بعد أن دفعت الحكومة العراقية إلى المطالبة ببحث رحيل قوات التحالف ضد داعش، التى تديرها الولاياتالمتحدة، أعلن وزير الخارجية العراقى، فؤاد حسين، فجأة وبدون مقدمات، عن تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولى بقيادة أمريكا من البلاد، بسبب التطورات الأخيرة التى تشهدها المنطقة، فكان الهجوم الأخير بصاروخين على قاعدة «عين الأسد» يقف وراء هذا التحول. وتعرضت القاعدة العسكرية العراقية، التى تستضيف مستشارين أمريكيين، إلى قصف، تبنته مجموعة مجهولة تسمى نفسها «ثوريون». وأعلنت أمريكا إصابة عدد من جنودها الموجودين ضمن القاعدة فى إطار مهمات التحالف الدولى فى العراق. اقرأ أيضًا | «المراوغ».. الفلسطينيون والإسرائيليون أسرى مواقف نتانياهو ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، تعرض الجيش الأمريكى بالفعل لعشرات الهجمات من فصائل مسلحة فى العراقوسوريا عبر مزيج من الصواريخ والطائرات المسيرة الملغمة، ما دفع أمريكا إلى الرد عبر ضرب عدد من الفصائل الموالية لإيران فى البلدين. وتنشر الولاياتالمتحدة 900 جندى فى سوريا، و2500 جندى على الأراضى العراقية ضمن قوات التحالف التى تنشرها هناك تحت بند تقديم المساعدة للقوات المحلية، من أجل منع عودة تنظيم داعش الذى سيطر عام 2014 على مساحات كبيرة من الأراضى فى البلدين قبل هزيمته. أعربت الأوساط السياسية والشعبية عن استيائها من تأجيل إعلان انسحاب القوات الأجنبية من العراق، مما دفعها إلى التلويح باحتجاجات شعبية واسعة لحسم هذا الامر بالكامل. ومنذ الإعلان عن تمديد موعد الانسحاب، اعتبرت هذه الأوساط هذا التأجيل بمثابة مماطلة أمريكية تهدف إلى إطالة أمد وجودها فى العراق، مما أفقدها الثقة فى العملية الدبلوماسية. فهل يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية بعد توقف محادثات الانسحاب الأمريكى؟ وما موقف الفصائل التى أعلنت انتهاء الهدنة؟ منذ فبراير الماضى تحافظ الحكومة العراقية على هدنة حرجة مع الفصائل المسلحة، بزعم أنها المسئولة الحصرية عن مفاوضات انسحاب القوات الأمريكية. وكان الاتفاق بين الحكومة والفصائل، عبر وساطات سياسية شيعية، يستند بالدرجة الأساسية على أن أى عمل عدائى ضد الأمريكيين سيدمر مفاوضات انسحابهم نهائياً من العراق. ومع ذلك، جاءت البيانات الحكومية، من بغدادوواشنطن، تفيد بأن البلدين يتفاوضان لإنهاء مهمة التحالف الدولى للانتقال إلى شراكة أمنية دائمة، وهذا ما أثار حفيظة جماعات مسلحة شديدة التطرف، مثل حركة «النجباء»، و«كتائب حزب الله». المفاوضات بين واشنطنوالعراق قائمة ضمن عدة محاور، منها الانسحاب العسكرى وفق معطيات وآفاق ميدانية تتعلق بما ستئول إليه الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وما ستشهده المنطقة من متغيرات سياسية وأمنية. هناك بعض الفصائل المسلحة التى أعلنت عن مواقفها فى حالة الرد الإيرانى على إسرائيل. لهذا يبدو أن بقاء القوات الأمريكية والتحالف الدولى أصبح حالة قائمة لحين انتهاء الظروف المحيطة بالعراق وتطور الأحداث بعد إطلاق سراح العديد من سجناء ومقاتلى داعش من قبل قوات سوريا الديمقراطية، والأساس أن الجانب الأمريكى دائمًا ما يؤكد على بقائه فى العراق، وهو ما قرره فى آخر الحوارات التى جرت فى واشنطن وحددها نهاية 2025. نظرًا للأحداث الأخيرة التى جرت فى إيران لا نستطيع أن نتنبأ ماذا سيحدث فى الأيام القادمة، ولكن حتما هناك رد إيرانى على عملية اغتيال اسماعيل هنية فى طهران، يمكن أن يكون الرد مباشرا من طهران أو عن طريق فصائل المقاومة المدعومة من الجانب الإيرانى، وبالتالى يمكن أن تكون هناك ضربات من قبل فصائل المقاومة باتجاه إسرائيل تحديدًا أو المصالح الأمريكية داخل المنطقة، وحتمًا ستكون هناك تداعيات على كل دول المنطقة نتيجة تلك التطورات. هناك كرة من النار تتدحرج ضمن منطقة الشرق الأوسط لا نعرف أين ستصل أو أين ستضرب الكرة، ولكن العراق الآن لديه علاقات طيبة بالجميع، حتى إنه اشترك بوساطة فى سبيل تهدئة الموقف ما بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران ولديه علاقات قوية بكل دول الجوار، ومعظم فصائل المقاومة الآن غير قادرة على الخروج بعيدا عن نطاق القائد العام للقوات المسلحة، لكن هناك فصائل ترتبط بإيران وغير مشتركة بالحكومة وهذه هى التى قد يصعب السيطرة عليها. ويرى البعض ان الإعلان عن تأجيل موعد انتهاء مهمة قوات التحالف لن يجعل من العراق بؤرة للصراع الإقليمى والدولى فى المنطقة، نظرا لأن موضوع التأجيل جاء كنتيجة طبيعية للظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة. فى حين رأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أن خطة الرئيس جو بايدن للانسحاب العسكرى من العراق، هى فخ لرئيس الولاياتالمتحدة القادم، وقد تمهد الطريق لأزمة متفاقمة فى الشرق الأوسط، فيما أشارت إلى أن الانسحاب سيعنى تخلى واشنطن عن المنطقة تماماً وتسليمها لإيران. ويرى مسئولون أمريكيون أن اتفاقية أمنية ثنائية لاحقة بين الولاياتالمتحدةوالعراق قد تؤدى فى نهاية المطاف إلى بقاء معظم القوات الأمريكية هناك. غير أن الصحيفة أوضحت أن هذا الاتفاق اللاحق يجب أن يتفاوض عليه الرئيس الأمريكى القادم، وإذا فشلت هذه المفاوضات، فسيتعين على القوات الأمريكية الانسحاب بالكامل.