أثار مناقشة قانون تنظيم الفتوى جدلا واسعا حول أحقية أئمة وزارة الأوقاف في الفتوى، بعد رفض هيئة كبار العلماء وموافقة اللجنة الدينية على أحقية الأئمة بالفتوى. وحسمت اللجنة الدينية الأمر، بإعلان أن القرار سيكون في الجلسة المقبلة بعد مناقشة القانون بالجلسة العامة بمجلس النواب.
وخلال هذه الفترة كانت مواقف الرموز الدينية حول القانون متباينة، ترصدها «بوابة أخبار اليوم» في التقرير التالي..
وكيل الأزهر: تنظيم الفتوى بين التزييف والواقع
الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، قال إن البعض يستغل قانون تنظيم الفتوى ويناقشه إعلاميًا وصحفيًا كما لو أن هناك حرب بين الأزهر والأوقاف.
وأضاف أن البعض ادعى أن هيئة كبار العلماء تمنع الأئمة بوزارة الأوقاف من الإجابة على أسئلة المصلين وجماهير الناس الذين يلتقونهم في ندواتهم ومجالسهم، فضلا عن بيان أحكام شريعة الإسلام في خطبهم، وهذا غير صحيح على الإطلاق.
ولفت إلى أن المادة الثانية المقترحة من هيئة كبار العلماء حصنت العاملين في المجال الدعوى من العاملين بالأزهر أو الأوقاف من الملاحقة بدعوى تعرضهم للإفتاء، معتبرة ذلك من صميم عملهم وليس تصديا للفتوى المقصود تنظيمها بهذا القانون.
وأضاف أن الخلاف الحقيقي هو في تحديد الجهة التي ترخص للمؤهلين بالإفتاء من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو أمر ضروري ولا توجد دولة في العالم تعاني من فوضى وعشوائية الإفتاء كما هو الحال عندنا.
وتابع: « في جميع الدول الإسلامية توجد جهة واحدة تختص بالإفتاء والترخيص به، وقد حددها القانون المقترح بهيئة كبار العلماء باعتبارها المرجعية الأعلى بالمؤسسة المعنية بالشأن الديني بنص الدستور، ولذا فإن الأزهر الشريف وهو المعني بالشأن الديني لا يصدر تصريحا بالخطابة للعاملين به ويحصلون عليه من وزارة الأوقاف إذا كانوا من غير العاملين في مجال الوعظ، فلا داعي للمزايدات والتدليس على الناس على خلاف الحقيقة».
وكيل الأوقاف: المصلحة عدم إقصائنا
الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، أوضح أن الوزارة قدمت لمجلس النواب، من المستندات والحجج والأسانيد ما يؤكد حق علمائها وأئمتها في الفتوى، وأن المصلحة الشرعية والوطنية معا تقتضي عدم إقصاء الأئمة.
وأضاف أن أي إقصاء للدعاة يفسح المجال لفتوى غير المتخصصين، كون الأئمة هم الأقرب إلى الناس بحكم معايشتهم لهم على مدى اليوم ببيوت الله، يذهب إليهم الناس في كل ما مكان، إضافة إلى مئات الأئمة الذين ينشرون الفكر الوسطي ويقومون فعلا بعملية الإفتاء في المراكز الإسلامية بمختلف دول العالم، وفِي المساجد الكبرى على مستوى الجمهورية، ويعدون نماذج مشرفة للأزهر وسفراء هداية وسلام لمصر.
رئيس اللجنة الدينية: الأوقاف حق في الإفتاء
وفصل للدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، في الأمر باعتماد اللجنة ما قدمته الأوقاف، وأقرت بحقها في الإفتاء. وقال العبد إن الأوراق التى قدمتها الوزارة والتى تفيد بوجود الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، وبالتالى الإبقاء على وجود «إدارة الفتوى بالأوقاف» فى مشروع القانون. وأوضح أن الكلمة الأخيرة ستكون للجلسة العامة لمجلس النواب عندما يعرض مشروع القانون للمناقشة، مؤكدا أن ما جرى يعد اختلافا وليس خلافا بين هيئة كبار علماء الأزهر ووزارة الأوقاف.
