أحمد جمال تسببت الأوضاع الصحية التى فرضها انتشار فيروس كورونا فى أن تكون إجازة نهاية العام بالنسبة لصفوف النقل هذا العام ممتدة لأكثر من خمسة أشهر منذ بداية شهر مايو الماضى إلى التاسع مع أكتوبر المقبل، وقد تكون هذه الفترة الزمنية الأكبر التى لم يتعرض فيها الطلاب لمحتويات علمية فى ظل حالة من الارتباك التى تسيطر على المنظومة التعليمية على مدار العامين الماضيين منذ انتشار الفيروس. لم يستسلم كثير من الأسر إلى الوضع القائم، تحديداً فى المراحل التعليمية الأولى التى يكون فيها الطلاب بحاجة إلى تأسيس سليم يدعم تفوقهم فى المستقبل وهو ما حول كثيرا من البيوت إلى مدارس صيفية واستعان البعض بالدروس الخصوصية فى محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما كان مشجعًا لكثير من المعلمين فى باقى صفوف النقل لإعلان بدء العمل فى مراكز الدروس الخصوصية مبكراً تحديداً مع نهاية امتحانات الثانوية العامة، مطلع الشهر الجارى. واشتعل صراع من نوع آخر بين المعلمين وأولياء الأمور تحديداً فى صفوف النقل بالمرحلتين الإعدادية والثانوية انتصر فيه المعلمون بطبيعة الأمر، ففى المعتاد دائما تكون انطلاقة الدروس الخصوصية قبل أسبوعين أو شهر على الأكثر من الدراسة فى حين أن كثيرا من المعلمين بدأوا بالفعل بحجة أن الدراسة لم تُستكمل فى المدارس العام الماضي، وأن الطلاب بحاجة لإعادة تذكيرهم بما فات ومع الحاجة للبدء فى المقررات الجديدة خشية من عدم انتظام العام الدراسى الحالى كما الحال بالنسبة للعامين الماضيين. "آخرساعة" فتحت نقاشًا مع عدد من أولياء الأمور والمعلمين وخبراء التربية للتعرف على كيفية تعاملهم مع الإجازة الصيفية المطولة وما هى استعداداتهم للعام الدراسى الجديد فى ظل تحولات جديدة فى نظم التعلم التى يقوم عليها نظام التعليم الجديد فى المراحل الأولى من رياض الأطفال وحتى الصف الرابع الابتدائي. فى البداية قالت منى أبو غالى أدمن جروب "ائتلاف تحيا مصر بالتعليم"، إن طول فترة الإجازة دفع معلمى الدروس الخصوصية للبدء مبكراً وأن عمليات الحجز انطلقت من شهر يوليو الماضى فى حين أن امتحانات الثانوية العامة لم تكن قد انتهت بعد، وهناك البعض استغل مخاوف أولياء الأمور من عدم انتظام العملية التعليمية وبدأوا فى توقيت مبكر من داخل البيوت. وأضافت ل"آخرساعة"، أن غالبية أولياء الأمور يجدون أنفسهم مضطرين للموافقة على طلبات المعلمين لأن كلًا منهم يخشى عدم وجود أماكن لأبنائه مع معلمى الفصل أو المعلمين الأكفاء، وهو ما جعل ضغط الدراسة يستمر بشكل متواصل حتى وإن لم يكن هناك دراسة فعلية داخل المدارس، وهو ما ينعكس سلبًا على الأسر التى تجد نفسها مرغمة لدفع فاتورة دروس خصوصية لثلاثة أو أربعة أبناء فى مراحل مختلفة. وشددت على أن الأزمة الحالية سببها أن كثيرا من المعلمين لم يراعوا ضمائرهم خلال العام الدراسى المنقضى وارتكنوا على أنه لم يكن هناك دراسة منتظمة وبالتالى فإن نسب الحضور كانت منخفضة فى أغلب الأحيان، والبعض منهم طالب الطلاب بعدم الحضور بحجة أنه ليس هناك غياب وحضور، كما أن المنصات التعليمية التى أعلنت عنها الوزارة لم تقم بدورها ولم يستفد منها الطلاب بالشكل الأمثل. فى المقابل رفضت فاطمة فتحي، أدمن جروب "تعليم بلا حدود"، الانصياع لرغبات المعلمين الذين فتحوا باب الحجز وقرروا البدء مبكرا منذ مطلع الشهر الجارى، مشيرة إلى أن لديها طفلين فى المرحلة الإعدادية والثانوية وهذان قررت أن تمنحهما فرصة للاستمتاع بالإجازة مع إمكانية استذكار الدروس قبل بدء العام الدراسى بفترة قصيرة. إلا أنها تبحث عن معلمين لطفليها الآخرين فى الصف الثالث الابتدائى لرغبتها فى أن يتم تأسيسهما بشكل سليم قبل انطلاق الدراسة، وهو ما أرجعته إلى أن معلمى منظومة التعليم الجديدة (2.O)، لم يقوموا بأدوارهم بالوجه السليم داخل المدارس وأشاروا إلى أن المنظومة الجديدة بها مشكلات عديدة وقاموا بالتدريس بنفس الطرق والأساليب القديمة وبالتالى لم يستفد الطلاب. وناشدت وزارة التربية والتعليم ضرورة فتح "المجموعات المدرسية" لكن فى فصل الصيف داخل المدارس بحيث يجرى اختيار المعلمين الذين لديهم قدرة على توصيل مفردات التعلم بالمنظومة الجديدة إلى الطلاب على أن يكون ذلك بشكل رسمى تحت أعين الوزارة تحديداً، وأن