كتب : سحر رجب يبدو أن إثيوبيا تقترب من التقسيم والتشرذم بعد شهور من اندلاع الحرب الأهلية بين القوات الموالية للحكومة الفيدرالية برئاسة رئيس الوزراء آبي أحمد، وجبهة تحرير شعب تيجراي، في أعقاب لجوء آبي أحمد في الرابع من نوفمبر 2020 إلى استخدام القوات المسلحة ضد قادة جبهة التيجراي، وقيام الجيش بعمليات عسكرية داخل الإقليم، وتصديق البرلمان الإثيوبي على هذه التحركات، التي صاحبها العديد من السياسات المناهضة لقومية التيجراي في داخل وخارج الإقليم، مما أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص أغلبهم من المدنيين، ونزوح مئات الآلاف هرباً إلي السودان من القتال الدائر في إقليم تيجراي واستمرار المعارك، وسط تحذير من هيئات إغاثة من أزمة إنسانية كبرى تتمثل في مجاعة مما يحتم بتهديد وتمزيق البلاد. وعن السيناريوهات المتوقعة للحرب الأهلية في إقليم تيجراي على الاستقرار الداخلي في إثيوبيا، وما يعكسه هذا التحرك العسكري على القوميات الأخرى المشكلة للدولة الإثيوبية، خاصة في ظل نظام الفيدرالية العرقية الذي أقره الدستور الإثيوبي لعام 1994 والذي يعطى القوميات حق تقرير المصير والانفصال عن الدولة الإثيوبية وفقاً لشروط محددة، قالت د.أميرة عبدالحليم الخبيرة في الشئون الأفريقية بالبرنامج الأفريقى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن «النظام الفيدرالي تأسس في إثيوبيا وفقاً لدستور عام 1994، عقب الإطاحة بالنظام الماركسي في عام 1990. وكان الهدف من تطبيقه هو الحد من التهميش والإقصاء الذي كانت تعاني منه الكثير من الجماعات العرقية التي تتكون منها الدولة الإثيوبية، إلا أن هذا النظام الذي قسم البلاد إلى تسع ولايات رئيسية بالإضافة إلى مدينتين تتبعان الحكومة الاتحادية، وأعطى الدستور الولايات الإقليمية التي تضم الجماعات العرقية الأكبر، ومنها الأمهرة والأورومو والتيجراى والأمم الجنوبية، عضوية في الائتلاف الحاكم. وأوضحت عبدالحليم أن هذا النظام لم ينجح في معالجة وإدارة مشكلات التنوع العرقي في إثيوبيا خلال العقود الثلاثة الماضية، وكانت المشكلة الأخطر في هذا النظام أنه يقوم على أساس الانتماء العرقي وليس الوطني، ويؤسس الحقوق الأساسية في الأرض والوظائف الحكومية ليس على أساس الجنسية الإثيوبية ولكن على اعتبارهم من السكان الأصليين عرقياً. وأشارت عبدالحليم إلي وجود أكثر من 90 مجموعة عرقية في إثيوبيا، وبرز في نظام الحكم العديد من التناقضات الداخلية، كما أطلقت الفيدرالية العرقية الصراع من أجل السيادة بين الثلاث قوميات الكبار: التيجراي والأمهرة والأورومو، خاصة على الائتلاف الحاكم بقيادة الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية (EPRDF). فقد سيطرت الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي على هذا الائتلاف منذ عام 1991 وحتى مجيء آبي أحمد إلى السلطة في أبريل 2018. وقد عبرت الخلافات المتواصلة بين الائتلاف الحاكم وعدد من القوميات، والتي ظهرت في صورة احتجاجات كبيرة، خاصة من قومية الأورومو والتي انضمت إليها قومية الأمهرة في عدد من الاحتجاجات تشكل المجموعتان 65% من سكان إثيوبيا، ومطالبة بعض القوميات بالانفصال عن الدولة الإثيوبية (والذي يكفله الدستور الإثيوبي) عن فشل النظام الفيدرالي في استيعاب الجماعات العرقية المختلفة.