مظهر شاهين: منع الأئمة تصفية حسابات
وقال الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، إن الأئمة لن يتنازلوا عن حقوقهم في الدفاع عن الأزهر، ولو استدعى الأمر لوقفة سلمية قانونية أمام البرلمان للدفاع عن حقوقهم التي يريد البعض سلبها لأمور لا نفهمها، أو لتصفية حسابات شخصية على حساب الوطن».
وأعلن رفضه محاولات «الأزهر المستميتة» - حسب وصفه - من أجل إقصاء أبناء الأوقاف عن القيام بدورهم
داعية سلفي: قانون غير شرعي
وعلق الداعية السلفي سامح عبد الحميد، بأن هذا القانون غير شرعي، لأن الشرع يحض أهل العلم على بذل علمهم ونفع الناس، وإجابة من يحتاج ليتعلم أمر دينه، والحل في فتح المجال للمؤهلين، ومحاسبة من يُفتي بغير علم ليُضل الناس.
واقترح عبد الحميد، بعض الطرق لتفادي الصدام مع هذا القانون، قائلا: «بدائل لا يُجرمها القانون»، ومنها نقل الفتاوى عن السلف والأئمة الأربعة واللجنة الدائمة للإفتاء وغير ذلك، وبذلك لا نسند الفتوى لنا ولا تكون صادرة منا.
وأضاف في مقترحاته خروج الكلام على هيئة رأي فقهي وليس فتوى، بمعنى أن نتحدث عن رأينا الفقهي واختياراتنا لهذا الموضوع أو ذاك ، فلا حكر على حرية الرأي.
مدرس بالأزهر: الحل في وضع منهج الإفتاء
وناقش الدكتور محمد مأمون أبو ليله، مدرس مساعد بجامعة الأزهر، قانون الفتوى قائلا الذي أراه في هذا الموضوع أن يكون كالتالي:
- إما أن لا تحدد جهة مسؤولة عن الإفتاء أصلا، بل يحدد منهج للإفتاء، ويكون هناك بروتوكول تعاون بين الأزهر الشريف والقنوات الفضائية لا يتصدر فيه الأزهر بصورة رسمية قانونية صريحة القنوات الإعلامية، مع منع غيره من الظهور؛ بل يظهر من شاء من المؤهلين علميا، ويؤخذ رأي الأزهر فيه قبل ظهوره، ويتابعه بعد الظهور، مع الاتفاق على ميثاق يتضمن عدم الطعن فى الثوابت، ويشمل ذلك المصادر والعلماء، وعدم التعرض للأزهر، والأخذ في الفتاوى بالأقوال المعتمدة لا الشاذة، وعدم إثارة الآراء الغريبة، وعدم إحياء الأقوال الميتة، وعدم الطعن فب أقوال المذاهب أو المخالفة لرأي المتكلم، وعدم إثارة النعرات الحزبية، أو الطائفية، والتكلم فيما يفيد وينفع، لا فيما يخرب ويهدم.
وللأزهر الشريف الحق في تنبيه القناة بإبعاده إذا رآه انحرف عن النهج السديد، وتضمن مؤسسات الدولة تنفيذ ومتابعة هذا العقد، لكونه يصب فى مصلحة الدولة أولا وأخرا، ومن باب الحفاظ على الأمن والسلم العام.
- أو تُضم دار الإفتا، تحت عباءة الأزهر الشريف إداريا في هذه النقطة، ويقتصر الإفتاء في القنوات الإعلامية على من يرشحه الأزهر والأوقاف بالتعاون معها.
- أو إلغاء برامج الفتوى أصلا من القنوات الفضائية، فماذا سيحدث لو تم إلغاء برامج الفتاوى أصلا خاصة تلك التي يتصدرها غير المتخصصين، ونوجه الناس إلى دور الإفتاء والأزهر الشريف والمؤسسات الدينية في كل بلدة؟ وتخرج الفتوى معتمدة مختومة من قائلها.
- وإذا تم منع وزارة الأوقاف من الفتوى بصورة رسمية في الإعلام ووسائل التواصل لتوحيد جهة الفتوى، فلا بأس بذلك، على أن يتم التغاضي عن فتاوى الأئمة في المساجد والندوات لمن يسألونهم، وليس بصورة ابتدائية معلنة، فمنع ذلك صعب ومحال.