المدارس تعمل بشكل طبيعى فى فصل الصيف. وتابعت قائلة: "الوزارة أهملت هذا العام الأنشطة الصيفية وأنشطة القراءة التى كان من الممكن أن يكون لها دور فى التعامل مع الأوضاع الراهنة وأنها ستكون تمهيداً لتدريب الطلاب داخل فصولهم على ما فاتهم من محتويات خلال العامين الماضيين، لكن الواقع يشير إلى أن وزارة التربية والتعليم هى الوحيدة التى ليس لديها الرغبة فى التعايش مع فيروس كورونا فى حين أن الجميع يمارس حياته بشكل طبيعى". قالت عبير أحمد، مؤسس جروب "اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم"، إن هناك عدة طرق وأشكال مختلفة يتبعها أولياء الأمور لقضاء أبنائهم فترة إجازة الصيف، فهناك من يركز على ممارسة الرياضة فى النوادى ومراكز الشباب ويكون المستهدف بالأساس إزاحة الضغوط عن الطلاب وتحسين نفسيتهم. وأضافت أن الدورات التدريبية لتنمية المهارات تكون مطلوبة ومهمة لمجاراة التطورات التكنولوجية والحفاظ على اللغة الأجنبية، بينما يقوم البعض الآخر بإعطاء دروس خصوصية لتقوية أبنائهم فى بعض المواد مثل اللغة العربية والإنجليزية. لكنها نصحت أولياء الأمور بأن يتركوا أبناءهم للاستمتاع بإجازة الصيف حتى يستعيدوا طاقتهم وحيويتهم، على أن يعودوا للمراجعات العلمية فى الفترة المقبلة، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية وارتداء الكمامة واستخدام التعقيم والمطهرات بشكل دورى سواء داخل المنزل أو خارجه للوقاية من فيروس كورونا. وفى المقابل أكدت رحاب سامى، عضو ائتلاف معلمى مصر، أن تهافت أولياء الأمور على الدروس الخصوصية فى ظل تطبيق منظومة التعليم الجديدة على طلاب الصفوف الأولى لن يكون مجديًا، بل إن اعتماد كثير من المعلمين على طرق شرح قديمة لا يتواكب مع النظام الجديد ستكون نتائجه عكسية على الطلاب. ولفتت إلى أن بعض المدارس لديها نشاط صيفى للموهوبين وهى قادرة على أن تكون مفيدة للطلاب تعليميًا لأن الطلاب بحاجة إلى عقد ورش عملى تدربهم على عمل الأبحاث والتدريب على "الحساب الذهني" وليس طرق التلقين والحفظ وهو أمر تقوم به المدارس التى حولت الحصص المدرسية إلى دورات تدريبية لتدريب الطلاب على التفكير العلمى، وقد تكون المشكلة أن المدارس لا تلتزم بالقدر الكافى بالأنشطة الصيفية. وشددت على أن الطلاب بحاجة لأن يعيشوا حياة تعليمية والمناهج الجديدة مبنية بالأساس على المعايشة والتفاعل ومن المفترض أن يكون هناك تدريب على إنجاز المشروعات من جانب مدرسى العربى والإنجليزى والعلوم والرياضيات وهو ما يساعد الطلاب على التفكير ويدعم توسيع خيالهم العلمى بحيث يكون لديهم قدرات ابتكارية. وأضافت أن أولياء الأمور عليهم البحث عن كيفية تنمية مهارات طلابهم بعيداً عن النظرة الضيقة للدروس الخصوصية ولابد الخروج من دائرة المنهج الدراسى وأن يكون هناك بيئة داخل المنزل تساعدهم على التفكير وتطوير لغتهم الأجنبية، مشيرة إلى أن تدريب الطلاب على الحفظ فى الإجازة الصيفية ثم تعرضهم لأنواع مختلفة من التعلم داخل المدرسة لن يؤدى إلى الهدف المنشود بالنسبة للأسر. من وجهة نظر الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة القاهرة، أن تدريب الطلاب الصغار على المهارات التكنولوجية التى تساعدهم على التعلم الإلكترونى قد تكون أفضل من الدروس الخصوصية، كما أن الوزارة عليها مسئولية تدريب المعلمين على طرق التعلم الحديثة حتى يثق الطلاب وأولياء أمورهم فى المدرسة للتعامل مع المخاوف الحالية. وأوضح أن تكرار المحتوى التعليمى مرات عديدة للطلاب فى الإجازة ثم الدراسة قد يؤدى إلى فقدان الطلاب حماسهم مع الوصول إلى فترة الامتحانات النهاية وفى هذه الحالة يتعرض الطلاب لحالة من الملل تحديداً فى السن الصغيرة ومن المفضل أن تكون الإجازة للقراءة الحرة وتنمية المهارات الثقافية والتكنولوجية. وأشار إلى أن هناك مشكلة خطيرة لابد أن تنتبه لها الوزارة وهى أنها وضعت أطرا تعليمية جديدة ومناهج جديدة لطلاب الصفوف الأولى من دون أن تُغير من طريقة تدريسها لأن الدروس المقدمة خلال المنصات الإلكترونية أو عبر قنواتها التعليمية المختلفة مازالت تقدم بالأساليب التعليمية القديمة وهو ما يؤدى إلى مشكلات تحصيلية بالنسبة للطلاب، تدفع لمضاعفة الاعتماد على الدروس الخصوصية خلال الإجازة الصيفية.