«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جماليات التجريب وألعاب السرد
الغميضة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 08 - 06 - 2021


كتب :د. ‬محمد ‬سليم ‬شوشة
فى ‬رواية ‬االغميضة ‬للروائى ‬المصرى ‬وليد ‬علاء ‬الدين ‬الصادرة ‬حديثا ‬2020 ‬عن ‬دار ‬الشروق ‬نلمح ‬عددا ‬من ‬السمات ‬التى ‬تؤكد ‬خصوصية ‬الصوت ‬السردى ‬لديه ‬وتميزه، ‬كما ‬تبرز ‬قدر ‬جموحه ‬الفنى ‬وطموحه ‬لأن ‬ينتج ‬إبداعا ‬مغايرا ‬وأنه ‬محكوم ‬فى ‬بنية ‬الشكل ‬الروائى ‬بالقيمة ‬الدلالية ‬والجماليات ‬وأنه ‬لا ‬يدخل ‬للنوع ‬الأدبى ‬من ‬البداية ‬وقد ‬حاصرته ‬التقاليد ‬الفنية ‬وحجّمته، ‬بل ‬هو ‬من ‬يقدر ‬على ‬زحزحتها ‬وإعادة ‬ترسيمها ‬وفق ‬مخيلته ‬وقدراته ‬السردية ‬المتجاوزة.‬
رواية ‬االغميضة ‬هى ‬واحدة ‬من ‬أبرز ‬الروايات ‬التى ‬تعتمد ‬على ‬الرمز ‬والتكثيف ‬وتبقى ‬حافلة ‬بالقيم ‬الدلالية ‬المهمة، ‬فضلا ‬عما ‬تصطنع ‬لنفسها ‬من ‬إمكانات ‬التشويق ‬والإفادة ‬من ‬تداخل ‬الفنون ‬الأدبية ‬الأخرى. ‬الرواية ‬التى ‬تتقاطع ‬تماما ‬مع ‬فن ‬المسرح ‬بل ‬تتجاوز ‬التقاطع ‬إلى ‬أن ‬تسترفده ‬تماما ‬فى ‬سيطرة ‬تامة ‬عليه، ‬لتكتسب ‬منه ‬أبرز ‬ما ‬فيه ‬من ‬التوتر ‬الدرامى ‬واستغلال ‬الحشود ‬والكثافة ‬وثبات ‬المكان ‬ووحدة ‬الحدث، ‬لتكون ‬واحدة ‬من ‬أبرز ‬التجارب ‬السردية ‬الشجاعة، ‬وتمثل ‬مغامرة ‬فنية ‬محسوبة ‬وملعوبة ‬بقدر ‬من ‬الرشاقة ‬والمقدرة ‬اللغوية ‬والتخييلية ‬الممتازة.‬تلتكون ‬الرواية ‬وفق ‬هذا ‬الشكل ‬قد ‬عرفت ‬بدقة ‬ما ‬الذى ‬تحتاجه ‬من ‬الشكل ‬المسرحى ‬وبخاصة ‬الطابع ‬الدرامى ‬الجدلى ‬والذهنى ‬المناسبة ‬للأفكار ‬والقيم ‬الدلالية ‬التى ‬اتجهت ‬الرواية ‬إلى ‬مقاربتها. ‬وأبرزها ‬فكرة ‬تلون ‬الخلق ‬واصطباغهم ‬بأفكار ‬يتكسبون ‬منها ‬أو ‬حتى ‬وطأة ‬المرض ‬النفسى ‬كما ‬يتضح ‬عند ‬المتطرفين ‬الذين ‬هم ‬وفق ‬طرح ‬الرواية ‬حالة ‬مرضية ‬تأخذ ‬شكلا ‬جماعيا ‬أو ‬مظلة ‬جماعية. ‬والقضية ‬الأهم ‬فى ‬الرواية ‬وهى ‬الخاصة ‬بالرجعية ‬الدينية ‬وما ‬تحاول ‬أن ‬تفرضه ‬على ‬المجتمع ‬من ‬تصوراتها ‬الأخلاقية ‬المزيفة. ‬وفيما ‬يخص ‬هذه ‬الأخيرة ‬فإن ‬رواية ‬الغميضة ‬هى ‬واحدة ‬من ‬أكثر ‬الروايات ‬جرأة ‬فى ‬مقاربة ‬الرجعية، ‬وفق ‬طرح ‬فنى ‬خاص، ‬وفى ‬إطار ‬لغة ‬جامحة ‬وصريحة ‬تعلى ‬من ‬أهميتها.‬
٪ ‬٪ ‬٪ ‬
تركز ‬الرواية ‬على ‬شخصيتين ‬هما ‬محور ‬العمل، ‬وهما ‬الولد ‬والبنت ‬اللذان ‬تربيا ‬مع ‬بعضهما ‬فى ‬حارة ‬واحدة ‬أو ‬هكذا ‬يفترض ‬بهما ‬وفق ‬لعبة ‬المسرح ‬الجديد ‬التى ‬ينغمس ‬فيها ‬الخطاب ‬الروائى. ‬الطفل ‬وحبيبته ‬ابنة ‬الجيران، ‬أو ‬البنت ‬وحبيبها، ‬يلعبان ‬معا ‬من ‬الطفولة ‬ويكتشفان ‬بالتدريج ‬أن ‬الحياة ‬كلها ‬مغامرة ‬ولعبة ‬كبيرة ‬من ‬ألعاب ‬التخفى ‬والحيل ‬التى ‬لا ‬تنتهى. ‬فى ‬الحقيقة ‬أن ‬ما ‬يخلصان ‬إليه ‬ليس ‬مجرد ‬قرار ‬أو ‬فكرة ‬بسيطة ‬يعرفانها ‬أو ‬يكتشفانها ‬عن ‬الحياة؛ ‬لأن ‬اكتشافاتهما ‬تبدو ‬بلا ‬نهاية ‬فهى ‬لم ‬تنقطع ‬منذ ‬أول ‬اللعب ‬وحتى ‬نهاية ‬الرواية، ‬وأن ‬ألعاب ‬الخديعة ‬والتنكر ‬والتخفى ‬والتلاعب ‬بالمشاعر ‬وخداع ‬الجماهير ‬لا ‬تنتهى، ‬فى ‬شكل ‬متواليات ‬نهائية ‬تجعل ‬أفق ‬العمل ‬مفتوحا ‬على ‬المطلق ‬وتجعله ‬أكثر ‬تشويقا، ‬فضلا ‬عن ‬شعريته ‬لأنه ‬يتطابق ‬مع ‬جوهر ‬الحياة ‬من ‬فكرة ‬انفتاحها ‬على ‬الغرابة ‬والعجائبية ‬باستمرار.‬
ما ‬الذى ‬أفادته ‬الرواية ‬من ‬الشكل ‬المسرحى ‬واتكائها ‬عليه؟ ‬الحقيقة ‬هناك ‬نواتج ‬جمالية ‬عديدة ‬لهذا ‬التكنيك ‬السردى، ‬أولها ‬وحدة ‬العمل ‬وتماسكه، ‬وتجاوزه ‬لنمطية ‬الحكايات ‬ورتابتها، ‬وثانيها ‬السماح ‬بالتمدد ‬الشعرى ‬للغة ‬النص، ‬وإعطاء ‬مجال ‬أرحب ‬لتقاطع ‬الأصوات ‬وتعددها ‬وجعل ‬البوليفونية ‬هى ‬السمة ‬الأبرز ‬للرواية ‬وليس ‬الموضوع، ‬نعم ‬الرواية ‬بذاتها ‬قادرة ‬على ‬تجسيد ‬التنوع ‬وتعدد ‬الأصوات، ‬لكن ‬المسرح ‬يبقى ‬هو ‬الأساس ‬للشكل ‬الحوارى ‬والجدلى، ‬لأنه ‬فن ‬الكلام ‬والعرض ‬والحوار ‬فيه ‬أكثر ‬من ‬غيره ‬من ‬الأنواع ‬الأدبية. ‬سمح ‬الشكل ‬المسرحى ‬كذلك ‬بمساحة ‬لمنطق ‬الفرجة ‬فى ‬الرواية ‬وحشد ‬عدد ‬كبير ‬من ‬الشخصيات ‬فى ‬فضاء ‬مكانى ‬محدود، ‬فجعل ‬الرواية ‬متجاوزة ‬للحدود ‬المكانية ‬المعتادة ‬مثل ‬الحارة ‬أو ‬المقهى ‬أو ‬المنزل، ‬بل ‬تتلون ‬الأماكن ‬بألوان ‬عديدة ‬مستفيدة ‬من ‬مرونة ‬خشبة ‬المسرح ‬وقابليتها ‬للتشكل ‬بتشكلات ‬عديدة. ‬
منح ‬الشكل ‬المسرحى ‬فى ‬الرواية ‬مرونة ‬فى ‬كافة ‬العناصر ‬بما ‬فيها ‬التخييل ‬الذى ‬أفاد ‬من ‬حالة ‬اللعب ‬المسرحى ‬وتواطؤ ‬المتلقى ‬وتبدلت ‬الشخصيات ‬وكانت ‬قادرة ‬على ‬تجاوز ‬حدود ‬العمر ‬أو ‬الصفات، ‬فكانت ‬الشخصيات ‬الروائية ‬ذاتها ‬تتبادل ‬مع ‬بعضها ‬المواقع ‬والمواقف ‬وتعيش ‬حالا ‬من ‬الحلول ‬فى ‬بعضها ‬إذا ‬اقتضت ‬الرواية ‬ذلك. ‬كما ‬هناك ‬النمط ‬التعبيرى ‬أيضا ‬الذى ‬هو ‬أساس ‬المسرح، ‬فالرواية ‬فى ‬شكلها ‬الكلاسيكى ‬تقارب ‬الحقيقى ‬والواقعى ‬أما ‬جعل ‬المسرح ‬قالبا ‬داخليا ‬لها ‬فقد ‬مكنها ‬من ‬تجاوز ‬الحرفية ‬الدلالية ‬إلى ‬أطر ‬تعبيرية ‬أرحب. ‬فلا ‬نكون ‬أمام ‬قصة ‬واقعية ‬أو ‬حقيقية ‬عن ‬حب ‬ينجح ‬أو ‬يفشل ‬أو ‬نكون ‬أمام ‬قصة ‬تنويرية ‬أو ‬مناظرة ‬فعلية ‬عن ‬النقاب ‬بقدر ‬ما ‬نكون ‬أمام ‬لوحة ‬فنية ‬مشحونة ‬ومنمنة ‬من ‬تفاصيل ‬تعبيرية ‬تقارب ‬إطار ‬وضعا ‬عاما ‬أكثر ‬من ‬كونها ‬تناقش ‬قضية ‬بعينها.‬
فى ‬الرواية ‬حالات ‬من ‬الكوميديا ‬أو ‬السخرية ‬وحالات ‬من ‬الصراع ‬والشد ‬والجذب ‬الذى ‬يجعلها ‬على ‬قدر ‬كبير ‬من ‬التشويق ‬والمتعة، ‬كما ‬فيها ‬تنوع ‬فى ‬لغة ‬السرد ‬بين ‬العامية ‬واللغة ‬التداولية ‬وبين ‬اللغة ‬الفصحى ‬التى ‬قد ‬تبلغ ‬حدا ‬من ‬الشعرية ‬فى ‬بعض ‬المواضع، ‬وتتناغم ‬هذه ‬المستويات ‬المختلفة ‬للغة ‬السرد ‬بما ‬يصنع ‬تنوعا ‬كبيرا ‬وكسرا ‬للرتابة، ‬وتصنع ‬إيقاعا ‬خاصا ‬من ‬تفاعل ‬العامية ‬برشاقتها ‬وسرعتها ‬مع ‬الفصحى ‬بطابعها ‬التعبيرى ‬والتأملى ‬والإطارى ‬أو ‬الخارجى. ‬وفى ‬الرواية ‬كذلك ‬فوائد ‬معرفية ‬مهمة ‬تفيدها ‬من ‬الجانب ‬التاريخى ‬الذى ‬يعود ‬إلى ‬تاريخ ‬الملابس ‬فى ‬العصر ‬المملوكى ‬وتعاضد ‬السلطتين ‬السياسية ‬والدينية ‬مع ‬بعضهما ‬لتحديد ‬الملابس ‬أو ‬تغييرها ‬وتجميدها ‬أو ‬منع ‬تطويرها ‬أحيانا ‬بدوافع ‬اقتصادية ‬تأخذ ‬تغليفا ‬دينيا ‬فى ‬الغالب. ‬وهو ‬ما ‬يجعل ‬الرواية ‬قادرة ‬على ‬أن ‬تجعل ‬الماضى ‬والحاضر ‬يتخاطبان ‬أو ‬يسقط ‬أحدهما ‬على ‬الآخر ‬أو ‬يكون ‬أحدهما ‬مرآة ‬للآخر. ‬كما ‬تنفتح ‬تاريخيا ‬أيضا ‬على ‬ألف ‬ليلة ‬وليلة ‬والسرد ‬الشفاهى ‬القديم ‬وتفيد ‬من ‬فنون ‬أخرى ‬وهكذا ‬تطرح ‬نموذجا ‬روائيا ‬مختلفا ‬يرى ‬الرواية ‬فنا ‬أكثر ‬رحابة ‬من ‬المعتاد ‬أو ‬الشكل ‬التقليدى ‬المألوف، ‬والحقيقة ‬أن ‬لعبة ‬السرد ‬بذاتها ‬مشوقة ‬وتمثل ‬إضافة ‬إلى ‬عالم ‬الرواية ‬وألعابها ‬ويكمل ‬المتلقى ‬أحيانا ‬فى ‬القراءة ‬ويستمر ‬ليستطلع ‬حدود ‬هذه ‬اللعبة ‬السردية ‬بالضبط ‬مثلما ‬يمكن ‬أن ‬يكون ‬مشدودا ‬للأحداث ‬أو ‬للصراع ‬الدائر ‬بين ‬أطرافها ‬أو ‬يستكشف ‬تحولات ‬الحياة.‬
٪ ‬٪ ‬٪ ‬
وفى ‬الرواية ‬أيضا ‬توظيف ‬مبهر ‬لتقنية ‬الأحلام، ‬حيث ‬يبدو ‬الحلم ‬أحيانا ‬اختياريا ‬وله ‬تشكل ‬خاص ‬وفق ‬أهداف ‬فن ‬المسرح ‬الذى ‬يمثل ‬إطارا ‬داخليا، ‬فيكون ‬الحلم ‬شكلا ‬مصطنعا ‬وليس ‬الحالة ‬الحقيقية ‬من ‬الرؤية ‬فى ‬النوم ‬كما ‬يحدث ‬فى ‬حالات ‬فنية ‬أخرى ‬بدون ‬هذه ‬التقنية. ‬وبعض ‬الأحلام ‬تستمد ‬الروح ‬ذاتها ‬التى ‬فى ‬ألف ‬ليلة ‬وليلة ‬أو ‬الصورة ‬التراثية ‬التى ‬تصنع ‬حالا ‬من ‬التصادى ‬أو ‬التجاوب ‬الشعرى ‬مع ‬الوحدة ‬التراثية ‬السابقة ‬فيكون ‬هناك ‬تناغم ‬كبير ‬فى ‬النسيج ‬السردى ‬للرواية، ‬وهكذا ‬تكون ‬الرواية ‬قد ‬جمعت ‬بين ‬سحرية ‬ألعاب ‬الأطفال ‬وعوالمهم ‬الغرائبية ‬مع ‬سحرية ‬وغرابة ‬التاريخ ‬أو ‬بعض ‬المكونات ‬التراثية ‬والشفاهية ‬فى ‬ألف ‬ليلة ‬وليلة ‬أو ‬العصر ‬المملوكى ‬بالإضافة ‬إلى ‬سحرية ‬الأحلام ‬وغرابتها، ‬وكل ‬هذا ‬فى ‬إطار ‬يجمع ‬بين ‬الحاضر ‬بإشكالياته ‬وعصريته ‬مع ‬القديم ‬بإشكالياته ‬وقضاياه ‬وأسئلته، ‬فيتوافر ‬فى ‬نسيجها ‬ويجتمع ‬توظيف ‬التكنولوجيا ‬وحروب ‬الشات ‬أو ‬الدردشة ‬الإلكترونية ‬فى ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعى ‬مع ‬عصر ‬الأسواق ‬القديمة ‬والجوارى ‬وبيع ‬النساء ‬والاعتداء ‬عليهن ‬أو ‬انتهاك ‬حرياتهن ‬بوسائل ‬شتى ‬أغلبها ‬يرتبط ‬بالرجعية ‬الدينية ‬سواء ‬على ‬مستوى ‬الجوهر ‬أو ‬المظهر. ‬والرواية ‬فيها ‬بقدر ‬وضوحها ‬مساحات ‬كثيرة ‬من ‬الرمزية ‬والتلميح ‬والانتفاح ‬الدلالى، ‬وبخاصة ‬فى ‬تعبيرية ‬الشخوص ‬وتشكيلاتهم ‬وحركتهم ‬فى ‬المسرح ‬الذى ‬هو ‬حدود ‬العالم ‬وفضاؤه، ‬ومثال ‬ذلك ‬أن ‬من ‬حركة ‬الشخصيات ‬نلمس ‬مثلا ‬أن ‬الرجعية ‬الدينية ‬تلبست ‬بحال ‬من ‬الجماعية ‬أو ‬التعضيد ‬والهتاف ‬الجمعى، ‬فى ‬حين ‬مثل ‬التنوير ‬طاقة ‬فردية ‬كما ‬هو ‬شأن ‬السيد (‬س) ‬فى ‬تحركاته ‬وردوده ‬التى ‬لا ‬تحتاج ‬للشحن ‬والتحفيز ‬والهتاف ‬كما ‬هو ‬الأمر ‬فى ‬حالة ‬الشيخ ‬وائل ‬المتطرف ‬الذى ‬يبدو ‬فى ‬الرواية ‬حالة ‬مركبة ‬وفريدة ‬فى ‬تكوينه ‬المتجذر ‬بالتناقضات ‬والتذبذب، ‬وهو ‬ما ‬أسلمه ‬للتطرف ‬والجهل.‬
وهكذا ‬فإن ‬هذه ‬الرواية ‬على ‬محدودية ‬فضائها ‬السردى ‬الذى ‬يتجاوز ‬مائة ‬صفحة ‬من ‬القطع ‬الصغير ‬تكون ‬قد ‬شكلت ‬حالة ‬خاصة ‬سردية ‬خاصة ‬على ‬قدر ‬متميز ‬من ‬الثراء ‬الجمالى ‬والدلالى ‬ومثلت ‬حراكا ‬فكريا ‬واسعا ‬وتصحب ‬قارئها ‬فى ‬رحلة ‬ممتعة ‬ومحفزة، ‬وتبدو ‬قابلة ‬للنظر ‬والبحث ‬والتأمل ‬فى ‬كثير ‬من ‬من ‬جوانبها.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.