«سلسلة الألف كتاب الثاني».. مشروع ثقافى بدأت نواته مع بداية أول وزارة للثقافة المصرية فى بداية الخمسينات، وكانت ضمن مشروع طموح لتحقيق نهضة كبيرة جدًا بإصدار سلسلة الألف كتاب الأول، التى تنوعت حينها إصداراتها ما بين المؤلف والمترجم، وتطرقت إلى جوانب المعرفة كافة، ولمعرفة المشروعات الجديدة التى تعمل على تقديمها السلسلة بعد إعادتها مرة أخرى حاورت الاخبار د. مصطفى رياض رئيس تحرير سلسلة الألف كتاب الثانى. وقال د. مصطفى رياض إن سلسلة الألف كتاب الأولى شكلت ثقافة جيل بأكمله من الذين تخطوا الستين الآن، وأذكر أن أول كتاب مترجم قرأته كان صادرًا فى سلسلة الألف كتاب بعنوان «رحلة إلى الهند» للمؤلف الانجليزى فروستر، وترجمة أستاذنا د.عز الدين إسماعيل، ومن الكتب التى استهوتنى فى فترة الصبا كان رواية سيد العالم، واستمرت السلسلة، وحدث انقطاع عن الصدور فى أوائل القرن الحادى والعشرين، وعادت مرة أخرى للصدور برئاسة أستاذنا الراحل د. محمد عنانى الذى كان له دور كبير فى الحياة الثقافية، ومازال دوره مستمرًا بالرغم من غيابه وخلفته فى رئاسة تحرير الألف كتاب الثانى. وأشار المترجم الكبير د. مصطفى رياض، إلى تعدد السلاسل التى تقدم مؤلفات ،و فى هيئة الكتاب استقر الرأى على أن تقتصر « الألف كتاب الثاني» على الترجمة، ولأننا مطالبون بترشيد النفقات قررنا أن نترجم من المجال العام من خلال الكتب التى لا حقوق ملكية فكرية لها، وهذا يسد فجوة لأن هناك الكثير من الكتب المهمة التى لم تترجم بعد، وكان أول كتاب قمنا باختياره كتاب عن النرويج بمناسبة اختيارها ضيف شرف معرض الكتاب فى الدورة السابقة قامت بترجمته د. سمر طلبة، بعنوان إريكا والعفاريت تأليف هيريت مارتينو. وأكد د. مصطفى رياض:» نحن حريصون على الترجمة عن اللغات الأصلية، وليست لغات وسيطة، ونستعين بمن يعرف اللغة معرفة وثيقة، بما إنى من المتخصصين فى دراسات الترجمة، فأرى أن مقولة «الترجمة جسر التواصل بين الحضارات» ليست دقيقة دائما، لأن فى بعض الأحيان المترجم الذى ينقل عن تراث الآخر تكون له «أجندة» خاصة تؤثر على ترجمته ونقله، فكلمة المترجم خائن لها معنى عميق، فلا تؤخذ على علتها ولأنه يأتى بوعى أو عن غير وعى برصيد ثقافى يملكه هو ويتعامل مع رصيد ثقافى للآخر، وهنا التفاوض والتفاعل بين الثقافتين يجعلنا لا نضمن نقله للصورة الأصلية، لذلك نختار من البداية متخصصا على دراية بالتراث الذى يترجمه.. وأكد رياض: «هناك أولويات فى اختيار الكتب التى تتم ترجمتها فى السلسلة بمعنى أن الكتب التى تتحدث عن العلوم الإنسانية مرحب بها لأن دائما الأفكار الإنسانية لا تتقادم، ولم يصدر وهناك زملاء مترجمون كبار قائمون على الترجمة حاليًا وفق خطة تقدمت بها لدكتور أحمد بهى الدين رئيس الهيئة العامة للكتاب، وحريص على أن يكون لكل إصدار فى هذا المجال مقدمة يربطها بأيامنا هذه إما يكتبها المترجم نفسه أو نستعين بمتخصص من الخارج، على سبيل المثال الزميل د. محسن فرجانى المتخصص فى التراث الصينى متوفر الآن على ترجمة نصوص صينية قديمة. والمجال الثانى الذى أهتم بترجمته هو كتب المستشرقين عموما، لأنها شكلت نظرة الغرب لنا وصلتهم بنا ومهم أن نستكشف جذورها، وحاليًا يعمل د. محمود خليفة الأستاذ فى كلية الألسن على ترجمة كتاب عن مستشرقى القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى أدب الرحلات الذى يعد كاشفا جدا لمنطقتنا العربية ،ويوضح صورة المصرى والعربى فى كتابات الرحالة الأجانب. كما ستجرى ترجمة الكتب التى صدرت لها ترجمات خاصة ليست على المستوى المطلوب ويعمل عليها متخصصون مثل د. أيمن عبد التواب أستاذ الدراسات القديمة والحضارة اليونانية واللاتينية، ويعمل حاليًا على ترجمة كتاب عن «إيزيس وأوزوريس» لبلوتارخوس من الكتاب الكلاسيكيين اليونانيين، كما تعمل السفيرة د. فاطمة عتمان على ترجمة مختارات من الشعر الفرنسى، وبينما تترجم د. هبة عارف كتابا للمؤلف الإنجليزى «استيفنز» عن مصر والنوبة، وعلى صعيد الأدب يترجم هاشم أحمد مجموعة قصص قصيرة لأو هنرى. وأتوجه بالشكر لكل الأساتذة الكبار من المترجمين الذين يمنحون السلسلة جزءًا كبيرًا من وقتهم، وعلى جانب آخر، فالسلسلة تمنح فرصا لشباب المترجمين، لتجهيز جيل جديد، فبوصفى أستاذ دراسات الترجمة بجامعة عين شمس، وجامعة القاهرة رتبت «بروتوكولات» تعاون بين الجامعتين الكبيرتين والهيئة المصرية العامة للكتاب، وتقضى تلك «البروتوكولات» بالاستعانة بالطلاب فى الفرقة الرابعة والخريجين، وتكليفهم بترجمات تحت إشراف أساتذتهم بالجامعة ،ويجرى إصدارها بأسمائهم عن السلسلة بعد مراجعة الأساتذة، وبالفعل تعمل حاليًا إحدى الخريجات وهى أسماء عادل على ترجمة مجموعة من قصص «أوسكار وايلد»