على أرض السلام.. شرم الشيخ، يجتمع اليوم 5000 شاب وفتاة، من شتّى أنحاء الأرض.. اختلفت ألسنتهم وألوانهم، وتوحدت رؤاهم في تحقيق الحلم.. بالعدل، والمساواة، ووأد التشدد، وإعلاء قيمة الإنسان، وذلك في النسخة الثانية، من منتدى شباب العالم، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. جاءوا ليستمع لهم الجميع، على أرض بلد يؤمن بأنهم وقود نهضة الأمم، فأفاض عليهم بسعة الصدر، وكرم الضيافة. ويناقش المنتدى عدة محاور مهمة، في جلسات تبدأ غدا، وتستمر لمدة يومين، تعكس مدى اهتمام الشباب بقضاياهم، ومشاكل أوطانهم، يناقشونها حتى يخرجوا بفائدة تصاغ في توصيات، يعلن عنها، ويتم توضيح كيفية الاستفادة منها، في ختام أعمال المنتدى يوم الثلاثاء المقبل. ومن أبرز القضايا التي يستقطع المنتدى لها وقتا: دور قادة العالم في بناء واستدامة السلام. ولأن إفريقيا قارة تزخر بالثروات والهموم كان لها محور مهم يتناول قضاياها ومشاكلها وطرح حلولها، وما يجب أن تكون عليه، بإستراتيجية زمنية تنتهي عام 2063 من خلال محور « أجندة 2063: أفريقيا التي نريدها». وبعد تغيرات عالمية أدت لفرض جغرافيا جديدة، نتيجة الصراعات في بقاع مختلفة من العالم، وخلّفت دمارا وحروبا بالجملة، أفرد المنتدى محورا مهما لكيفية بناء الأوطان المدمرة، ورأب صدع المجتمعات الممزقة، بمحور جاء بعنوان «ما بعد الحروب والنزاعات: آليات بناء المجتمعات والدول» بالإضافة إلى مناقشة العديد من القضايا العالمية المهمة. تشهد فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ في نسخته الثانية اهتماما على صعيد المحور الإفريقي وتعزيز أوجه التعاون في جميع المجالات والاستفادة من الثروات الهائلة التي تتمتع بها الدول الإفريقية من جهة ووضع الآليات المرتبطة بتأهيل الشباب في إفريقيا على صناعة واتخاذ القرار تمهيدا لتوليهم القيادة في المستقبل، فمنذ عام 2013 بدأت العلاقات المصرية بدول إفريقيا في اتخاذ مسار إيجابي نحو فتح آفاق جديدة للتعاون قائمة على الشراكة والصداقة، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته العام الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 72 بأن إفريقيا تقع موقع القلب في السياسة الخارجية لمصر، فاهتمام مصر بالقارة السمراء وبتعزيز العلاقات مع دولها والاهتمام بقضاياها لم يتوقف عند المدلول الكمي لعدد زيارات الرئيس للدول الإفريقية والتي تمثل حوالي 30% من إجمالي الزيارات الرئاسية الخارجية بل أمتد أيضا لانفتاح مصر على القارة وحرصها على مواصلة تعزيز علاقاتها بدولها في كل المجالات وتكثيف التواصل والتنسيق مع الدول الإفريقية بما يرسخ مكانة قارة إفريقيا، كإحدى أهم دوائر السياسة الخارجية المصرية وكذلك إعلاء مبادئ التعاون الإقليمي وتبنى دور مصري فعال في مجال التنمية البشرية والاقتصادية بهدف تحقيق الأمن والتنمية والتكامل الإقليمي، والعمل على تحقيق تنوع روابط وعلاقات مصر بمحيطها الإفريقي على المستويات الثقافية والإعلامية والدينية تحت شعار منظومة الوحدة الحضارية. الوحدة الأفريقية ومع الاحتفال بمرور خمسين عاما على تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في مايو 2013 وقع الزعماء الأفارقة على وثيقة تم اعتمادها من قبل الاتحاد الإفريقي بعنوان «أجندة 2063 إفريقيا التي نريدها» للبدء في وضع رؤية واضحة لإفريقيا على أن يتم تقسيم تلك الرؤية الخمسينية إلى فترات