مشاعر كثيرة بداخلنا..تكبر وتصغر ، تظهر و تتوارى. و نعيش معها في حركة دائبة..صعوداً و هبوطا، قربا او بعدًا..حتى يختفي أحدهما. في البداية.. اختفاء الاحساس يؤلم . ومع الوقت، يتبدل بالألم إحساسُ فَقْد، يكبر ليصبح احتياجاً. نفتقد الكثير من المشاعر . و افتقادها يؤلم بدرجات مختلفة ، فقد تفتقد شعورًا مثل الطمانينة ، الأمان ، الحب ، السعادة ، الراحة ..و الكثير من المشاعر الاخرى. يزيد الافتقاد ليتحول إلى احتياج ...يتحول إلى هاجس..الى وحش لا يهدأ..يريد أن يشبع بالسيطرة على كامل الروح ... فيصبح الاحتياج هو البوصلة والمحرك الأساسي لمعظم الأفعال........و هنا يكمن الخطر؛؛ فالاحتياج يدفعنا كثيراً لفعل ما يتنافى مع المنطق و العقل، بل في كثيرٍ من الأحوال يتنافى حتى مع شخصيات البعض منا. فالذي يحتاج الأمان يكون مدفوعا بهاجس البحث عنه دون عقل أو تروٍ، فلا يرى إلاه، يؤمن نفسه و يغلق عليها كل المنافذ التي قد يأتيه منها الخطر ،حتى يجد نفسه فجأة حبيسا لصنيع يديه و لفكرة الخوف من كسر الحواجز حتى لا يعاوده الجوع للأمان و الاحتياج. كذلك المحتاج للسند، للحب ، و للشريك في لحظة معينة ، يسيطر عليه الاحتياج ، فتتلاشى كل المتطلبات الأخرى و لا يري الشريك في حد ذاته ، يكفيه وجود أحدٍ في حياته حتى و إن كان نقيضه أو كان سيسبب له عذابًا او مشقة او حتى لا يتواءم مع طباعه أو شخصيته. لا يهم غير وجوده ..ليسد هذا الباب ، باب سيطرة الاحتياج على روحه ، بغض النظر عن الذل الذي يورثه هذا الاحتياج في سبيل ان يهدأ.. المحتاج لا يرو إلا احتياجه..لا يهم من يلبي هذا الاحتياج..حتى و ان كان سيورده مورد التهلكة او يمعن في إذلاله..المهم ان الشعور بهذا الجوع قد تم اسكاته . فلا تترك نفسك لهذا الاجتياح ليجرفك، فتفقد السيطرة على مقدراتك و علاقاتك و تتلاشى كليا في سبيل تحقيقه. تعلم أن تسيطر على هذا الوحش ، تعلم أن تروض احتياجك بالعطاء..أعطِ الشعور الذي تحتاجه ... تحتاج الأمان؟؟ أمن كل من حولك ، كن حاضرًا من أجلهم ، فوجودك أمان لك و لهم.تحتاج الحب؟؟ أعطه بكثرة. أحب نفسك و اعطها الكثير و لا تتركها فريسة للاحتياج..تحتاج من يستمع؟؟ من يتفهم ؟؟ استمع انت و تفهم، بل و شارك المشاكل و الحل ..ففي مشاركتك فرار من احتياجك و توقف لسيطرته على إدراكك و فكاك من دفعه لك لتشبعه و تريحه .تفتقد السعادة ؟؟ الفرح ؟؟ أو حتى الراحة؟؟ أعطهم لغيرك بكثرة..ابذل كل الجهد في سبيل ذلك. احرص على إدخال السعادة لقلب غيرك حتى و لو بكلمة طيبة. احرص على فرحة غيرك و لو بدعوة . فلعل فيها تعويضا عن شعورك..و لعل فرحتك و جزاء عطائك قريب . اندمج في العطاء تعويضا لشعورك المفقود، ولا تحزن من خذلان غيرك ، و لا تتوقع أن يتفهم الناس دوافعك. فكلٌ يرى الناس بعين طبعه.. و تذكر ، أنت تعطي ما تريد... حتى تُرزق به من العاطي الكريم الوهّاب.