ساهمت القرارات التي اتخذها البنك المركزي المصري برئاسة طارق عامر، خلال العامين الماضيين، في القضاء على السوق السوداء للدولار،رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر. وقامت البنوك العاملة في السوق المحلية، بدورها الوطني في الحفاظ على العملة الأجنبية وتوفيرها لشراء السلع الأساسية، فقد قامت بتمويل عمليات استيرادية تجاوزت قيمتها 150 مليار دولار، خلال الفترة الماضية، عقب قرار البنك المركزي، في 3 نوفمبر 2016، بتحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل أمام العملات الأجنبية، وفقا لآليات العرض والطلب. قرار البنك المركزي، استهدف القضاء على السوق السوداء للدولار، بعد أن تجاوز سعره ال 20 جنيهًا قبل تعويم الجنيه بأيام قليلة ، في الوقت الذي كان يباع في البنوك ب 8.88 جنيه، أي بفارق 11.20 جنيه عن السعر الرسمي، وبالفعل نجح البنك المركزي في أن تتحول عمليات بيع وشراء العملات من السوق السوداء لتتم من خلال البنوك، بعد تفويضها في تحديد أسعار العملات وفقًا لآلية العرض والطلب. القوة الشرائية نجح البنك المركزي، في القضاء على عمليات «الدولرة» والمتاجرة في العملات الأجنبية خارج القنوات الرسمية، وتحولت عمليات الشراء والبيع من السوق السوداء للبنوك وشركات الصرافة وفقا لآلية العرض والطلب. وبالتزامن مع ذلك قام البنك المركزي، من خلال البنوك العامة بتعزيز القوة الشرائية للجنيه المصري من خلال أدوات السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة على الأوعية الادخارية الأساسية من 10% إلى 19.75% سنوياً ، مما أدى إلى تدفق أكثر من 340 مليار جنيه في هذه الأوعية ليتم تحقيق عائد حقيقي للعملة المحلية على مدى ال 3 سنوات القادمة يبلغ 40%، إضافة إلى تخفيض معدلات التضخم .
قوائم انتظار تمكنت البنوك المصرية من تحمل أعباء هذه العوائد نتيجة مراكزها المالية القوية وأرباحها المتعاظمة ، والذي جاء نتيجة طبيعية لخطة إصلاح البنوك الشاملة التي تمت في الفترة من عام 2004 إلى عام 2008 والتي قادها البنك المركزي حينذاك بكفاءة كبيرة وأصبحت البنوك المصرية في مؤشراتها المالية ومراكزها تفوق مؤشرات البنوك في كثير من دول العالم. واستهدف البنك المركزي في الفترة الوجيزة الماضية، وعلى المدى القصير جدا، التعامل مع مشكلة الزيادة فى أسعار السلع بصورة غير منطقية والناجمة عن زيادة الطلب على النقد الأجنبي لسداد التزامات الموردين الأجانب ، حيث شرع البنك المركزي والبنوك المصرية في خطة عاجلة لتسيير حركة التجارة الخارجية من أجل توفير مستلزمات الإنتاج الضرورية والسلع الأساسية الاستهلاكية للمواطن المصري، وبالفعل نجحت البنوك في توفير نحو 150 مليار دولار لهذه العمليات نتيجة زيادة حصيلتها من العملات الأجنبية من تنازل العملاء عنها والتي تجاوز ال 80 مليار دولار، بجانب ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج ل24 مليار دولار، وتراجع حجم الواردات وارتفاع الصادرات.
الدولار يتراجع وفى إطار تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، ومناخ الاستثمار في مصر، استطاع البنك المركزي الحفاظ على مستوى احتياطياته الدولية بالرغم من سداد الالتزامات الخارجية التي تجاوزت 30 مليار دولار خلال العام الماضي، وتجاوز الاحتياطي النقدي لأول مرة حاجز ال37 مليار دولار. ونتيجة لذلك استطاعت البنوك المحلية، تلبية جميع متطلبات عملائها من العملة الصعبة سواء لاستيراد السلع الأساسية وغير الأساسية والقضاء على قوائم الانتظار، وانعكس ذلك على تراجع الدولار بنحو 13 قرشًا مقابل الجنيه المصري خلال الأيام الماضية نتيجة تراجع الطلب على العملة الأمريكية وتراجع المضاربة على العملة. ويباع الدولار في البنوك اليوم 17.65 جنيه للشراء و17.75 جنيه للبيع.