الملكة سونيا قالت انها قرأت كثيراً عن الأهرامات؛ وعن ملوك الجيزة؛ ولكنها معجبة بالملك منكاورع - حفيد الملك خوفو وابن الملك خفرع للأساطير التي قيلت عن هرمه الملكة سونيا هي ملكة النرويج.. ومعروف عنها البساطة والتواضع وعدم التكلف في الحديث أو الأفعال. وقد فسر البعض ذلك لأنها لا تنتمي إلي أصول ملكية؛ وأنها لم تتخل عن طبيعتها المرحة حتي بعد أن أصبحت ملكة للنرويج. والابتسامة لا تغيب عن وجه الملكة سونيا؛ وهي علي ثقافة عالية تعشق القراءة في كتب التاريخ والآثار. عندما حضرت إلي مصر قام الفنان فاروق حسني بدعوتها علي حفل عشاء في منزله المطل علي النيل؛ وقد دعي علي شرف وجودها الكتاب والمثقفون والفنانون؛ ووجدت الملكة متأثرة جداً بهذا الحفل وعندما ألقت كلمتها أكدت أن هذا الحفل سيظل له طعم خاص عندها وأنها سعيدة بوجودها وسط رموز الفن والأدب والثقافة في مصر. وقد فوجئت ونحن نتناول العشاء بالملكة تقول لي أنها قرأت كثيراً عن الأهرامات؛ وعن ملوك الجيزة؛ ولكنها معجبة بالملك منكاورع - حفيد الملك خوفو وابن الملك خفرع. وسألت الملكة سونيا عن سبب هذا الإعجاب؟ وقلت لها إن كل من زار منطقة الهرم لا يتحدث سوي عن الملك خوفو؛ وعن هرم الملك خوفو؛ ولا أحد يذكر سواء ابن أو حفيد الملك خوفو وهرميهما إلي الجنوب من الهرم الأكبر؟! وأجابت الملكة سونيا بأن إعجابها بمنكاورع هو في الحقيقة إعجاب وحب للأساطير التي قيلت عن هرمه! لقد ذكر هيرودوت أن هذا الهرم يخص الأميرة رادوبيس ابنة الملك خوفو؛ وأنها كانت تعمل بالبغاء وتطلب من كل عاشق أن يحضر لها حجرا لكي يبني أبوها هرمه؛ وعندما إكتمل البناء قامت باستخدام الأحجار المتبقية في بناء هرمها الخاص! هذا بينما قال المؤرخ المصري السمنودي إن هذا الهرم يخص الملكة الجميلة ذات الشعر الأشقر والبشرة الوردية والمعروفة باسم نيتوكريس. وبالطبع قلت للملكة إن هرم الملك منكاورع بني من الحجر الجيري والجرانيت الذي جاء من محاجر أسوان علي بعد حوالي 900 كيلومتر من الجيزة. إن ما ذكره هيرودوت لا يمت للحقيقة بحال من الأحوال؛ وهو مجرد كلام سمعه من الأدلاء الذين قابلهم في منطقة الهرم عند زيارته لها حوالي 450 ق.م أي بعد ما يقرب من 2000 عام علي بناء الأهرامات! هؤلاء الأدلاء يمتعون الزائرين بالقصص والحكاوي الخيالية طمعا في أموال الزائرين.. ومثل هؤلاء الأدلاء يمكن أن تجديهم إلي يومنا هذا في هضبة الجيزة يعرضون الجمال والكارتات علي الزائرين ومن يقبل يسمع منهم قصصا وأساطير من وحي الخيال وليس لها أي أساس من الحقيقة. جاءت الملكة سونيا في اليوم التالي إلي هضبة الجيزة وقمت بدعوتها علي الغداء في حديقة المينا هاوس ومن خلفنا الأهرامات وحدثتها عن كيفية بناء الهرم الأكبر وأسرار الاكتشافات الأثرية؛ وعن دور المرأة الفرعونية في بناء الأهرامات. وحضر طعام الغداء وقالت إن كل شيء في مصر ساحر جميل؛ وأن مصر بلد لا مثيل له علي أرضها قامت أعظم وأطول حضارة إنسانية عمراً وأكثرها إنتاجاً. توجهت والملكة بعد الغداء إلي متحف مركب خوفو المعروف بمركب الشمس؛ وكانت في غاية السعادة والإنبهار بالإعجاز المصري القديم. وقبل نهاية الزيارة قمت بإهداء الملكة كتابي عن كنوز الأهرامات باللغة النرويجية وعندما رأيت الدهشة علي وجهها أخبرتها أن هذا الكتاب تمت ترجمته إلي 13 لغة.