسرائيلية ليس من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، والثانية هى طعن مسبق بأى حكم لأن المحكمة لم تشكل لجان تحقيق تستند عليها فى اصدار مذكرات الإيقاف او الإحضار. بغض النظر عن كل هذه الارهاصات نقول ان الجنائية الدولية الآن على المحك إما أن تثبت انها محكمة غير مسيسة، او انها محكمة مسيسة ويتم ابتزازها وصنع قراراتها بما يتماشى مع رؤيه الغرب. مهم أيضا أن نوضح أن المحكمة الجنائية الدولية والتى مقرها لاهاى تختلف فى قراراتها واختصاصاتها عن محكمة العدل الدولية التى تنظر امامها قضية ارتكاب الاحتلال حرب إبادة جماعية ضد شعبنا الفلسطينى فى قطاع غزة ورفعت جنوب افريقيا دعوى امام محكمة العدل الدولية للنظر فى هذا الادعاء وأثبتت ذلك بالأدلة، وانضمت عدة دول لهذه الدعوى من ضمنها دول عربية أبرزها جمهورية مصر العربية، ودول اجنبية، ورغم كل ذلك أيضا هذه المحكمة التى يشيد الكثيرون بنزاهتها حتى الان لم تصدر رغم كل الأدلة قرارها بإدانة الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد شعبنا الفلسطينى رغم ان لديها ادلة واضحة على ارتكاب هذه الجرائم ورغم انها أصدرت قبل ذلك عدة قرارات للاحتلال الاسرائيلى تحت بند الإجراءات العاجلة ومن ضمنها وقف اجتياح مدينة رفح، ولكن حكومة الاحتلال الاسرائيلى ضربت بكل هذه القرارات من محكمة العدل الدولية عرض الحائط ونفذت ما يحلو لليمين المتطرف الذى يحكم فى تل ابيب. ورغم رد محكمة العدل الدولية على فتوى طلبتها منها الجمعية العمومية بشكل إيجابى حول عدم شرعية الاحتلال للأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967م، إلا أنها حتى الآن لم تصدر حكمها النهائى حول حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني. نحن الآن بحاجة إلى أن تثبت أى من المحكمتين أو كلتاهما انهما محاكم غير مسيسة وانهما لا تخضعان لمزاج وابتزاز دول اخرى. ومن هذا المنطلق فإن الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية على المحك أيضا.