■ كتبت: علا نافع الموز فاكهة دسمة يوصى الأطباء بتناولها لعلاج خشونة الصدر، وقروح الكليتين والمثانة، مذاقها الحلو يؤجج مشاعر الحب، ويطرد شبح الكآبة والحزن. ورد ذكرها فى آيات كثيرة بالقرآن الكريم، وقيل إنه لا يوجد فى الدنيا ثمار تشبه ثمار الجنة إلا الموز، فمذاقه المميز لم يجعله من الفواكه الحلوة فقط بل بات أحد المقرمشات بأطعمة حارة ومالحة، بعد أن نجحت تجربة صناعته كرقائق مثل رقائق البطاطس في صعيد مصر. ◄ تحويله إلى قماش وأكسسوارت ◄ رقائق بمذاقات مختلفة ◄ مصنع في سوهاج لإنتاج خشب الموز وتعد قشور الموز منجمًا سحريًا من الفوائد، فالفيتامينات الموجودة بها تخفف من الشعور بالآلام وتعالج حبوب الشباب، فضلًا عن تقليل ظهور التجاعيد المزعجة، ولم تتوقف فوائد القشور عند هذا الحد فغناها بالألياف الطبيعية دفع الكثير من خبراء الطاقة النظيفة للاستفادة منه سواء فى تصنيع أخشاب ذات جودة عالية، أو حتى أسمدة كيماوية تزيد من خصوبة التربة، خاصة أن حجم مخلفات الموز يزيد على المليون ونصف المليون طن سنويًا بحسب تقارير لوزارة البيئة، ناهيك بمنتجات جمالية وحقائب وأكسسوارات تخطف العيون. وأيقنت الحكومة أهمية مخلفات الموز، فوقع وزير الدولة للإنتاج الحربى بروتوكول تعاون بين الهيئة القومية للإنتاج الحربى وإحدى الشركات لإنشاء خطين لتصنيع العبوات الغذائية الكرتونية الصديقة للبيئة من خلال منظومة متكاملة تستهدف استخدام مخلفات الموز لإنتاج منتجات تخدم قطاع الأسرة. وقد بدأت أولى بوادرها بإقامة مصنع بمحافظة سوهاج يحوِّل المخلفات إلى ألياف خالصة تدخل فى صناعة الخشب والكرتون، ومن ثم تصديرها لبعض الدول الأوربية كالدنمارك وفرنسا. ◄ مبادرات دندرة في قرى مركز «دندرة» بمحافظة قنا يتهافت الفلاحون على زراعة أشجار الموز الضخمة، يغدقون عليها بأجود أنواع الأسمدة الزراعية ليحصلوا على إنتاج وفير، كي يتم تصدير الموز لخارج القطر المصرى أو يبيعوه بكافة المحافظات، إلا أن المشكلة التى كانت تواجههم هى حجم مخلفاته الضخمة والتى تصل لآلاف الأطنان، فكانوا يلقوه بالشوارع وعلى جانبى الترع والمصارف، وهو ما دفع جهاز شئون البيئة بالمحافظة لإطلاق مبادرتى «سفير القصب مورد لنا»، و«المخلفات ثروة - دوّرها.. احسبها»، بالتعاون مع مركز دندرة التنموي، حيث يتم استخراج ألياف الموز لصناعة منسوجات ومنتجات يدوية مثل الكراسي والأباجورات، إضافة إلى الحقائب اليدوية، وأطقم المكاتب، وجاء منتدى دندرة الاقتصادى ليضم تلك المنتجات ويؤكد نجاح التجربة. وكان المهندس «طه جاد» واحدًا من الشباب الذين تحمسوا لتلك الفكرة، وكون فريقًا من 17 شابًا وفتاة، هدفهم تحويل المخلفات إلى قماش، وبدأوا فى جمع مخلفات سيقان أشجار الموز بالتعاون مع بعض المزارعين فى مكان صغير، وراحوا يجربون عدة مواد كيميائية لتجفيف هذه المخلفات بالاستعانة بآراء الفريق السنغافورى الذى يتعاون مع مركز دندرة، وبعد عام كامل نجح «طه» فى تصنيع قطعة من القماش وصل طولها إلى 70 سنتيمترًا، وعرضها 10 سنتيمترات. يقول طه جاد: طرحت فكرة استغلال مخلفات الموز المزروع فى قنا من خلال منتدى دندرة الاقتصادى لإنتاج صناعات مختلفة مثل الكراسى والحقائب اليدوية، كذلك المنسوجات اليدوية، عن طريق استخراج ألياف الموز بفصل جميع السوائل عن المواد الصلبة بالشجرة، من ثم استخدامها فى تصنيع هذه المنتجات بتكنولوجيا خاصة قدمها لنا بعض الاستشاريين