في اطار جهود الحكومة لرفع حصة القطاع الخاص من اجمالي الاستثمارات المنفذة في مصر خلال 2023/2024 من 25% لتصل الي المعدلات العالمية بما لا يقل عن 75% علما بان هذه المعدلات التي سبق الاقتراب من تحقيقها قبل 2010 والتي بلغت 68% كحد اقصي لم تعد كافية الان ولا تحقق الاهداف الاستثنائية المنشودة خلال الفترة القادمة فقولا واحد نحتاج لان لا تقل هذه الحصة عن 80% خلال السنوات الخمس القادمة اذا كنا نستهدف تحقيق قفزة استثنائية بمعدلات نمو من 7% الي 10%. وبينما تعلن الحكومة عن خطة طموحة لتحقيق ذلك نجد ان المشهد الفعلي يذكرني بالمقولة الشهيرة لكاتبنا العظيم صاحب نوبل نجيب محفوظ (ان افة حارتنا النسيان) لاكتشف انها تصلح للتعديل لتصبح (افة اقتصادنا الشعارات) . فللأسف لازال مخزون الشعارات البائدة والبالية يسيطر علي الجمع العقلي المصري والذي ظهر في اكثر من موقف. فحين قررت الدولة التخارج من عدة انشطة وتوسعت بإعلان تشكيل لجنة لخصخصة بعض الاصول المملوكة لها في تنفيذ جدي لهذا البرنامج وجدنا مخزون الشعارات ينفجر من هنا وهناك عن (بيع حقوق الاجيال) و (توحش الرأسمالية والإمبريالية) .. وهلم جرا من هذه العبارات الحنجورية رغم ان المتحدثين بهذه الشعارات منهم من كان يعارض توسع الدولة في الاستثمار العام واتساع نطاق تواجدها الاقتصادي وضيق افق المجال المتاح للاستثمار الخاص المحلي والاجنبي فهذا التناقض يأتي دائما من اصحاب الحناجر ونظريات النقد غير الايجابي واصحاب الشعارات البالية. وبالطبع لست في حاجة للتأكيد علي الترحيب بهذه السياسة الهادفة لفتح المجال الاقتصادي العام امام الاستثمارات الاجنبية والمحلية المنتجة دون تحميل ميزانية الدولة اي اعباء خاصة مع اقرار حد اقصي للاستثمارات الحكومية لا يتجاوز تريليون جنيه. فحتي تحقق مصر نهضة اقتصادية فإنها تحتاج لتصل الي معدل نمو استثنائي يتراوح بين 7% و10% سنوياً وهو ما يتطلب حجم استثمارات لا تقل عن 9 تريليون جنيه في اقل التقديرات اي ان القطاع الخاص يجب ان يصل متوسط استثماراته لمبلغ 8 تريليون جنيه بعد خصم حصة الاستثمارات الحكومية، هذا الرقم الاستثنائي لا يمكن تحقيقه الا بإجراءات استثنائية جاذبة لتدفق هائل يتجاوز المعدلات الراهنة بقفزات هائلة من اهمها عدم مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص والتزامها بتنفيذ وثيقة ملكية الدولة وما ورد فيها من حدود للاستثمار الحكومي والذي يمكن النظر اليه انه كان ضروري خلال السنوات الماضية علي مستوي مشروعات البنية التحتية والتي هي بطبيعتها ليست من المجالات الجاذبة للاستثمار الخاص، كما انها ضرورة لتوفير بنية تحتية ملائمة للاستثمارات المستهدفة في المجالات الأخرى. اما الان واياً كانت الاهداف ومهما اختلفت فان الحل سنجده دائما في جذب الاستثمارات لتضخ اموال وتوطن تكنولوجيا وتزيد الانتاج وتحقق معظم اهداف التنمية الاقتصادية المنشودة بما فيها الانتقال الي مراحل تحقيق معدلات نمو استثنائية في وقت قياسي. واذا كانت الحكومة بدات في التحرك الجاد لتنفيذ ذلك فيجب ان يقف الجميع في خندق واحد مساند لتحقيق هذه الاهداف بعيدا عن الشعارات والعبارات الرنانة بما يؤدي الي توفير بيئة ايجابية حاضنة لهذه الاستثمارات المأمولة وصولا لتحقيق انجازات اقتصادية فعلية في مدي زمني قصير يشعر به الجميع بعوائد ومنافع هذه التنمية واستثماراتها.