زمنية مقدار كل فترة 10 سنوات، وتقوم عليها إدارة التخطيط الاستراتيجي بالاتحاد الإفريقي بالتشاور مع كل الأطياف والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية داخل القارة. وأكدت مصر في قمة الاتحاد الإفريقي في دورته العادية ال29 التي عقدت بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا العام الماضي على إعطاء الدفعة المطلوبة لتنفيذ أجندة 2063 للتنمية الشاملة ووضعها ضمن الخطط الوطنية للدول الأعضاء بالاتحاد وإنهاء المعضلة المتمثلة في قارة غنية بالموارد والثروات الطبيعية بينما يعانى عدد كبير من مواطنيها من الفقر.. وتسعى أجندة 2063 خطة للتحول الذاتي لتسخير المزايا النسبية للقارة وتعد بمثابة رؤية وخارطة الطريق للقارة السمراء وتهدف الأجندة إلى إقامة إفريقيا يسودها الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون، وجعل القارة تنعم بالسلم والأمن، على أن تكون دول القارة ذات هوية ثقافية قوية وتراث وقيم وأخلاقيات مشتركة كذلك ربط دول إفريقيا من خلال بنية تحتية ذات مستوى عالمي من خلال حملة منسقة لتمويل وتنفيذ مشروعات البنية الأساسية في قطاعات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالإضافة إلى إنشاء «منطقة التجارة الحرة القارية» وصولا لمضاعفة التجارة الإفريقية البينية بحلول عام 2022 ووضع برامج رئيسة للقضاء على الفقر بحلول عام 2025 وإطلاق ثورة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار وتحويل الاقتصاديات الإفريقية وضمان نموها وتوجيهها نحو التصنيع من خلال العمل على إثراء الموارد الطبيعية وتحديث الزراعة الإفريقية وزيادة القيمة المضافة والإنتاجية بحلول عام 2025 وتحقيق التكافؤ بين الجنسين في كل المؤسسات العامة والخاصة بحلول عام 2020 إلى جانب إصدار جواز سفر إفريقي وإلغاء التأشيرات بين الدول الإفريقية.. كما تهدف الأجندة إلى تعبئة الموارد الإفريقية وبناء أسواق رأسمالية قارية ومؤسسات مالية، إضافة إلى التعلم من التجارب المتنوعة لمختلف البلدان والأقاليم وقد وضع منتدى شباب العالم هذا العام أجندة إفريقيا 2063 ضمن أولويات المناقشات حيث يشهد المنتدى جلسات مثمرة حول وضع تصور بما يحقق النمو الاقتصادي في جميع أنحاء القارة السمراء.. جيل المستقبل فيليكو بدرو أحد الشباب المشاركين في المنتدى من غانا قال إن أساس التنمية فى القارة الإفريقية يبدأ من التعليم وإخراج جيل المستقبل من القادة ويكون لديهم استعداد لقيادة أفريقيا إلى الأمام مشيرا إلى أن إفريقيا لديها إمداد هائل من الشباب الموهوبين الذين يفتخرون بقارتهم ويدركون إنها سوف تكون صوتًا رائدًا في تشكيل المستقبل داخل القارة من خلال التكنولوجيا والأعمال الرقمية والتفكير الإبداعي فالقارة بأكملها تمتلك الموارد التي تؤهلها لتكون قوة اقتصادية. وأضاف أنه يؤمن بأن كل الدول في القارة السمراء سوف تتحد لسبب واحد وهو الحاجة إلى التقدم والتطوير وهذا لا يمكن أن يتحقق بدون تشكيل التعاون فيما بينها وبناء الروابط التي تعزز النمو السريع والأهمية موضحا أن د.