حرب طاحنة تدور بين البنك المركزي المصري، بقيادة طارق عامر، وبين المتاجرين والمضاربين بالدولار في السوق السوداء، ويستغل محركي السوق السوداء، مواقع التواصل الاجتماعي لبث شائعاتهم بتراجع سعر الجنيه المصري، أمام الدولار الأمريكي، وأن العملة الصعبة شحيحة بالسوق، ليتهافت الأفراد، والراغبين في تحقيق الأرباح على شراء الدولار من السوق الموازية، طامعين في ارتفاع أسعاره خلال الفترة المقبلة. «استغلال وسائل الإعلام» ويروج المضاربون بالدولار في السوق السوداء، أن سعر الجنيه سينخفض مرة أخرى، وأن سعر الدولار سيرتفع ليصل ل 12 جنيها بنهاية شهر يونيو المقبل، مستغلين وسائل الإعلام لترويج هذه الشائعات، خاصة أنه لا يوجد إيصالات أو ما يثبت أن سعر الدولار يباع حاليًا بالسوق السوداء ب 10 جنيهات، في الوقت الذي يثبت فيه البنك المركزي، سعر صرف الدولار عند 8.88 جنيه. ويترقب المضاربين بالدولار، إجراءات البنك المركزي المصري، خلال الأيام المقبلة، سواء بقرارات استباقية كقرار تخفيض سعر الجنيه بنسبة 14.5% أمام الدولار الأمريكي، أو كقرارات جاءت كرد فعل للسيطرة على سعر صرف الدولار بالسوق المحلية، نتيجة الطلب المتزايد والملح من جانب المستوردين، كقرار إلغاء حد السحب والإيداع بالدولار أمام الأفراد والشركات. والمتابع لتحركات سعر الصرف بالسوق الرسمية والسوداء، يلاحظ أن سعر الدولار بالسوق السوداء لم يستقر منذ شهر تقريبًا بين الصعود والهبوط، بمبرر أو دون مبرر، ففجأة قفز سعر الدولار بالسوق الموازية، نهاية شهر فبراير من 8.60 جنيه ل 9.50 جنيه، في الوقت الذي ثبت فيه البنك المركزي سعر الدولار بالبنوك عند 7.83 جنيه وبشركات الصرافة عند 8.20 جنيه. «إجراءات البنك المركزي» وأتخذ البنك المركزي سلسلة قرارات جريئة، في سبيل محاصرة السوق السوداء للدولار الأمريكي، لكن كان أكثرها جراءة ضخ 2.6 مليار دولار بالبنوك الرسمية عن طريق العطاءات الدولارية، بهدف توفير السيولة النقدية من العملة الأجنبية اللازمة لتلبية احتياجات العملاء، والمستوردين والمصانع لشراء السلع الاستراتيجية وخامات ومستلزمات الإنتاج، وسداد التزاماتهم المالية. وقام البنك المركزي، مطلع الشهر الجاري بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 14.5 % أمام الدولار الأمريكي، بمقدار 112 قرشَا، بهدف إعطاء الفرصة للبنوك لزيادة نسبة العائد على الشهادات الإدخارية بها، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية. وتوقفت حركة البيع والشراء بالسوق السوداء للدولار، وعادت متراجعة وسط ارتباك من جانب المضاربين بالعملة الأجنبية في السوق المحلية، نتيجة لقرارات وإجراءات البنك المركزي، للحفاظ على استقرار سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، وتراوحت سعر الدولار بالسوق السوداء بين 9 جنيهات و 9.25 جنيه خلال الأسبوع الأول من شهر مارس الجاري. وقام محافظ البنك المركزي، طارق عامر، بتفعيل لجنة التنسيق بين السياسات النقدية والمالية بين «المركزي» والحكومة، حتى يتم اتخاذ مواقف فعالة وواقعية، لوضع رؤية موحدة للسياسة النقدية لمصر، خلال المرحلة المقبلة. واتخذ «عامر» عدة إجراءات من شأنها القضاء على السوق السوداء للدولار وزيادة الحصيلة الدولارية في القطاع المصرفي، كإصدار شهادة بلادي الدولارية للعاملين المصريين بالخارج، وبالتوازي مع ذلك قام بنكي الأهلي ومصر برفع العائد السنوي، على الشهادات الادخارية بالدولار للمصريين بالسوق المحلية، ليصل العائد على الشهادات الدولارية للمصريين ل 5.75 .%. «شهادة الجنيه المصري» وتزامنًا مع ذلك، أصدر بنكا الأهلي ومصر، شهادة الجنيه المصري والمايسترو، بعائد 15 %، لمدة 3 سنوات، في حالة تحويل المدخرات بالعملات الأجنبية للجنيه لتحفيز المواطنين على شراء الشهادة، بشكل سريع مقابل التنازل عن العملات الأجنبية المختلفة، بهدف ضخ سيولة أجنبية بالبنوك الرسمية، للقضاء على المضاربات الخاصة بالعملة، ولتعويض انخفاض الدخل القومي من العملة الأجنبية نتيجة تراجع السياحة. «إغلاق 5 شركات صرافة مخالفة» وأغلق البنك المركزي، الخميس الماضي، شركتي صرافة لتلاعبهما في سعر صرف الدولار، كما أغلق ثلاث شركات صرافة مخالفة شهر فبراير الماضي، وبذلك يصل عدد الشركات التي أغلقت نتيجة عدم التزامها خلال الفترة الماضية لخمس شركات. ويقوم البنك المركزي، بمتابعة سوق الصرف وتنفيذ حملات تفتيشية على محلات الصرافة العاملة بالسوق المحلية، لضبط الشركات المخالفة لتعليمات بيع العملة الأجنبية، وتنفيذ العقوبات على الشركات المخالفة، والتي تتضمن إغلاق الشركات لمدة تترواح بين شهر إلي 3 أشهر، كما تتضمن شطب الشركات نهائيًا حال تكرار المخالفة. «استقرار سعر الدولار مع إحكام الرقابة على الأسواق» وتشير التوقعات إلى أن سعر صرف الدولار سينخفض مرة أخرى لحدود ال 9.50 جنيه، في حالة إحكام الرقابة والتشديد على شركات الصرافة والسوق السوداء للدولار، وتطبيق العقوبات الغليظة مع المخالفين. كما أن الأرقام الأولية لحصيلة شهادة الجنيه المصري والمايسترو تؤكد وجود إقبال من جانب المصريين على دعم الاقتصاد المحلي، واستثمار العملة الأجنبية من خلال القنوات الرسمية، فحصيلة بيع شهادة الجنيه المصري بالبنك الأهلي حتى اليوم بلغت 500 مليون جنيه.