أحمد جمال قبل أيام قليلة من انطلاق امتحانات الثانوية العامة لم يكتفِ الطلاب بالمراجعات التى يقدمها ما يمكن تسميتهم ب"أباطرة الدروس الخصوصية"، فعلى مدار سنوات طويلة كانت توقعاتهم لأسئلة الامتحانات سبباً فى أن يحظوا بشهرة واسعة إلى الدرجة التى كان يحضر فيها آلاف الطلبة حصة واحدة داخل مسرح أو سينما أو أى مكان آخر، لكن هذا العام بدا الأمر مختلفاً، فرغم أن الدورس الخصوصية لم تتوقف فقد أضحت هناك منصات تعليمية تزاحم "دكتور الكيمياء" و"أسطورة الرياضيات"، و"صاروخ الفيزياء". نصح وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، طلاب الثانوية العامة هذا العام بالمذاكرة من المصادر التعليمية التى أتاحتها الوزارة استعداداً لامتحانات نهاية العامة، وحدد على وجه التحديد "بنك المعرفة" و"منصة إدارة التعلم"، و"محتوى نجوى"، و"منصة حصص مصر" إلى جانب قناة "مدرستنا". أتاحت الوزارة على المنصات المختلفة مئات الأسئلة والإجابات التى تدرب الطلاب على شكل امتحانات الثانوية التى ستكون جديدة هذا العام، وستجرى لأول مرة بنظام الأسئلة من اختيار متعدد على "البابل شيت" و"التابلت"، وهو ما جعل الطلاب أكثر بحثاً عن مصادر التعلم الجديدة التى لم تلغِ الدروس الخصوصية لكنها أضحت مكملة لها، بل إن العديد من المعلمين قاموا بطباعة هذه الأسئلة وقاموا بشرحها للطلاب. ناقشت "آخرساعة" التجربة الجديدة مع عدد من الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين للتعرف على مزاياها ومشكلاتها للتغلب عليها، واتفق الجميع على أنها تشكل إضافة معرفية مهمة للطلاب، لكنهم اشتكوا من تأخر إطلاقها بعد بداية العام الدراسى إلى جانب تأخر طرح النماذج الاسترشادية عليها، ووجود أخطاء عديدة فى إجابات العديد من الأسئلة، مع قلة جودة محتويات اللغات مقارنة بالمحتوى المنشور باللغة العربية. يقول محمد شاكر، ولى أمر طالب بالصف الثالث الثانوي، إن المشكلة الأساسية التى تواجه طلاب الثانوية العامة فى هذه الأيام أن عامل الوقت ليس فى صالحهم، لأن المنصات عليها قدر هائل من الأسئلة وليس من الممكن الإلمام بها كلها، فى حين أنهم يتابعون بالأساس مع معلمى الدروس الخصوصية، ولم تكن الرؤية واضحة فى البداية على ما ستقدمه هذه المنصات وهل سيكون مفيداً للطلاب أم لا؟ وأضاف ل"آخرساعة"، أن إتاحة أسئلة المراجعات النهائية على المنصات يحدث للمرة الأولى هذا العام لطلاب الثانوية العامة، وفى الأعوام السابقة كانت هناك مصادر معروفة بالنسبة لهم الوضع تغير، إذ إن بنك المعرفة مثلاً يحتوى على مئات الأسئلة لكل مادة، وفى أحد فروع الرياضيات وهو التفاضل والتكامل هناك 600 سؤال، وهو كم كبير لا يمكن تحصيله كله، وبالتالى فإن المدرسين أخذوا على عاتقهم مهمة اختيار بعض الأسئلة وتدريب الطلاب عليها. وأشار إلى وجود مشكلات فى منصة "حصص مصر"، وهى بالأساس منصة بمقابل مادى لكن الوزارة قررت هذا العام إتاحتها مجاناً، تمثلت فى أن بعض إجابات الأسئلة بها أخطاء وكثير من المعلمين حذروا الطلاب من الاعتماد على إجاباتها كأمر مسلم به، وهو ما أحدث حالة من القلق والتوتر. وأوضح أن المعضلة الرئيسية أمام الطلاب فى تعاملهم مع المنصات أنهم أضحوا أمام منهج أكبر مما هو عليه بالكتاب المدرسي، وليس هناك وقت للبحث بعكس الأعوام السابقة التى كانت فيها المقررات واضحة ومحددة، وبالتالى فإن التركيز الأكبر على الأسئلة بمساعدة المعلمين الذين لعبوا دوراً مهماً فى التسهيل على الطلاب. وذهبت فاتن أحمد، ولية أمر طالب بالصف الثالث الثانوي، إلى أن المنصات أُتِيحت للطلاب بعد شهر من بدء العام الدراسى ولم يعتادوا على المذاكرة عليها منذ بداية العام، وبدأ الاهتمام بها متأخراً، لكنها تقدم محتوى جيدا، إذ إن منصة "البث المباشر" تلتزم بمواعيدها وتقوم بإعادة الحصص والمراجعات على موقع "يوتيوب"، وأن المشكلة الأساسية تمثلت فى تأخر نشر محتويات بعض المواد فى وقت كان فيه الطلاب قد انتهوا من استذكار دروسهم ومراجعاتهم. وأكدت أن الاهتمام داخل المنصات بالأساس للمحتوى المنشور باللغة العربية، وإن جرى استدراك ذلك فى المراجعات ووفرت الوزارة محتويات للغات المختلفة، هناك بعض الأخطاء والمشكلات لكن الأمر قد يكون راجعا لأنه لأول مرة يرتبط الطلاب بالمنصات ولم يعتادوا عليها من قبل. ولفتت إلى أن أولياء الأمور قاموا