كوامى نكروما الذي لعب دورًا رئيسيًا في تكامل الدول الأفريقية قال «من الواضح أنه يجب علينا إيجاد حلول إفريقية لمشاكلنا وأن هذا لا يمكن أن يوجد إلا في الوحدة الأفريقية لتصبح إفريقيا واحدة من أكبر قوى للخير في العالم «، ويرى فيليكو إن أجندة 2063 «أفريقيا التي نريدها» تضمن تغييرات تركز على الاقتصاد والحوكمة والتنمية الاجتماعية والثقافية ويمكن تنفيذها لتكون مزدهرة على أساس النمو الشامل والتنمية المستدامة التي تسعى إلى استئصال الفقر من شعبها، موضحا أن الشباب الإفريقي يتطلع لرؤية النمو في قارتهم وهناك حاجة متزايدة لتمكينهم من القيام بذلك مشيدا بتجربة مصر ورؤيتها بشأن رفع جيل من القادة الذين سيتخذون القرار الصحيح من أجل التنمية. التحول الاجتماعي أما مايسة مولى من شباب السودان المشاركين في المنتدى، فقالت إن العالم كله الآن يسلط الضوء على أفريقيا لأن مستقبل العالم داخل دولها لما تمتلكه القارة السمراء من الموارد الطبيعية والبشرية وخاصة الشباب، كما أن العديد من البلدان الأفريقية بدأت في تطوير جميع مؤسساتها مشيرة إلى أن أجندة التحول الاجتماعي والاقتصادي في أفريقيا لعام 2063 مخططة بشكل واضح وقابل للتطبيق في أفريقيا على مدار الخمسين سنة المقبلة. وأوضحت أن تجربتها في عملها كوكيل للسلام تفاعلت فيها مع شباب من جميع أنحاء أفريقيا مثل نيجيريا وكينيا وإثيوبيا وبوتسوانا، والصومال وبوروندي وجزر القمر ووجدت أن القارة تمتلك شبابا أقوياء ومبدعين وكل ما يحتاجونه مساحة لتحقيق تغيرات عظيمة وهذا يحتاج أن يتاح لهم إمكانية القيادة والمشاركة في صنع القرار حيث يعد منتدى شباب العالم فرصة لمنحهم فرصة للتفكير وتبادل الأفكار والخبرات والمعرفة والانخراط مع الحكومات والمنظمات الدولية. ديالو من الشباب المشاركين من غينيا فى المنتدى قالت إن التحديات التي تواجهها القارة الإفريقية كثيرة ولكن يمكن التغلب عليها بالتصميم على تحقيق الأهداف المشتركة لجميع بلدان القارة ويجب أن يكون التركيز على واقع القارة من أجل وضع برنامج تنمية محددة لتكون أفريقيا قادرة على مضاهاة البلدان المتقدمة الأخرى ومن المؤكد أن القدرات الإنتاجية ومستوى النمو والتقدم التكنولوجي يختلفان من بلد إلى آخر لكن يجب أن نجد الاتفاقات التي ستسمح لنا بالعيش متحدين وموحدين للتقدم وأوضحت أن المنتدى سيكون فرصة للشباب الأفريقي للتشاور واقتراح حلول ملائمة وعلى رأسها الارتقاء بجودة تعليم هذا الشباب وتكييف سياسة التوجيه التربوي مع الاحتياجات الحالية للقارات والعوامل الرئيسية لخطة تنمية واضحة المعالم بحيث يكون القادة في المستقبل قادرين على رفع مستوى تنمية القارة. العملة الموحدة وقال أحمد ناجى أحد المشاركين من مصر في المنتدى إن فرص الاستثمار بالقارة السمراء واعدة لما لديها من مقومات بشرية وثروات طبيعية وتوجه العالم منذ 2015 للاستثمار في أفريقيا لأنها سوق ناشئ وواعد وتعد مصر أفضل بوابة لتكوين نظام بيئي آمن للاستثمار بفضل العلاقات المصرية الدبلوماسية الجيدة بينها وبين دول أفريقيا الذين يرون في مصر القائد لذلك الاتحاد والتعاون التجاري بحكم الطبيعة الجغرافية وبحكم الخبرة العلمية والثقافية والمناخ الأمن الذي استطاعت مصر تحقيقه في سنوات قليلة بينها وبين دول أفريقيا وعلى صعيد إقليمي لدول أفريقيا فإن الاتحاد الأفريقي قد صرح في 2016 بالإعلان عن جواز السفر الأفريقي الذي سيكون متاحا للشعوب الإفريقية الأعضاء بحلول عام 2020 وذلك الجواز سيتميز حامله بدخول 54 دولة افريقية بدون تأشيرة وتلك خطوة تمهيدية لبناء اتحاد إفريقي قوى قائم على الشراكة الإستراتيجية ثقافيا واقتصاديا وتسهيل المعاملات التجارية ونقل البضائع بين الدول الأعضاء متوقعا الإعلان عن عملة افريقية موحدة بحلول عام 2022.