حتى أسابيع قليلة كان الرئيس الفرنسى "ماكرون" مطمئنا تماما إلى أن الانتخابات الرئاسية التى ستبدأ جولتها الأولى اليوم ستعطيه - بلا عناء - فترة رئاسية ثانية. كانت كل المؤشرات تقول إن هناك نوعا من القبول الجماهيرى لأدائه فى الفترة الأولى، وأنه استطاع إعطاء صورة جيدة لقيادته أوروبا فى فترة عصيبة خاصة بعد اشتعال الحرب فى أوكرانيا، وأنه لا جديد عند منافسيه، ولهذا أعطته الاستطلاعات الأولية تفوقا واضحا على كل المرشحين فى الجولة الأولى، وأن تجرى الإعادة بينه وبين مرشحة اليمين المتطرف مارى لوبان التى ستأتى ثانية ولكن بمسافة بعيدة فى الجولة الأولي، وسيفوز عليها ماكرون فى الجولة الثانية بفارق كبير. كان هذا قبل أسابيع. ولذلك تصرف ماكرون باطمئنان، ودخل المعركة الانتخابية متأخرا، لتشهد الأيام الأخيرة تغيرات كبيرة فى موازين القوى لغير صالحه، وليأتى موعد الجولة الأولى اليوم واستطلاعات الرأى تكاد تضعه مع مارى لبوبان على نفس درجة التأييد. 26٪ لماكرون و25٪ للوبان" بعد أن كان الفارق أكثر من 12 نقطة! ورغم أن الاستطلاعات مازالت ترجح فوز ماكرون فى الجولة الثانية إلا أنها تقول إن الفوز سيكون بشق الأنفس "51٪ ضد 49٪" وأن كل الاحتمالات واردة حتى نهاية المعركة!! الواقع أن خصوم ماكرون استغلوا انشغاله بالحرب فى أوكرانيا ومحاولاته التى لم تنجح فى وقف الحرب، كما استغلوا غيابه عن النشاط الانتخابى المكثف واللقاء المباشر بالناخبين، ونجحوا "وخاصة لوبان"، فى جعل الغلاء ومعاناة محدوى الدخل ضاعفتها آثار كورونا ثم الحرب الأوكرانية محورا لحملاتهم الانتخابية. واستفادت "لوبان"، من وجود مرشح يمينى أكثر تطرفا منها "زامور" لتبدو فى ثوب أكثر اعتدالا وعقلانية بالنسبة له وهى تركز حملتها على أوضاع محدودى الدخل والفقراء، لتكتسب أرضا فى مواجهة ماكرون! كل المؤشرات تقول إن الجولة الانتخابية اليوم ستقود إلى مواجهة بين ماكرون ولوبان فى تكرار للانتخابات الماضية التى حسمها ماكرون - فى النهاية- باكتساح. هذه المرة سيكون الأمر مختلفا. ضاق الهامش بين الاثنين، وكل الاحتمالات واردة وأيا كانت النتيجة، ومهما كانت الأسباب، فستبقى الحقيقة هى أن اليمين المتطرف يصعد.. والباقى تفاصيل!