بمساعدة الطلاب من خلال تجميع ملفات "بى دى إف" للأسئلة وتوزيعها على الجروبات العديدة الخاصة بهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعل الطلاب معها على نحو كبير، موضحة أن المنصات التعليمية من الممكن أن تقوم بدور "دروس الأونلاين الخصوصية" والأمر بحاجة إلى مزيد من تسليط الضوء عليها. ونصحت فاتن طلاب الثانوية العامة فى السنوات المقبلة بالاهتمام بمنصة "البث المباشر" و"حصص مصر"، و"بنك المعرفة"، مع أهمية أن يكون هناك تنظيم بشكل أكبر على مستوى شكل المنصات ووصول الطلاب للمحتويات المهمة بهم، لأن هناك أعدادا هائلة من الأسئلة بالطبع لن يستطيع الطلاب الإلمام بها وهو ما يجعلهم طوال الوقت يشعرون بأنهم لا يقفون على أرضية صلبة. وبحسب محمد إسماعيل، طالب بالصف الثالث الثانوي، فإن مشكلة المنصات أنه لا يمكن الوثوق فيها لأن هناك كثيرا من الأسئلة لديها إجابات خاطئة ويقوم المعلمون بين الحين والآخر بتصحيحها للطلاب فى حين أن هناك آخرين قد يعتدون بها دون أن يتوصلوا للإجابات الصحيحة.. وأضاف أن "حصص مصر" فى مادة اللغة الفرنسية قامت بوضع أسئلة وإجابات "مُعربة"، بمعنى أن الكلام مكتوب باللغة العربية فى حين أن المصطلحات فرنسية، وهو أحد العيوب القاتلة التى لا يمكن أن يستفيد منها الطلاب وبحاجة إلى مراجعات عديدة لحين تنقيحها من الأخطاء. وشكت الطالبة ميرنا فؤاد، وهى طالبة بإحدى المدارس الخاصة ذات الدراسة باللغة الفرنسية، من عدم توفر مواد اللغات الفرنسية تحديداً فى منصة "حصص مصر" التى تشهد الإقبال الأكبر بين الطلاب، وتظهر أمامها صفحات بيضاء من دون أسئلة أو إجابات، وهو ما اضطرها لترجمة الأسئلة من اللغة العربية إلى الفرنسية تحديداً فى مواد الكيمياء والفيزياء التى تدرسهما باللغة الفرنسية.. وقال أحد المعلمين المسئولين عن التواصل بين الطلاب والمنصات التعليمية طلب عدم ذكر اسمه - إن زيادة الضغط العصبى على الطلاب قبل أيام من انطلاق الثانوية العامة جعل الإقبال على المنصات ضعيفاً مؤخراً، فى حين أن أولياء الأمور هم من يقومون بالدخول للتعرف على الأسئلة وطرق الشرح ومساعدة أبنائهم. وأشار إلى أن الطلاب شغلوا أنفسهم بطريقة الامتحانات سواء كانت ورقية أو إلكترونية، فى حين أن نوعية الأسئلة لم تختلف عن التى اعتادوا عليها طيلة العامين الماضيين، بالتالى وجدوا أنفسهم أمام مشكلة الوقت التى تؤرقهم فى الوقت الحالي، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك تقييم للتجربة بشكل كامل بعد انتهاء الامتحانات لتصحيح الأخطاء التى وقع بها الجميع والاستفادة منها. وأوضح أن تركيز الطلاب بالأساس يكون على منصات "حصص مصر" وقناة "مدرستنا"، إلى جانب بعض المراجعات التى يقوم بها المعلمون على منصة "كلوب هاوس" التى تأخذ منحنى تصاعديا من حيث اهتمامات الطلاب نظرا للطريقة التفاعلية بين الطلاب والمدرسين. وقام مجموعة من معلمى محافظة الشرقية بتأسيس "منتدى تطوير التعليم" على منصة "كلوب هاوس" و"تليجرام"، التى تستهدف بث معلومات مختلفة للطلاب عن الامتحانات وطريقة التعامل معها ومواعيدها والإجراءات المتخذة فيها، إلى جانب تدشين بنوك أسئلة للمراجعة فى كافة المواد. ويهتم المنتدى بتقديم المراجعات النهائية لامتحانات الثانوية العامة بطريقة تفاعلية بين الطلاب والمعلمين وهو ما يتيح وجود نقاش لحظى بين الطالب ومعلمه، وأضحت بمثابة درس خصوصى إلكتروني، كما أنه يبث محاضرات تفاعلية للطلاب حول كيفية اختيار الإجابة الصحيحة بذكاء، وتدرب الطلاب على الطريقة الجديدة للامتحانات التى تعتمد على التفكير. وقالت رحاب سامي، عضو ائتلاف معلمى مصر وهى معلمة بالمرحلة الثانوية، إن الطلاب وأولياء الأمور وكذلك المعلمين اختلفوا حول أهمية المنصات التى وفرتها الوزارة هذا العام، فهناك من هاجمها وآخرون أغفلوا وجودها ونوع ثالث كان لديه الرغبة فى التعلم منها، غير أن تأثيرها سيظهر بشكل واضح على من تفاعل معها وحاول الاستفادة منها.. وأضافت ل"آخرساعة"، أن الطلاب وأولياء أمورهم الذين تفاعلوا مع المنصات وجدوا بها محتويات مفيدة، ونحن كمعلمين وجدنا استفادة من التدريبات المتاحة، وعلى المستوى بأفضل الطرق، وكذلك فإنها أضحت وسيلة تواصل جديدة بين الطلاب والمعلمين من خلال مجموعة من المواد التفاعلية التى تساعد على توصيل المعلومة إليهم بشكل مختلف.