السنغافوريين.. وخطرت على بالى فكرة تصنيع القماش من المخلفات رغم استهانة الكثيرين بها، لكن بعد محاولات عدة نجحنا فى تصنيع قطعة من القماش بألوان واحدة، وحاليًا توسعت فكرتنا ووصلت للنسج على النول. ويوضح: المركز اهتم بتنظيم ندوات وجلسات نقاشية مع المزارعين لتغيير ثقافة التخلص من المخلفات بشكل آمن وصحيح، حيث أدرك الكثير منهم أهمية تلك المخلفات بعد رؤيتهم المنتجات المتميزة التى صنعت منها، مؤكدًا أن المزارعين باتوا يتبارون فى تصنيع منتجات بديعة من الأثاث المنزلى والأكسسوارات الجمالية. ◄ رقائق الموز فكرة أخرى حققت نجاحا كبيرا وهى إنتاج رقائق من الموز بطعم الملح والخل والكباب، وهذه ليست دعاية لمصانع أجنبية، ولكنها واحدة من الأفكار المبتكرة التى تم الإعلان عنها في منتدى دندرة الاقتصادي، وطرحها الشاب طارق عبدالله ابن محافظة قنا، حيث هداه تفكيره إلى أن يصنع رقائق تشبه رقائق البطاطس من ثمار الموز، رغم أنها فكرة قد تعد ضربًا من الخيال، إلا أن فكرته حققت نجاحًا منقطع النظير، وأنشأ أول مصنع لرقائق الموز فى العالم العربي. يقول عبدالله: تعد فكرة تصنيع رقائق الموز إندونسية الأصل وتنتشر فى دول آسيا بشكل كبير خاصة ماليزيا والفيليبين، وأثناء حضورى منتدى دندرة خطرت ببالى فكرة استغلال مساحات الموز الشاسعة في الأقصروقنا لتصنيع ذلك المنتج، وبالفعل تلقيت تدريبًا عليها من قبل منظمة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة «يونيدو» لمدة عام كامل، مشيرًا إلى أنه بدأ فى إنشاء مصنعه بمدينة طيبة بالأقصر والذي يشبه مصانع رقائق البطاطس العادية. وحول طريقة التصنيع يقول: يتم اختيار الثمار بمواصفات وأحجام معينة، ثم يتم غسلها وتقشيرها بشكل احترافي، ويتم وضع الثمار فى محلول يسهم فى الإسراع بتجفيفه، وبعدها توضع الأطعمة المختلفة على شرائح الموز مثل الجبنة والشطة والدجاج وغيرها، مؤكدًا ضرورة تجفيفه فى درجة حرارة معينة ليعبأ ويغلف بعدها. ويضيف: حرصت على التأكد من مطابقته للمواصفات الصحية القياسية فعرضته على معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، وتبين أمانه على صحة الأطفال والكبار فضلًا عن غناه بالفيتامينات المختلفة مقارنة بالمقرمشات الأخرى، مشيرًا إلى أن أسعاره تتراوح بين خمسة وثمانية جنيهات. ◄ خشب الموز وفى المنطقة الصناعية شرق سوهاج يوجد مصنع متخصص في تصنيع ألياف الموز إلى منتجات خشبية، ليكون المصنع الأول فى مصر وأفريقيا يختص بإعادة تدوير تلك المخلفات بعد أن كان يتم التخلص منها إما بالحرق أو إلقائها بالمصارف والشوارع، ولم يتم استغلال المخلفات عند هذا الحد بل يتم تصنيع الأطباق الكرتونية، الحوامل الورقية للأكواب، فضلًا عن أدوات تعبئة الطعام بدعم من وزارة الدولة للإنتاج الحربي. يقول المهندس ميشيل نعيم مدير المبيعات والدعم الفني بالمصنع: تعتمد الشركة في تصنيعها على المخلفات من خلال فصل كافة السوائل عن المواد الصلبة بشجرة الموز باستخدام تكنولوجيا معينة، للحصول على ألياف طبيعية لها خصائص مميزة، تدخل فى صناعة الأخشاب والكرتون. أما السوائل فيتم معالجتها لتحول إلى أسمدة طبيعية تغذى التربة وتمدها بكافة احتياجاتها، مشيرًا إلى أن إنتاج المصنع من الأخشاب يوزع داخل مصر وخارجها وتحديدًا فى فرنسا والدنمارك وموناكو، مؤكدًا أنه تم استغلال كافة المخلفات بالمصنع التى تقدر بآلاف الأطنان بالتعاون مع المزارعين.