لوحظ خلال الآونة الأخيرة شدة الإقبال على فيديوهات الصحة النفسية فى وسائل التواصل الاجتماعى خاصة بين المراهقين والشباب، ولا ضير فى أن ينير المتخصصون الطريق أمام الباحثين عن الاستقرار النفسى والعاطفى ومهارات الاتصال وكيفية التعامل مع المواقف الصعبة. ولكن الغريب أن يتطرق كثيرون لنشر نصائح تتعلق بأحد الأمراض دون أدنى علاقة بالطب النفسى مثل فيديوهات متلازمة نقص الانتباه وفرط الحركة»(ADHD)، واضطراب الوسواس القهرى (OCD)، والاكتئاب، وهو ما يعكس خطورة التشخيص الذاتى للاضطرابات النفسية وتأثير ذلك على الصحة العقلية والنفسية للمتلقى، وقد وجد تقرير لجامعة كولومبيا البريطانية أن من بين أعلى 100 فيديو انتشارًا على تطبيق «تيك توك» حول(ADHD)، يضم أكثر من نصفها معلومات مُضلّلة.. والنتيجة إما توهم وجود خلل نفسى أو إبعاد المرضى عن تلقى الرعاية الطبية، ووفقًا لإحصاءات أمريكية، تضاعف الاكتئاب بين المراهقين من 2004 إلى 2019 بسبب وسائل التواصل الاجتماعى، وارتفعت حالات الاكتئاب وإيذاء النفس والانتحار منذ 2012، وهذا يؤكد خطورة قضاء الساعات أمام الشاشات دون إحساس بالوقت، كثيرون ينخدعون بصور أشخاص على منصات التواصل وتتضاءل نظرتهم لأنفسهم، دون التفكير أن معظم الصور تستخدم فلاتر لإضفاء جمال غير حقيقى عليها، كذلك الإحساس الذى يتسرب للمتابعين من شعور بالحزن والكآبة، لأنهم لا يعيشون حياة مبهجة مثل غيرهم الذين يرسمون صورة زائفة لحياتهم، هذه الحِيل تنطلى على كثيرين خاصة المراهقين وتشعرهم بالدونية فضلًا عن تعرض الكثيرين للتنمر الإلكترونى وتراجع التركيز والاستيعاب والانتباه. أعتقد أن المسئولية لا تقع وحدها على تطبيقات التواصل الاجتماعى لجعل الإنترنت فضاء أكثر أمانًا، ولكن أيضًا على الأهل والمجتمع لتنبيه المراهقين والشباب لعدم استقاء المعلومات الطبية من غير المتخصصين، والتفكير بعقلانية فى المحتوى، وذلك من خلال إجراء حوار دورى حول مشاهداتهم فى المنصات المختلفة، وإرشادهم لمصادر موثوقة للحصول على معلومات عالية المصداقية.